آراء و مقالات

الطريق الثالث – وفية يا قطر !- بكري المدنى

لكل العلاقات الدولية منطق يفسرها سواء ان كان الجوار او المصالح المشتركة او السياسة المتطابقة او غيرها من القواسم المشتركة إلا العلاقة بين السودان وقطر والتى وان لم تعدم بعض هذى القواسم إلا انها لا تكفي كلها ان وجدت لتفسير هذا الرابط الوجداني العميق والعلاقات الدافئة بين السودانيين والقطريين

لا تفسير منطقي لهذه العلاقة الحميمة سوى (الحب)والحب هو الشعور الوحيد الذي لا يخضع لمنطق او حسابات – لا تفسير ولا حتى تبرير ويقينى ان داخل قلب كل سودانى نقطة دم (عنابي)
مثلما ان داخل كل جوف قطري (زول)سودانى

يتحدث كل العالم وتتحدث كل العلوم الإستراتيجية عن ضرورة قيام العلاقات بين الدول والشعوب على اساس المصالح العليا والمصالح المشتركة إلا ان هذه الوصفة لا تصلح للعلاقة بين السودان وقطر

كانت قطر من أوائل الدول العربية التى اغترب فيها السودانيين -مهندسين وأطباء ومعلمين وضباط واعلاميين وأقاموا فيها حبا ولا زالت قطر هي الدولة الخليجية الوحيدة التى ترسل إمرائها واميراتها وتوفد طلابها الحربيين للخرطوم ودا ودون ان يتأثر ذلك بتغير الأحوال في السودان

ان تغير الأحوال دائما ما يضعنا في مأزق أخلاقي مع قطر سواء ان كان هذا التغير في الخليج او هنا في السودان لولا ان قطر تظل دائما كبيرة بما يكفي لتفهم الفرق بين المأزق والموقف !

ان التفهم الدائم هو موقف قطر الكبير وان اضعنا بالأمس – في تقديري – تسجيل موقف كبير تجاه أنفسنا أكثر من كونه لصالح قطر علينا اليوم وغدا ان نحسن القراءة والتقدير وندرك ان دفع ثمن المواقف الصحيحة أكبر قيمة من المواقف الرمادية وابقى أثرا من كل العوارض الزائلة

تستطيع اي دولة في العالم ان تدفع لضحايا الفيضان في السودان مثلما فعلت قطر وربما أكثر ولكنه مهما بلغ فهو لا يعادل السبق القطرى ولا الموقف الشعبي القطري ولا السهم الأميري القطري

لقد تحولقنا بالأمس حول الشاشات ونحن نتابع المبادرة القطرية لدعم ضحايا الفيضان تحت العنوان (سالمة يا سودان)بفرح غامر وكأننا نتابع أهدافا كروبة قطرية ولم يكن يهمنا المال بقدر ما كان يهمنا الموقف الذي يشبه قطر ويرفع رأس قطر ويعلي من شأن قطر بين الأمم

كنا نهتف بفرح هستيري عند كل تبرع قطري بدءا من سمو الأمير إلى التلميذ الصغير وتشتعل مواقع التواصل الاجتماعي عندنا بالرصد والمتابعة ونحن الشعب الوحيد في الدنيا الذي لا يهمه المال (ان كتر او راح)وليس أدل على ذلك من ابتسامات الرضا التى تعلو الوجوه عند سقوط كل منزل او انجراف اي متجر

بالأمس كان فرحنا لقطر أكبر من فرحنا للسودان فكم يسعدنا ويهمنا ان تظل قطر وفية فهذا أليق بها ويشبهها أكثر من غيرها

يظل الحب هو المقابل الوحيد الذى نقدمه لقطر امس واليوم وللابد وستظل (الدوحة) في وجداننا وبين جوانحنا مثلما هي مركوزة في مكتباتنا مجلة من ورق وروح!

ان لكلمة (أمير ) في السودان معنى اوسع من الموقع السياسي في الأنظمة الحاكمة والسودانيون عندما يقدرون شخصا يصفونه ب (الزول ده أمير )فشكرا قطر وشكرا (تميم) أمير قطر والسودان!

#نشر بصحيفة السودانى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *