أذا عرف السبب _ (21) أكتوبر .. تحالف جديد و(7) كروت للعسكر _ أسامة عبد الماجد

يقول ياسر عرمان نعم لمسيرة 21 أكتوبر، لأنها تعزز وحدة قوى الثورة وتوجه صفعة للنظام السابق .. والمؤتمر السوداني يؤكد أنه مع أي حراك يهدف للتنبيه لأوجه القصور.. مع الحرص على تفويت الفرصة على من أسماهم بـ(أذيال النظام السابق) الذين يعملون على توظيف الحراك لتخريب الفترة الانتقالية.

وتجمع المهنيين قبل أيام أعلن تأييده حراك 21 أكتوبر ودعا للخروج للشارع ضد السُلطة الانتقالية لأدائها الذي وصفه بالمضطرب والضعيف.. مع إشارته إلى أن الضائقة المعيشية ما عادت محتملة والتفلتات الأمنية ما زالت قائمة .. والحزب الشيوعي نفسه دعا إلى الخروج، للمطالبة بتحقيق أهداف الثورة.

وحتى محمد سيد أحمد من الحزب الاتحادي المعارض قال إنه سيقود التظاهرات والمواكب غداً .. وبذلك لم يتبقَ إلا رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وولاء البوشي وداليا الروبي الوحيدين الذين لم يعلنوا الخروج للشارع بالأربعاء.

ما هذا الهراء؟.. المشهد السياسي بالبلاد مثل مسخ مشوه.. مسرح عبثي، وفوضوي لأبعد الحدود.. تضخيم ليوم 21 أكتوبر أكثر من اللازم .. كل شخص أو جهة أعلنت خروجها يبدو حديثها يفتقر للمنطق خاصة كل الجهات أعلاه لأنها التحالف السياسي الذي شكل هذه الحكومة .. ومع ذلك يقول (حكومة بت الكب).

سيكون يوم 21 أكتوبر يوماً مثل كثير من الأيام التي خرجت فيها احتجاجات ومسيرات .. المشهد سيكون فوضوي من إغلاق للشوارع وشل لحركة المرور.. وتغيب للعاملين بالدولة وتضرر من لهم إجراء بدواوين الحكومة .. مع خسارة فادحة لعمال اليومية أصحاب (رزق اليوم باليوم).. علاوة على امتلاء الهواتف بصورة سمجة ومكررة لأدعياء البطولات.

لن يحدث أي تغيير .. لأن التغيير والانقلاب لا يتم الإعلان عن موعده، يأتي مفاجئاً .. والقوات المسلحة منفذة الانقلابات هي الآن حاكمة ولا تجلس على مقاعد المتفرجين .. والحُكام العسكريون، جاءوا من الصفوف الخلفية وبعضهم شخصيات (مغمورة) أصبحت (مشهورة) .. هم أنفسهم سيحملون السلاح لو شعروا أن جهة ما تريد إبعادهم عن السُلطة.

ولو كان العسكر ينوون التنحي وإعطاء الحُكم للمدنيين لفعلوا عقب فض الاعتصام .. لكنهم تمسكوا وبقوة حتى ثبتوا حقهم رسمياً في الحُكم مع المدنيين بواسطة الوثيقة الدستورية التي لا بواكي عليها .. ثم لنفترض أن العسكر (المصطلح هنا يشمل كذلك الدعم السريع) سينقلبون على (قحت) .. لمصلحة من يفعلون ذلك؟.

هل كي ينهض البرهان من كرسيه ليجلس عليه قيادي بالوطني .. أو يغادر حميدتي مكتب النائب الأول ليهيم في بوادي دارفور ؟ .. بالطبع لن يفعلوا ذلك، لحزمة أسباب .. أولاً تم تصفير عداد الفترة الانتقالية .. ومرجح أن يستمر البرهان رئيساً طوال الفترة الانتقالية .. ثانياً قويت شوكة العسكر بالتقارب مع إسرائيل ومدوا حبل الوصال مع الإدارة الأمريكية كما أنهم صنعوا سلاماً بجوبا.

ثالثاً ظفروا بحليف جديد وقوي داخل الحكومة وداخل (قحت) في ذات الوقت وهي الجبهة الثورية .. وهو حليف قوي وسيدافع – بل دافع –بقوة عنهم وثبت لهم حقهم في التغيير .. ثم إن الثورية ستكف أي أذى قد يلحق بالعسكر من قحت وكذلك هي مصادمة .. مع العلم أن للعسكر حلفاء داخل (قحت) أبرزهم حزب القومي لكنه متردد ويدافع عنهم باستحياء ويتحاشى المواجهة.

رابعاً أن قدوم الثورية سيصرف الأنظار عن العسكريين وسيخطف البريق السياسي عن قيادات وقوى (قحت).. لذلك هرول بعضهم للتحالف مع عبد العزيز الحلو .. خامساً العسكريون لا يتحملون أي عبء أخلاقي جراء سوء الأوضاع الاقتصادية (هل سمعتم يوماً أحدهم هتف أو كتب أرحل يا برهان ؟)، باعتبار أن مجلس السيادي شرفي لا تنفيذي.

وبالتالي هم مطمئنون أن الحديث عن السقوط لا يليهم .. سادساً تعاملوا بذكاء مع المحكمة الجنائية وأمس أكدوا استعداد الحكومة للتعاون معها (لقاء حميدتي/ بنسودا).. قد يحاول البعض إحداث الوقيعة بين القوات المسلحة والدعم السريع لكنها لن تثمر بشقاق .. لأن قوة حميدتي في تحالفه مع الجيش لا في قواته.. سابعاً من مصلحتهم بقاء هذه الحكومة لسيطرتهم على الاقتصاد وملف السلام ومجلس السيادة.

ثم إن الذي يوحدهما أنهما في نظر النظام السابق خانا العهد – وتطلق بكثافة صفة خائن على حميدتي – وهذا ليس بصحيح .. وذلك أن معادلات التغيير جاءت بالبرهان ودقلو، هذا أن لم تكن فرضت عليهما.. أما بالنسبة للنظام السابق .. لا يوجد أدنى فرصة تمكنه من العودة الآن .. وهي منعدمة تماماً لغيابه الكامل والغريب عن الشارع منذ السقوط .. ولعدم تشكيله أي حضور مجتمعي.

أما ما يُسمى لجان المقاومة ستظل منقادة ولن تقود .. بعد فشلها الذريع في تنظيم صفوف الوقود وتوزيع الدقيق .. وبعد عجزها عن تحويل شعار (حنبنيهو) إلى واقع بالقيام بأعمال النظافة والتشجير .. وخلق المبادرات الخاصة بحل أزمة المواصلات .. وتفعيل نشاط الأندية في الأحياء والفرقان .. والكف عن اقتحام مقار المحليات وتعطيل العمل .. وعدم انتظار وهم الوظيفة الحكومية التي لا يكفي راتبها شراء بنطال جينز (كباية).

حسناً.. ألا يوجد تغيير؟ .. سيحدث لكن– ليس في 21 أكتوبر بكل تأكيد – هو تحالف جديد بين الجيش والدعم السريع والثورية .. وبعض قوى (قحت).. وظهرت ملامحه بتشكيل جسم جديد في السُلطة (مجلس شركاء الفترة الانتقالية) وعبره سيتم تضييق الخناق على (قحت) .. التحالف الجديد سينقلب بصورة ناعمة على (قحت) نسخة 2019 .. وسيتلقى دعماً خارجياً غربياً وخليجياً مكافأة على التطبيع .. والأهم سيجد دعماً سياسياً ضخماً من مصر .. وبإمكان هذا التحالف كذلك إزاحة حمدوك بإرغامه على الاستقالة .. ويمكن أن يقدم شخصية جديدة، ليقود تحالف البلاد إلى مرحلة جيدة.

مرحلة عبور لكن ليس على الطريقة (الحمدوكية).

 

Exit mobile version