مفصولو سودانير..اغرب قصة حب من طرف واحد

الخرطوم: صديق رمضان
ما ان ينبلج فجر الصباح الا و يتأهب الموظف بشركة الخطوط الجوية مرتضى حسن جمعة للخروج؛ من منزله بمدينة ام درمان صوب مقر الشركة الأنيق بشارع عبيد ختم شرق مطار الخرطوم الدولي، وظل مرتضى يحرص على ان يكون داخل مكتبه مع حلول الساعة السابعة صباحا لبداية يوم يتمناه دوما حافلا بالعمل الدؤوب الذي يسهم في إعادة ناقل وطني هبط اضطراريا في عهد نظام الإسلاميين الذين بات حكمهم صفحة من الماضي الا ان البعض يعتقد بانهم مايزالون يمسكون بمفاصل شركة الطيران الحكومية.

و مرتضى حسن جمعة ضمن مجموعة تتجاوز الألف موظف تجرعوا من كأس الفصل التعسفي المر في عهد النظام البائد الذي اقتلعه الشعب السوداني عبر ثورة ديسمبر التي اعادت الذين تم الإستغناء عنهم إلى وظائفهم بامر وزاري في شهر فبراير الماضي.

غير ان ثمة متاريس واجهت العائدين إلى حضن سودانير، ففرحتهم بنبأ إعادتهم للعمل جاءات منقوصة لان الأبواب اوصدت في وجوههم حينما تأخرت اجراءات استلامهم وظائفهم ، وكشفوا وقتها ان عدد من فلول النظام البائد في وزارة النقل والشركة وقفوا حجرة عثرة في طريق عودتهم إلى العمل.

وظل المفصولون ولمدة خمسة أشهر يطرقون دون كلل كل الابواب عسى ان يجدوا من يحدثهم عن امرهم ،وبعد تحركات في كل الإتجاهات انحاز اليهم وزير النقل السابق المهندس هاشم طاهر فكان ان تم تسليمهم خطابات العودة إلى العمل.

ورغم تجسد حلمهم على ارض الواقع وإقبالهم بحماس منقطع النظير لإعادة سودانير إلى سيرتها الأولى؛ الا ان الأيام كانت تحمل لهم بين ثناياها مفاجأة غير سارة تمثلت في عدم حصولهم على حقوقهم الشهرية لاربعة اشهر متتالية عطفا على عدم تسكينهم في وظائفعم ، وطوال هذه الفترة كان العائدون يتحملون تكلفة ترحيلهم ومنصرفاتهم الأخرى على أمل ان يشرق فجر خلاصهم بعد ان تطاول ليل معاناتهم وهم يرددون رائعة عقد الجلاد:”كل ما نقول كملنا الليل يطلع باكر ليلا اطول..وكل ما نقول كملنا الشيل تطلع شيلة باكر اتقل”.

ولكن حينما بلغ السيل عندهم الزبى وفاض بهم كيل التهميش والاجحاف لم يجدوا غير لفت نظر الحكومة في الثاني من سبتمبر حينما نظموا اعتصام داخل مقر الشركة.

ولإدراكهم التام ان البلاد ودعت عهد التيه والظلم توقعوا ان تجد مظلمتهم إستجابة ،غير ان الواقع جاء مخالفا لما ظنوا حاملا بين ثناياه ملامحا من اسلوب العهد البائد في التهديد والوعيد وعدم الإيفاء بالعهود ولم يحصلوا على مطلب التسكين في الوظائف ولم يطالوا مخصصاتهم التي تم حجبها عنهم لأربعة أشهر ،بدأ لهم الأمر موغلا في الاستفزاز وضاعف في دواخلهم الغبن.

ولان وزير النقل المكلف الذي يدمغه البعض بتعمد التسويف والمماطلة وعدم الإكتراث للقرار الوزاري الذي قضي باعادتهم للعمل ،فانهم قرروا عدم العودة إلى مكتبه مجددا لقناعتهم بانه يمثل عقبة كؤود في طريق عودتهم .

واختاروا ان يقفوا يوم الاحد الرابع من اكتوبر امام مجلس الوزراء لتسليمه مذكرة تحوي عدد من المطالب منها؛ إقالة المدير العام للشركة ومدراء الإدارات تسكين العاملين والمعاشيين وفقا للهيكل الراتبي الجديد؛ إجازة قانون الناقل الوطني إخلاء مباني الشركة من فلول الطيران المدنى؛ إنهاء عقودات العاملين الغير قانونية فورا
..حسم إعادة المفصولين ولم ترد أسماءهم حتي الآن؛ حسم قضية الذين لم يتسلموا خطاباتهم.

رغم هذا الغبن فان مايؤكد علاقة الحب الغريبة التي تجمع بين مفصولي سودانير العائدين وشركتهم التي يدينون لها بالولاء انهم ورغم عدم حسم امر تسكينهم في الوظائف واستلام مخصصات لاربعة اشهر الا انهم قدموا خدمات كبيرة للناقل الوطني وكان لهم إسهام واضح تمثل في احضار خطاب من الامارات يقضي باعفاء مديونية سودانير بمطار الشارقة والبالغة 250 الف دولار وكذلك اتصل الموظفين العائدون بشركات الطيران العالمية لجذبها لتخزين شحناتها الواردة عبر سودانير وبالفعل امتلأ المخزن عن سعته بعد أن كان مرتعا للطيور،كما انهم عملوا علي مراجعة أسعار الخدمات لتواكب المتغيرات لترتفع علي اثر ذلك معدلات الدخل بخدمات الشحن الجوي بمقدار 600،وغيرها من جهود بذلها رفاق راشد موسي المهل ، صديق عيسي داوؤد ،مرتضي حسن جمعة ،بدرالدين الجيلاني ،يحي الفضلي ، معاوية علي عبدالقادر ، ومحمد عبدالقادر لمياء ميرغني وغيرهم.

ولكن رغم ذلك فان الحكومة ممثلة في وزارتي النقل والمالية وادارة الشركة لم تبادلهم ذات الحب فاختاروا لفت نظرها يوم الأحد ليؤكدوا لها ان حب سودانير باق في دواخلهم وانهم لن يذهبوا عنها بعيدا مهما كانت درجة الجفاء والصدود.

Exit mobile version