والي كسلا..إحباط ممزوج بالحسرة

السودان

الخرطوم: صديق رمضان

يبدو أن صبر والي كسلا الشاب صالح عمار؛ قد وصل إلى نهايته، لأنه ظل منذ تعيينه في خواتيم شهر يوليو المنصرم؛ يأمل في وضع حد لأزمة مباشرته مهامه على أرض الواقع بالولاية الشرقية؛ غير انه مايزال أسيراً وراء جدران العاصمة وهو الأمر الذي دفعه الي التعبير عن إحباطه عبر تغريده علي تطبيق الفيس بوك حملت بين ثناياه إشارات ورسائل وضعها في بريد عدد من الجهات.

ظاهريا فان صالح عمار الذي وجد تعيينه ممانعة من تيار اجتماعي وسياسي بكسلا؛ يمارس صلاحياته بوصفه واليا ولكن من على البعد ،واخيرا فقد أجرى تغييرات على ثلاثة مواقع قيادية بوزارات ،ورغم إعتراض قوى الحرية والتغيير بكسلا على تعيين ثلاثة سيدات على رأس الوزارات الثلاثة الا انه دافع عن قراره.

وقال: قناعتي ان هذه التغييرات كان يجب القيام بها منذ اليوم الاول لإنتصار ثورة ديسمبر المجيدة (12 ابريل 2019) وقد تاخرت كل هذا الوقت لأسباب غير منطقية رغم مرّ الشكوى التي كانت تصدر يوميا من أهل الولاية والذين طالبوا بكل وسائل التعبير بإجراء تغيير شامل في الحكومة يشعرون عبره بثمار ثورتهم وتضحياتهم في ولايتهم التي ظل رموز نظام البشير مسيطرين عليها ويعيثون في انحائها خرابا.

وﻷن كسلا كانت حتى الأسبوع الماضي؛ لم تشهد تغيير في منصب امين عام الحكومة والامناء العاميين للوزارات فان صالح عمار تحدث بشفافية حول هذا الامر حينما قال :من أهم الاسباب التي منعتني من إتخاذ قرارات الإعفاء طوال الفترة الماضية هو إنتظاري للمبادرات والمساعي لحل المشكلة السياسية بالولاية، إلاّ أنه وبعد هذه الفترة الطويلة من تاريخ تعييني في الموقع وغياب الرؤية الواضحة لحل الازمة قررت تحمل مسؤوليتي والاستجابة لرغبة اهل الولاية في التغيير، وهذا التغيير لن يكون خصم او لمصلحة جهة سياسية أو اجتماعية وإنما هو تغيير لتحقيق طموحات الجماهير في العيش الكريم وتصحيح مسار الخدمة المدنية.

ومن بين ثنايا حديثه هذا يتضح ان صالح عمار كان يأمل في ان تضع الحكومة المركزية حدا لتطاول ازمة الولاية وان هذا لم يحدث وهو الأمر الذي ألقى عليه اعباء نفسية جسيمة من واقع متابعته اليومية لمعاناة المواطنين بكسلا وعدم قدرته على ايجاد حلول لها.

وهنا يشير:اشعر بالالم و التقارير التي ترد لي يوميا من المؤسسات الحكومية توضح التردي المريع في كل مناحى الخدمات المسؤولة عن تقديمها الحكومة، وقد بذلت مافي وسعي للتواصل مع مؤسسات الحكومة المركزية المختصة للوصول الى حلول وإنصاف اهل الولاية إلا أن الإستجابة كانت ضعيفة للغاية.

وهنا تتبدى حالة الإحباط التي تتملك صالح عمار من موقف الحكومة المركزية السالب من الازمة ويقول:كان من المتوقع والمأمول ان تجد الولاية رعاية خاصة من الحكومة المركزية بإعتبار الظروف المعروفة التي تعيشها.

ويعتبر ان تسلسل الأحداث والوقائع على الأرض منذ مايو ٢٠١٩ وحتى اليوم يثبت ان ازمة ولاية كسلا السياسية ذات صلة وثيقة بباقي ولايات الشرق وبالبحر الاحمر تحديداً،ويؤكد ان اي حلول للمشكلة بالتالي حسب اعتقاده لابد ان تتم ضمن طاولة حوار تعالج فيها مشكلات الشرق مجتمعة.

واردف: ونعتقد ان اي قرارات تُتخذ من المركز حول كسلا دون استصحاب الحل الشامل لمشكلة الإقليم ستؤثر سلباً على الولايات الشرقية الاخرى او ربما حتى الى خارجها.

ولمعرفته حجم عمق الازمة وتفاصيلها بكسلا ولايجاد حلول لها فان صالح وانطلاقاً من رؤيته ابلغ القيادة السياسية والتنفيذية العليا بالمركز منذ فترة طويلة على موافقته لاي مخرج يُطرح ضمن حزمة الحل لمشاكل الإقليم.

واشترط ان يتم ذلك في اجواء من الحوار والإحترام بين كل المكونات السياسية والإجتماعية والاعتذار عن الخطاب العنصري المقيت الذي تزعمته شخصيات معلومة.

ويعتقد صالح ان المشكلة بكسلا لاتتعلق بوجود شخص او رحيله وإن الازمة نتاج وضع عام خاطيء سادت فيه اجواء العنف والخطاب العنصري وغابت فيه روح الحكمة،ومجددا يري ان الحل لن يأتي الا بالحوار الشامل والذي سيُفضي إلى ترتيبات جديدة لإدارة اقليم الشرق بأكمله.

ومايؤكد ان صالح عمار انتظر كثيرا تحرك المركز لانهاء هذه الازمة دون جدوى رغم ذلك فتح للأمل داخله منفذا حينما اكد على انه وأهل الولاية في انتظار مبادرة جديدة وشاملة للحوار بين مكونات الشرق المختلفة، وبعتاب رقيق يعتقد صالح ان المبادرة من المركز تأخرت كثيراً.

وهو الامر الذي دعاه إلى مناشدة أطراف الأزمة بالشرق للاحتكام لصوت العقل والحوار، وتجنيب الإقليم شرور الصراعات.

 

ولأنه انتظر المركز كثيرا ليتحرك ولم يفعل فان صالح عمار وفي اطار سعيه لنزع فتيل الازمة بعث برسائل متتالية للأطراف التي تتبنى الخطاب العنصري والقبلي،مؤكدا لها انه وكل التيار السياسي الذي ينتمي إليه على استعداد لكل الحلول كما يطالبون، بيد انه يعتقد بان هذا لن يتم تحت أجواء العنف والإرهاب وإنما كنتاج لحوار سياسي واجتماعي يفضي إلى المصالحة والاعتراف المتبادل بين كل الاطراف.

رسائل صالح عمار التي بعث بها عبر تغريدته كشفت عدم إكتراث حكومة الخرطوم بازمة الشرق عامة وكسلا خاصة ،واوضحت انه سعى لايجاد حلول لها عبر إتصاله بالتيار الممانع لتعيينه ولكن لم يجد إستجابة،وكل هذه الحقائق والمعطيات ورغم محاولات الوالي الشاب صالح عمار التماسك والظهور بمظهر رجل الدولة توضح ضعف دور الحكومة المركزية رغم تمسكها به ودعمها له الا انه بدأ وكما جاء بين ثنايا كلماته محبطا من الواقع وفي انتظار خطوات جادة من الحكومة لنزع فتيل ازمة الاقليم.

Exit mobile version