آراء و مقالات

العين الثالثة _ (كشف حال)…!- ضياء الدين بلال

-١-
تعطل الجهاز المناعي في الأفراد والدول تترتّب عليه كثرة الأمراض والعِلل.بضعف وعدم فاعلية الجهاز المناعي، يصبح الجسد مُستباحاً للفيروسات والبكتيريا، لذا يُعتبر (الإيدز) أخطر أمراض العصر.

(الإيدز) ليس مرضاً مناعياً يُصيب الأفراد فقط، قد يُصيب الدول والمُجتمعات، والفرق الرياضية!

-٢-

في كل مرةٍ تقوم فيها المملكة العربية السعودية بإرجاع بواخر الماشية، يكون (ضعف المناعة) هو السَّبب في ذلك!
أفهم أن يحدث ذلك مرة أو مرتين، ولكن حدوث الأمر بصورة مُتكرِّرة، دليلٌ على وجود خللٍ مركزي خطيرٍ، مصحوب بتبلُّد إحساسٍ وخفة عقل.

السَّبب في كل حالات الإرجاع الخاسئة والخاسرة واحدٌ مُكرّر (ضعف المناعة).في كل مرة تتضاعف الخسائر، وتسُوء سُمعة الماشية السُّودانية، ولا يُحاسب أحدٌ ولا تُعاقب جهة، ولا يُعالج الخلل!

الوضع الطبيعي جداً: حينما يتم تنبيه أي جهة أو فردٍ على وجود خللٍ أو خطأ ما، يقوم بالإصلاح والتصحيح قبل إعادة المُحاولة.. خَاصّةً إذا كانت تلك الأخطاء ستترتّب عليها خسائر فادحة وإشانة سُمعة.

هذا ليس موضوعنا الآن….

-٣-

تفسيري لتلك الحالة الشاذة والغريبة من اللا مبالاة، أنّ حالة (ضعف المناعة) لم تُصب الماشية وحدها!
كل أجهزة الدولة مُصابة بذلك الداء العضال، مناعتها في أضعف حالتها، وفاعليتها في الحضيض!

نعم العِلّة قديمة وليست وليدة الفترة الانتقالية الآن، ولكن خلالها بلغت أسوأ مراحلها على الإطلاق.

وأنت تُتابع أداء أجهزة الدولة في كل أنشطة الحياة، لا تكاد تجد لها أثراً واضحاً أو دوراً مَلمُوساً.

-٤-

الشرطة لا تزال تُعاني من ما لحق بها من إهاناتٍ وازدراءٍ، فهي تقوم بدورها بحذرٍ وتوجُّسٍ بالغ يُضعف فاعليتها.
جهاز المخابرات يجد نفسه موضعَ شكٍّ وريبةٍ، فيجد في السُّكُون أماناً له، لذا بَاتَ ينام باكراً ويصحو مُتأخِّراً!
ومع ذلك الوضع المُتراخي، أصبحت الخرطوم أرضاً مُستباحةً لثعالب وثعابين أجهزة المخابرات تبيع وتشتري في مزادٍ علني مفتوحٍ!

تماسيح الاقتصاد وتُجّار العُملة يتجوّلون في الأسواق، كأنّهم سياح أجانب!

غالب أجهزة التحصيل المالي، ضرائب وعوائد وزكاة، لا تجد في نفسها عزماً للقيام بمهامها.

البنك المركزي استنفد كل تدابيره البائسة، لإنقاذ الوضع الصحي للجنيه السوداني!

لم يَبقَ له سوى انتظار رحمة السماء، واجتهادات سعادة الفريق في كبح جماح الدولار!

الضباط الإداريون – مثل ضابط تمبول – يؤدون عملهم وسكينهم في ضُراعهم، خشية تعرُّضهم للاعتداء والإهانة من شبابٍ أصغر من أبنائهم!

حتى النيل انتهز ضعف مناعة الدولة ووهن تروسها الحامية، فاجتاح المُدن والقُرى إلى أن اقتحم منزل رئيس الوزراء وهَدّدَ قصر السِّيادة!

-٥-

سألت نفسي: ما هي المُترتّبات العملية لإعلان الحكومة حالة الطوارئ القصوى لمُواجهة كارثة الفيضان؟!
ماذا يعني ذلك فعلياً؟!

أول ما يتبادر للذهن أنّ أجهزة الدولة ستعمل بطاقتها القصوى لتلافي المخاطر وجبر الأضرار!

دَعكُم من مُواجهة ظروف الطوارئ الاستثنائية!

للأسف، أجهزة الدولة لا تقوم بمهامها اليومية المُباشرة، بعد السِّواك وغسل الوجه!

-٦-

دعونا نرجع إلى الوراء قليلاً، حينما أعلنت الحكومة حالة الطوارئ الصحية لمُواجهة (كورونا) ماذا!
كانت الاستجابة جيدة في البداية، حيث التزم غالب الناس بتوجيهات الحكومة وكانت الأجهزة مُتشدِّدة في منع التجوال وإغلاق المحال.

لَم يَمضِ وقتٌ طويلٌ، سُرعان ما حَدَثَ التراخي وضعف الالتزام إلى أقل حد.

أعطيكم مثالاً، كُنّا نجد في ساعات منع التجوال نقاط ارتكاز على بُعد أمتار بين النقطة والأخرى.بعد فترة تراجع عدد النقاط وتباعدت المسافات، عقب ذلك حَدَثَ تَساهُلٌ في تصاريح المُرور، ثم لم يعد يُسأل عنها!

المُدهش أصبحت هنالك نقاط ارتكاز جميع أفرادها جلوس، يُمارسون عملهم بالنظر فقط!

قبل أيّامٍ لاحظت ما هو أعجب، وجود لافتات لنقاط الارتكاز في الطرقات، تدعو للتوقُّف ولكن لا تجد في جوارها أحداً!

ما نَبّه إليه وزير الإعلام فيصل محمد صالح، بطرفٍ خفي، عند زيارته لكسلا عن فاقد الثقة بين الأجهزة والمُجتمع هو بُؤرة الداء وأُس البلاء!

-٧-

لن ينصلح الحال ويستقيم الظل، إذا لم يُعَد بناء جسر الثقة بين المُجتمع وأجهزة الدولة.
لن ينصلح الحال، في غياب العمل المُؤسّسي المهني، بعيداً عن (خرمجات) السِّياسيين وشهواتهم الاستبداديّة.

لن ينصلح الحال ويقوى جهاز المناعة، بغير ترسيخ دولة القانون، وتطبيق العدالة!

-أخيراً-

المبادئ ليست معطفاً شتوياً نرتديه عند شُعُورنا بالبرد، ولا مُسكِّناً دوائياً نتناوله عند اللزوم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *