آراء و مقالات

علي كل _ (قحت) والشارع.. الرجاء مراجعة الرصيد!! _ محمد عبدالقادر

تبدو الفجوة بين المواطن والسلطة الحاكمة اخذة في الاتساع ، تضعضعت حالة الرضا وغابت الثقة بين قطاعات الشعب الاسمر والمسؤولين الامر الذي يعد مؤشرا سالبا وتطورا خطير ا ينذر بتهديد متزايد للفترة الانقالية..

انهيار الحكومة خلال هذه الحقبة من عمر السودان المازوم يمكن ان يقود الي مخاطر امنية لا يحمد عقباها، الجميع يتفقون علي ضرورة تحصين الفترة الانتقالية من الانتكاس واعانة النظام القائم علي الوصول بالبلاد الي بر الانتخابات، لكن هل يعي الحاكمون هذا الامر؟!.للاسف الشديد انعكس فشل المسؤولين في ملف الاقتصاد والخدمات والمعيشة علي تفاعل المواطن مع اطروحات السلطة الجديدة، ذهبت (السكرة الثورية) ، وجاءت التجربة الواقعية لتؤكد ان الاداء التنفيذي الماثل كان اقل بكثير من توقعات الثوار واحلام الشعب السوداني.

التغيير الذي ارتجاه الناس املا، بات يشكل ( الما) بفعل الاداء التنفيذي الضعيف والاطروحات السياسبة الباهتة ل(كوادر قحت) وسط ضغوطات اقتصادية وصعوبات معيشية ماعادت ترحم احدا.

اذا حاولت قياس تراجع حالة الرضا والتاييد الذي كان يقدمه الشارع ل( قحت) ما عليك الا تامل ما الت اليه العلاقة بين المواطن والمسؤول في بلادي، انظر كيف تحولت الساحات من براكين تغلي بالهتاف والتاييد الي اماكن لاعتراض المسؤولين والتلاسن معهم وتشييعهم بالتعليقات الناقمة والهتافات النادمة.
خلال اليومين الماضيين ضجت الاسافير ب( فيديو) لوالي النيل الابيض اسماعيل وراق يستشيط فيه غضبا اثناء اعتراض عدد من المواطنين موكبه ومحاصرته بالاسئلة الحارقة، احد الاطفال نبه الوالي الي ان سعر الرغيفة في مدينة الدويم وصل ثلاثين جنيها، حماقة الوالي المستجد في العمل التنفيذي دفعته لانتهار الطفل ووصمه ب ( قلة الادب) قبل ان يضع سبابته في منتصف فمه ويقول للمتحدث الصغير (هسسس).

كثيرون علقوا علي الحدث من قبيل التشفي السياسي، اخرون اعتبروا السلوك غير ديمقراطي وينم عن ديكتاتورية مقيتة تطل براسها من جديد، كثر تداول الحدث بين ناقم وشامت وغاضب من زاوية الولاء والانتماء، لكنه بالنسبة لي يمثل ذروة سوء الحال واصدق ( تيرومتر) لقياس ما الت اليه الاوضاع بعيدا حتي عن ردة فعل الوالي المرفوضة، مجرد شكوي طفل بهذه العبارة الحزينة دليل علي سوء بالغ يعيشه المواطن السوداني في كل مكان.

حادثة وراق لم تكن معزولة من مواقف اخري تعرض فيها مسؤولو قحت لاختبار الشارع وهتافاته الرافضة لما وصلت اليه الاحوال من انهيار في مناحي الحياة كافة..في الثامن من سبتمبر اعترض عدد من المحتجين بمدينة سنجة ، موكب رئيس الوزراء د. “عبدالله حمدوك” بهتافات مناوئة أثناء زيارته للمتضررين من الفيضانات بالمدينة، .
البعض عبر عن غضبه بالوقوف أمام موكب رئيس الوزراء، مما عطله لدقائق، قبل أن تسيطر قوة الحماية المرافقة علي الموقف.

مطلع سبتمبر من العام المنصرم كانت الفاشر تصرخ وللمرة الثانية في وجه وفد قيادات قوى الحرية والتغيير الدكتور محمد ناجي الأصم والأستاذ خالد سلك، لحظتها كتبنا محذرين (قحت) : (ما أقسى موت الشعارات النبيلة واحتضار الأشواق الكبيرة).التعامل البارد مع قيادات قوى الحرية والتغيير تكرر العام الماضي وقبل هذه الحادثة في مدينة (الفاو).

وزير الصحة السابق د. «أكرم على التوم» تعرض إلى محاولة اعتداء أثناء مليونية 30 يونيو في طريقه لافتتاح مركز الشهيد قصي حمدتو للعزل بضاحية جبرة.

مقطع فيديو  تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، اظهر «التوم» حينها وهو محاطاً باعداد من المتظاهرين حاولوا الاعتداء عليه للحد الذي فقد فيه جواله الخاص.
قبل ايام تداولت الاسافير محاكمة علنية بين وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي ومواطنين طالبوها بالرحيل ، فاستشاطت غضبا وهي ترد بعنف ( الكراسي انتو قايلين فيها شنو)؟! .

قبلها كان اعضاء من لجان المقاومة يحاصرون الاستاذ فيصل محمد صالح كذلك حول مسار الثورة ، واذكر كيف علت الانفاس وهبطت في الفيديو الذي تداولته الاسافير بكثافة..
بالامس واثناء جلسات المؤتمر الاقتصادي كانت القاعة تصفق لاستاذ جامعي انتقد اداء مدني عباس مدني وزير الصناعة والتجارة متسائلا عن اسباب بقائه حتي الان.

تكرار الاحتكاكات بين المسؤولين والمواطنين في الشارع وعلو الاصوات المنتقدة لمستوي الاداء السياسي والتنفيذي يجعلنا نطالب السلطة الحاكمة بمراجعة طرائقها وكسبها في اداء المسؤولية العامة، هنالك عنف وغضب ينتظم مخاشنات المسؤولين والمواطنين.

الملاحظ ان ما يحدث يتجاوز تصنيفه كتمظهر ديمقراطي مطلوب، طريقة العنف في التعبير والمواجهة اوفلنقل التحرش والعنف اللفظي لاينبئ عن ذلك، القضية تمثل حالة انفجار ربما يتضاعف حجمها وتتعاظم ارتداداتها مع استمرار الفشل اليومي في ادارة شؤون الناس.

وحتي تعمل حكومة حمدوك علي تحقيق معادلة سيدنا عمر بن الخطاب، (عدلت فامنت فنمت) ، نطالب المسؤولين بضبط النفس والحكمة في التعامل مع شكاوي واسئلة المواطنين، وقبل هذا الانتباه الي ان التردي المتواصل في احوال الناس سيجهز علي ما تبقي من رصيد لحكومة التغيير في وجدان الشارع الذي يبحث الان عن ولاءات جديدة .

صحيفة اليوم التالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *