آراء و مقالات

السلام .. الجهاد الأكبر !- محمد لطيف

السودان

ربما يكون من السهل الوصول إلى الاتفاق .. ولكن يظل التحدي دائماً في أمرين .. التزام الأطراف بذلك الاتفاق .. ثم تنفيذ ذلك الاتفاق .. والسودانيون يواجهون امتحاناً مماثلاً يبدأ اليوم .. ولئن اعتبر التفاوض والحوارات التي لازمته .. وكل الجهد الذي بذل حتى الآن .. هو جهاد أصغر .. فإن التحدي الحقيقي يبدأ اليوم .. عقب التوقيع النهائي على وثائق منبر جوبا التفاوضي .. سيما وأن جهداً ضخماً آخر قد بذل لإعداد جداول التنفيذ .. خطوة خطوة .. ولكن كل ذلك يدخل فى خانة الجهاد الأصغر .. ليبدأ اليوم الجهاد الأكبر لمواجهة مطلوبات تحقيق هذا السلام .. بكل تحدياته .. ومطباته كما قال حمدوك وقدماه تطأ مطار جوبا .. عاصمة السودان الكبير الثانية ..!

 

ولعل من المهم فى هذه العجالة .. وفي هذا اليوم الذي تهوى فيه أفئدة السودانيين نحو جوبا .. أن نذكر بأن العنوان الرئيسي للاتفاقيات التي ستوقع اليوم هي أنها بين .. حكومة جمهورية السودان الانتقالية والجبهة الثورية السودانية .. ولكن تحت هذا العنوان .. تم التوقيع بالأحرف الأولى .. ويتم التوقيع النهائي اليوم على نحو عشر من الاتفاقيات الفرعية .. تشمل منطقتين وثلاثة مسارات .. أما المنطقتان فهما دارفور الكبرى .. ثم جنوب كردفان والنيل الأزرق .. وهما عرفتا تاريخيا بالمنطقتين .. منذ مفاوضات نيفاشا .. أما المسارات فتشمل مسار الشرق ومسار الشمال ومسار الوسط .. ولعل أبرز ما يميز بين المنطقتين والمسارات .. أن الأولى شمل التفاوض حولها أنصبة المنطقتين فى السلطة الانتقالية .. فيما تركز التفاوض حول المسارات فى قضايا تلك المناطق ..سيجد المتابع المهتم أيضاً .. ملفاً ضخماً حول اتفاقية الترتيبات الأمنية .. وهي قضية جد كبيرة وجد معقدة وجد مؤثرة .. ويمكن أن تشكل ستين فى المائة من ضمانات صمود هذه الاتفاقيات .. كذلك هنالك اتفاقية القضايا القومية .. وقد غطت الهوية والانتماء وشكل الدولة .. بل وحتى علاقة الدين بالدولة .. مما لم تترك شيئاً لمفاوض قادم .. وهناك الاقتصاد وقضايا الأرض وقضايا النازحين واللاجئين .. ومعاش الناس ..!

 

هذه قراءة عجلى فقط فى عناوين الاتفاقيات .. ومن المهم هنا أن هذه الاتفاقيات التي قاربت الثلاثمائة صفحة بمصفوفات التنفيذ .. أن تتنزل بكل محتوياتها إلى الرأي العام .. و خاصة أصحاب المصلحة .. حتى يقبلها من يقبل عن بينة ويرفضها من يرفض عن فهم وإدراك .. وهذا لوحده جهد .. يستحق العناء والرهق .. وبذل كل ما هو متاح .. فدون تمليك الرأي العام تفاصيل هذه الاتفاقيات .. وإقناعه بقيمتها وجدواها .. وأثرها المرجو على الناس .. ليكون كل مواطن شريكاً فاعلاً في تنزيل كل بند إلى أرض الواقع .. فالتعريف بالأمر هو الخطوة الأولى للأخذ به .. ولعل تغريدة أطلقها رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك .. قبيل أن يغادر الخرطوم أمس متوجهاً إلى جوبا تلخص الأمر .. إذ كتب ..( التحدي الأكبر القادم هو العمل مع كل الشركاء المحليِّين والدُّوليّين بحرص وجِد للتبشير بالاتفاق وما فيه من مكاسب لشعبنا ورعايته وتنزيله لأرض الواقع بما يُحقّق لمواطنينا بمعسكرات النزوح واللجوء، وكُلّ بلادي وعد ثورة ديسمبر ) ..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *