زفرات حرى- الطيب مصطفى- بين جمعية مبارك المهدي الصهيونية وعار التطبيع!

السودان

لو سئلت ، بعد ان علمت ان هناك من يعمل على تكوين جمعية للصداقة السودانية الاسرائيلية : عمن سيرعى حفل تدشين تلك الجمعية فلن يخطر على بالي احد غير مبارك الفاضل المهدي!

لذلك لم ادهش لخبر رعايته لتلك الجمعية التي ستنتصب رمزا وشعارا للعار والاستخذاء الذي  سيلطخ وجه الخرطوم (عاصمة اللاءآت الثلاثة) التي لم يكتف بعض العاقين من ابنائها بالتنكر لذلك الموقف التاريخي المجيد بالتخلي عنه وازدرائه وركله بالاقدام ، إنما بالغوا في التماهي مع بني صهيون والهرولة نحوهم والتودد اليهم وخطب ودهم حتى قبل أن يتلقوا الدعوة للقيام بزيارة ذلك العدو البغيض او لاقامة جمعية الخزي والعار.

شتان بين خرطوم الامس في زمن العزة والكرامة والكبرياء وهي تجمع بل وتصالح وتعافي المتخاصمين من الزعماء العرب ، وبين خرطوم الخزي والعار والخيانة وهي تهرول لاهثة خلف بني صهيون واتباعهم الاعراب من سلالة ابن الاحمر الذي سلم غرناطة وانهى ملكا عظيما ومجدا تليدا اقامه اسلافه في فردوسنا المفقود (الاندلس).

رجل يتفرد على الدوام بالمبالغة في اتيان ما لم تستطعه الاوائل ، او فعل ما لم يسبقه عليه احد من شعب السودان قديما وحديثا ، وهل ادل على ذلك من جريمة مصنع الشفاء التي اقترفها حين حرض الامريكان على قصف ما سماه ب (مصانع اخرى) غير ذلك المصنع الذي تبين حتى لاحبابه الامريكان انه بريء مما الصقوه به من تهم دفعتهم كذبا إلى قصفه بصواريخهم الظالمة؟!

على كل حال هنيئا لمن ظل مبارك المهدي يناصبهم العداء ولعل اولهم هو الاستاذ علي عثمان محمد طه الذي ظل الرجل بكيد له منذ عشرات السنين ، فوالله وتالله إنه لمما يشرف المرء ان يكون في الطرف المقابل لمبارك المهدي الذي لا اظن ان ميكافيلي – سيد الاسم – بلغ مبلغه من الانتهازية وتحليل كل الفواحش والمنكرات والخطايا في سبيل الوصول الى هدفه مهما كان تافها ورخيصا.

من الغرائب والعجائب ان مما روي على لسان مبارك المهدي قوله آن حركة حماس(صنيعة اسرائيلية)! حماس شوكة الحوت في حلق تلك الدولة الغاصبة .. حماس التي قدمت ولا تزال ، ارتالا من الشهداء .. حماس رمز الصمود في زمن الانكسار والانبطاح يعيرها صنيعة صغيرة لا تساوي غرزة في نعل اي من شهدائها الكرام ، فهل من عجائب وغرائب اكبر من ذلك وقد اصبح المنكر معروفا والمعروف منكرا والرويبضة بطلا وزعيما حتى ولو كان في قيادة قطعان من الاغنام ؟!

لا ارى تعريفا للانسان يميز به عن الحيوان ، بخلاف العقل ، اعظم من انه ينحاز للقيم والمبادئ العليا التي فطر عليها بما في ذلك الانحياز للعدل كقيمة مطلقة لا تظلم حتى العدو الأثيم ، وهو ما عبر عنه قرآن ربنا سبحانه :(وَلَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰۤ أَلَّا تَعۡدِلُوا۟ۚ ٱعۡدِلُوا۟ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ)

وبالتالي فانه وفقا لمنهج الحق المطلق يتعين عليك حتى تكون مؤمنا ، أن تحب لاخيك ما تحب لنفسك وتكره له الظلم بقدرما تكرهه لنفسك ، والا فانك ترتكس الى حمأة الحيوانية المنتنة.

نعود لمبارك الذي ، ويا للعجب ، يتهم حركة حماس ويشينها تأسيا بما يفعل احبابه من بني صهيون ، واقتداء بامريكا راعية الظلم والظالمين في العالم ، فهنيئا لحماس بذلك الشرف الباذخ  ان يكون مبارك هو من يتهمها ولا اظن ان هناك صك براءة وقلادة شرف لتلك المنظمة الجهادية اكبر من ان يأتيها الاتهام من مبارك صاحب التاريخ الحافل بالمخازي والآثام ومن اشباهه من العربان الذين يتهمونها بالارهاب رغم انها تدافع عن ارضها وعرضها وعن شرف الأمة اسوة بالناصر صلاح الدين الايوبي قاهر الصليبيين.

إني مندهش والله ، بربكم أكل هذا التقافز من موقف الى آخر من اجل لعاعة تافهة وفانية من الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة؟!

هل يعقل الا يفكر مبارك في اي يوم من الايام في الارث الجهادي والتحريري العظيم الذي ارساه جده الامام المهدي الذي انسلخ منه واخلد الى الارض كما انسلخ واخلد كنعان بن نوح من مرجعية والده الربانية ، ولم يستشعر أنه ابن اول الرسل بعد آدم ، بالرغم من انه جرد من تلك الصفة جراء كفره وعناده : (قَالَ یَـٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَیۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَیۡرُ صَـٰلِحࣲ) ، ذلك أن جنسية المؤمن ، كما يقول الشهيد سيد قطب ، عقيدته الربانية ، لا دمه الجيني الارضي.

إني والله لمندهش ان يتغافل مسلم يقرأ الآية التي ذكر فيها (المسجد الأقصى) في القرآن الكريم ، ويعلم أنه كان قبلة المسلمين الاولى ومسرى الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم ولا يعظم ذلك في احساسه ومشاعره ويؤزه ازا ويهزه هزا رغم قول ربنا سبحانه :(ذَ ٰ⁠لِكَۖ وَمَن یُعَظِّمۡ شَعَـٰۤىِٕرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ)!

اعجب ان زعماء افذاذ ليسوا مسلمين مثل اسطورة جنوب افريقيا نيلسون مانديلا انتصروا لفلسطين من مدخل المبادئ التي لا تتجزأ ، وما كان ينبغي لرجل عانى من الظلم والاضطهاد ان يتنكر للمظلومين من امثاله ، فكيف يجوز لمسلم ان ينصر المحتل الغاصب في اي بقعة من الكرة الارضية ، وكيف يبيع قيمة العدالة بثمن بخس رأينا ثماره حنظلا مرا في دول مجاورة طبعت مع العدو الصهيوني ولم تجن غير البوار؟!

عندما تقرر سحب بطولة العالم للسباحة من ماليزيا على خلفية رفضها دخول الرياضيين الصهاينة الى اراضيها قال وزير الشباب والرياضة الماليزي :(إذا كانت استضافة حدث رياضي عالمي اهم من الوقوف الى جانب اخواننا الفلسطينيين الذين يقتلون ويعذبون من قبل الاحتلال الصهيوني الغاشم فان ذلك يعني أننا فقدنا البوصلة الاخلاقية ، فلتذهب الرياضة الى الجحيم وتبقى الاخلاق).

يؤسفني أننا فقدنا البوصلة الاخلاقية ، فلم نقو على هزيمة الصهاينة المحتلين كما فعلت طالبان قاهرة امريكا ولم نستطع حتى اضعف الايمان او قل الصبر والصمود حتي تسليم الراية لجيل قادم يشبه حماس وطالبان لاستعادة فلسطين والاقصى فطفقنا نهرول ونتكبكب كالذي يتخبطه الشيخ من المس ، فيا حسرتاه.

 

(حسين خوجلي يكتب عن علي عثمان تحت عنوان لا تدعوا الاوغاد يكتبون تاريخكم)

لولا أنى مقتنع بكل كلمة قالها أمير البيان الأستاذ حسين خوجلي في حق الأستاذ على عثمان محمد طه ، لمآ نشرت خاطرته هذه المرصعة بالصدق والجمال.

انه على عثمان صاحب التاريخ الحافل بالعطاء لحركة الاسلام والسودان منذ ايام شبابه الباكر في الخرطوم الثانوية فماذا قال الحسين :

(على عثمان محمد طه يكفيه فخرا ورفعة ان انداده تركوا له الامارة ورئاسة اتحاد اكتوبر فى الخرطوم الثانوية اختيارا وحين كانت جامعة الخرطوم مرصعة بالنجوم والدراري اختاروه النجم الاوحد لقيادة اتحاد طلاب الجامعة وتركوا له مهمة التصدي للطغيان الاحمر فى مايو فرفع غير هياب كبرياء الحركة والطلاب الوطن ومنح القضاء فكرا و فقها وتجردا وعدالة ومنح المحاماة شرفا واجتهادا ونبلا صفات غادرت سوق هذه المهنة زمانا. استعصى على الهجرة والمال والانتداب وعواصم العلامات والثراء وبقي فى قافلة القواصم التى هدت كتف المقصلة والاستبداد والردة ورغم اختلاف البعض حول اجتهاداته وتقديراته السياسية الا ان على عثمان العفيف اليد واللسان يبقى قلادة شرف على جيد حرائر السودان وعزة على صدور احرار بلادنا ،على عثمان رقم صعب فى الوطنية ومفتاح ذهبي لفتح مغاليق الازمة لو كانوا يعلمون)

Exit mobile version