«مؤتمر سنكات» يُعيد شرق السودان إلى واجهة الأحداث

تقرير: صديق رمضان

في ظروفٍ استثنائيةٍ يمر بها السودان والإقليم الشرقي، تشهد مدينة سنكات بولاية البحر الأحمر (مؤتمر السلام والتنمية والعدالة) الذي يسعي من خلاله المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة لتثبيت الحقوق التاريخية للشرق الذي ظل اسمه مقروناً بثالوث: (الفقر، المرض، والجهل) ويحيط بمواطنيه إحاطة السوار بالمعصم (حد قادة الإقليم).

ورغم أن شرق السودان يضم مشاريعاً اقتصادية عملاقة، إِلَّا أن أهله ظلوا يجأرون بالشكوى من التهميش الذي دفع إلى تكوين مؤتمر البجا في العام 1958 والتمرد على الواقع المزري، عبر اصطفاف إقليمي لتحقيق مطالب الأهالي.

وظل قادة الشرق وحتي العام 1994 يؤكدون عدم حصول الإقليم علي حقوقه في الثروة والسلطة على صعيد الحكومة المركزية، وعقب انقلاب نظام الانقاذ بخمسة أعوام لم يجد مؤتمر البجا أحد أعرق الأحزاب ذات الصبغة الجهوية في السودان غير اللجوء إلى الفعل المعارض المسلح ضد نظام الإسلاميين، واستمر ذلك حتى العام 2006، حين ابرمت اتفاقية أنهت حقبة الحرب في الجبهة الشرقية .

غير أن تتفيذ الاتفاقية ومكاسبها لم تقنع أهل الإقليم الذين ظلوا طوال العهد البائد يصوبون سهام النقد ناحية الخرطوم، إلى أن نجحت ثورة شعبية عمت كل الولايات واختتمت باعتصام القيادة العامة بالعاصمة الخرطوم، في الإطاحة بالجنرال عمر البشير، في أبريل 2019.

ورغم أن الثورة اندلعت لرفع المظالم إِلَّا أنها انعكست سلباً على الشرق الذي لم ينلْ حظه كاملاً في تشكيل مجلسي السيادة والوزراء (بحسب بعض القادة بالإقليم).

الإقليم شهد تطورات لافتة عقب انطلاقة المفاوضات في مسار الشرق بمنبر جوبا، حيث رأت مكونات اجتماعية وسياسية أن ما تمَّ لا يمثل الإقليم، وعلت المطالبات بعدم اعتماد التوقيع، غير أن الحكومة مضت في طريقها مع الجبهة الثورية وبات المسار واضحاً في النصوص والورق، في ظل تشكيك بإمكانية تنزيله إلى أرض الواقع في ظلم الانقسام الحاد الذي يعاني منه الشرق، وحالة التباعد الذي أفرزته مخرجات اتفاقية السلام التي تمَّ المصادقة النهائية عليها في جوبا مفتتح اكتوبر القادم.

وليس المسار وحده هو السبب في التباعد الذي طرأ في مواقف مكونات الشرق، فقد أسهم تعيين صالح عمار والياً على كسلا في حالة احتقان حادة، واصطفاف قبلي ذميم، وتفلتات أمنية خطيرة، انتهت بمقتل عدد من المواطنين.

وبالورغم من عودة الاستقرار إلى كسلا إِلَّا أن قضية الوالي صالح ما تزال شاخصة، حيث يرفضه تيار يقوده ناظر الهدندوة محمد الامين ترك، فيما يؤيد توليه إدارة الولاية تحالف الحرية والتغيير ومكونات أخرى على رأسها مكون البني عامر والحباب.

ورغم ان مؤتمر سنكات الذي ينطلق يوم الأحد ويستمر لثلاث أيامٍ يأتي بحضور مكونات سياسية واجتماعية مؤثرة بالإقليم، إِلَّا أنه يشهد غياب مكون البني عامر والحباب الذي ظل داعما لمسار الشرق، وتولي صالح عمار لأمر الولاية في كسلا.

غياب ينظر إليه مراقبون من زاويةٍ موضوعيةٍ حيث يعتبرون أن الخلاف بين مكونات الشرق لم تنقشع سحبه بعد، وبالتالي فإن عدم دعوة هذا المكون أمر طبيعي، في ظلّ توقعات بأن يأتي يومٌ ويلتقي فيه الفرقاء استنادا على عوامل كثيرة، أهمها التاريخ المشترك.

فيما لم يستحسن مراقبون إقصاء مكون البني عامر والحباب، واعتبروا ان هذا يُسهم في تعميق تباعد الخطى بين أهل الشرق، زدْ على ذلك حوجة الإقليم الماسة لمبارحة محطة الخلاف، في رحلة قد تكون طويلة لاسترداد الحقوق.

Exit mobile version