التطبيع مع اسرائيل..هل تنتصر المصالح على المبادئ ؟

السودان

تقرير : صديق رمضان

في عهد النظام البائد، كان مجرد الحديث بصوت هامس عن التطبيع مع اسرائيل كفيلا بوضع مطلقاً في قفص اتهام الخيانة والعمالة، ورغم ان نظام الانقاذ سعى في عشريته الاخيرة إلى التقارب مع اسرائيل سرا غير انه كان يرفض الجهر بذلك خوفا من حاضنته الاسلامية والشعبية، وعقب ثورة ابريل التي اطاحت بالجنرال عمر البشير فقد جرت الكثير من المياه تحت الجسر وبات السودان يتحدث بمنطق المصالح بعيدا عن عاطفة الايدلوجيا، واللقاءات التي ابتدرها رئيس المجلس السيادي الفريق اول عبدالفتاح البرهان اليوم بالامارات تشئ بان السودان الذي ظل ممانعا ورافضا التقارب مع اسرائيل منذ العام 1948 قد بات قاب قوسين او ادنى من الانضمام للامارات والبحرين اخر الدول العربية التي اختارت التقارب رسميا مع اسرائيل.

والخرطوم السياسية عقب الثورة ورغم تأكيد رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك لوزير الخارجية الامريكي في زيارته الاخيرة للخرطوم بان حكومته غير مفوضه للتقرير بشأن التطبيع،الا انها تبدو بخلاف ذلك حيث رافق رئيس مجلس السيادة عدد من الوزراء المدنيين علي رأسهم وزير العدل نصر الدين عبدالباري لمناقشة تفاصيل التطبيع مع اسرائيل في مباحثات الامارات .

اما شعبيا فان قراءات اتجاه الرأي تشير الى ان الشعب السوداني لم يعد يكترث كثيرا بالقضية الفلسطينية او بالاحري بحسب مراقبين يعتقد بضرورة التوفيق في العلاقة بين اسرائيل وفلسطين ،وكشف استطلاع موقع (النورس نيوز) الالكتروني عن تأييد 70% من الذين تحدثوا اليه عن تأييدهم الكامل للتطبيع.

ولعبت ثورة ديسمبر وحالة الغلاء الطاحنة في تشكيل قناعة كثير من السودانيين بان الخروج من الازمة الاقتصادية ومبارحة قائمة الارهاب الامريكية تمر عبر التطبيع مع اسرائيل.
وفي مدينة ابوظبي الاماراتية فان الوفد السوداني وبحسب مصادر فانه حمل بين اوراقه اشتراطات التطبيع مع اسرائيل وهذا يعني ان حكومة الثورة حزمت امرها وهي تعاني وطأت الأزمة الإقتصادية وقررت المضي قدما في طريق البرهان نتنياهو في فبراير ،ويأمل الوفد في الاستجابة لمطالبة المتمثلة في رفع اسم السودان من قائمة الارهاب وتقديم مساعدات مالية تبلغ عشرة مليار دولار.

ورغم ان المباحثات سيجريها الوفد السوداني مع الجانب الاماراتي الذي يقوده المستشار الامني طحنون بن زائد الا ان امريكا ستكون حضورا،فيما تتابع إسرائيل الاجتماع عن كثب، ونقلت أبرز الصحف الإسرائيلية خبر التطبيع التي اثيرت الثلاثاء الماضي،وفي اجتماع في واشنطن بين نتانياهو ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو،وشجعت إسرائيل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الالتزام بطلب السودان للحصول على مساعدات اقتصادية كجزء من أي صفقة،ووفقا لمسؤولين أميركيين، فإن بومبيو يؤيد شطب السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، وتحديد نهاية أكتوبر كموعد نهائي لهذه الخطوة.

ويتوقع السياسي السوداني البارز ابوالقاسم برطم ان ينتصر في خاتمة المطاف منطق المصالح المشتركة،ويعتقد بان التطبيع مع اسرائيل سيفتح علي السودان الكثير من الابواب المغلقة سياسيا واقتصاديا ،وهو ذات الرأي الذي جري علي لسان القيادي مبارك الفاضل الذي يبدو بجانب رئيس جزب الاسود الحرة مبروك مبارك سليم من اشد المؤيدين للتطبيع مع اسرائيل الذي في طريقه ليصبح واقعا تتباين حوله الاراء.

Exit mobile version