النازحون بدارفور.. بين فرحة السلام والآم الماضي

السودان

الخرطوم: صديق رمضان

لم تعرف على وجه الدقة متى خرجت سعدية أبكر إلى الوجود، غير إنها تتخذ من اندلاع الحرب في دارفور غرب السودان تاريخاً يحدد انها كانت في السادسة من عمرها، وطفلة الأمس التي هربت مع اسرتها من نيران الموت والحرب من منطقة شطايا بولاية جنوب دارفور باتت اليوم أم لطفلة فقد بلغت من العمر عشرون عاما قضت منها اربع عشرة سنة بمعسكر كلمة للنازحين على تخوم نيالا ثاني اكبر مدن السودان.

سعدية التي تعتبر نفسها قد نالت حظاً جيداً من التعليم بوصولها حتى المرحلة الثانوية تبدو في غاية السعادة وهي تتحدث (للنورس نيوز) عبر الهاتف وتقول إن توقيع اتفاقية السلام يعنى أن شعب دارفور في طريقه لاستعادة حياته الطبيعية بعد ان عانى كثيراََ من ويلات الحرب .

ورغم حسرتها على مقتل والدها على يد القوات الحكومية والمليشيات المسلحة في العام 2007 الا انها تشعر بالسعادة كونها تمكنت من مساعدة والدتها في تربية اخوتها ،وتضيف:”أخيراً يمكننا العودة إلى مناطقنا الأصلية ووداع معسكرات الذل والهوان”.

والمعسكرات التي عبرت سعدية عن سعادتها بمفارقتها، لجأ اليها اثنين مليون وخمسمائة الف مواطن؛ ويبلغ عددها 113 تتوزع على كل ولايات دارفور واشهرها معسكرات”كلمة ،النيم،عطاش،سكلي،كأس”؛ وغيرها وهي تقع على تخوم المدن الكبري مثل الفاشر ،نيالا والجنينة التي اتخذها المواطنين الفارين من جحيم الحرب مستقرا بعد ان دكت القوات الحكومية والمليشيات في عهد الانقاذ البائد مساكنهم واتلفت مزارعهم وازهقت ارواح 300 الف مواطن .

ورغم عودة عشرات الآلاف من النازحين إلى مناطقهم الأصلية الا ان المعسكرات ماتزال شاخصة وهي تعبر عن مرحلة بائسة من تاريخ دارفور والسودان.

يقول اسحق آدم وهو ستيني قضى اخر ثلاثة عشر عاماً من عمره في معسكر عطاش؛ إن الحرب مؤلمة وقاسية، ويبدو الرجل حزينا على رحيل ابنه البكر في الحرب، غير انه يعتبر احلال السلام في الاقليم لايقدر بثمن وان روح ابنه فداء للوطن.

والحرب الشرسة التي شهدها اقليم دارفور في الفترة من العام 2003 حتى سقوط نظام الانقاذ في 2018 كانت من الأسباب المباشرة لصدور مذكرة توقيف بحق الرئيس المخلوع عمر البشير وصدور أكثر من ستين قرار اممي بحق السودان الذي دفع فاتورة سوء سياسات النظام البائد كثيرا .

وقد سعى المخلوع البشير واعوانه لابرام اتفاقيات سلام تنهي الحرب في دارفور غير ان اتفاقيتي ابوجا والدوحة لم يتمكنا من نزع فتيل الازمة كليا حيث ظلت الحرب مستعرة وذلك لعدم ثقة الحركات المسلحة وسكان المعسكرات في حكومة النظام البائد.

واخيرا فان طرفا التفاوض في الحكومة الانتقالية والحركات الدارفورية المسلحة تمكنا من وضع حد للحرب وهما يوقعان غدا على اتفاق السلام.

وفي هذا الصدد فقد اكد رئيس الجبهة الثورية د.الهادي ادريس أن غدا الثالث من أكتوبر القادم سيكون يوما عظيما في تاريخ السودان، موضحاً أن ايقاف الحرب من الأشياء الأساسية التي تم الاتفاق حولها عقب ثورة ديسمبر المجيدة لتحقيق التحول الديمقراطي، وقال ” نحن على اعتاب سلام شامل يؤسس لاستقرار البلاد وتحقيق التحول الديمقراطى”.

واوضح رئيس الجبهة الثورية أن الثالث من أكتوبر يُعتبر حدثا كبيرا يُفرح كل السودانيين، مهنئاً الشعب السوداني بهذا الانجاز الذي تحقق، مشيرا إلى أن المفاوضين من الجبهة الثورية السودانية والوفد الحكومي بذلوا مجهوداً كبيراً بمعاونة وساطة دولة جنوب السودان مبينا أن العملية التفاوضية خاطبت كل القضايا الحقيقية التي ظلت حجر عثرة أمام استقرار السودان منذ الاستقلال، بجانب مناقشتها للقضايا المرتبطة ارتباط وثيق بالأزمة السياسية السودانية وكل إفرازاتها المتعلقة بالحروب والنزوح واللجوء ومشاكل الاراضي وغيرها من المشكلات.

واكد د. الهادي أن اتفاق سلام جوبا اتفاق شامل من حيث المحتوى والقضايا، معربا عن تطلع الجبهة الثورية عقب توقيع اتفاق السلام في الثالث من أكتوبر الجاري لانضمام بقية الأطراف حتى يكتمل السلام من حيث شمولية القضايا والأطراف.

Exit mobile version