آراء و مقالات

همس الحروف _ فرحتنا بالسلام كفرحة الأبوين بميلاد إبنهم المعاق _ الباقر عبد القيوم علي

لا أريد أن أفسد فرحة الذين خال إليهم أن ما حدث في مدينة جوبا يعد إنتصاراً على الحرب ، ويمكن أن يُعرف بأنه سلاماً .. فبرغم من عدم قناعتي بهذا السلام الفطير و اليتيم و لكنى إعتبره بأنه هو الخطوة الأولى في مشوار التصالح و التصافح في طريق السلام .. و خصوصاً أن أغلب حملة السلاح هم أبناء إقليم واحد و لكن تختلف عقائدهم في هذه الحرب بإختلاف السبب الذي كان من أجله تمت صناعتها و التي راح ضحيتها اناس أبرياء أعزاء علينا من أهلنا أسأل الله ان يعوضهم عن الظلم الذي وقع عليهم الجنة .. و كما ان هذه الحرب التي عجز أكثرهم عن تبرير أسبابها المنطقية التي أدت إليها ، إلا نجد انه حينما زالت هذه الاسباب التي صنعتها لم يزعنوا إلي السلام ، و برغم ذلك فإننا سوف نبتهج معهم لقناعتنا بأن أخراس صوت طلقة واحده فقط عن صدرور أبنائنا يعد إنتصاراً و حق لنا ان نفرح لذلك

السلام هو السلام الذي لا يتم تعريفه بأنه مسالمة بين البشر لذين وقعت بينهم فتنة قادتهم إلى هذه الحرب ، بل يعتبر هو تصالح البشر مع الأرض التي تقاتلوا من اجلها و هي تحملهم على ظهرها و تئن عندما تسيل عليها دمائهم و لا تقوى ، و تدفن فيها جثث الضحايا وهي تتلوى من ظلم أولئك الذين سمحت لهم بالعيش على ظهرها فيسعون في قتل الحرث والنسل و جمع المال الكثير بأي وسيلة من أجل تجيش الجيوش لإرسالها إلى حرب ضروس تسحق فيها آلتهم الحربية الناس الابرياء بدون سبب يذكر فيموتون ، و لكن نجد نفس هؤلاء النخب يضنون بالمال القليل على الناس لإنقاذهم من شبح الموت

من شنيع ما فعل النخب و الزعماء وهم يتسلون بهذه الحروب و يعتبرونها هواية لهم و تسلية و يبخلون بوفير أموالهم على شعوبهم الذين هم وقودها ولكنهم يسمحون إليهم بمشاركتهم فيها .. و هذه هي التسلية الوحيدة التي يتشاركون بها مع البسطاء و يحرمونهم من غيرها ، ولهذا إمتلات باطن الارض بقبور القتلى وتزاحمت علي ظهرها معسكرات النزوح بالفارين منها .. و ركب الشباب سفن الموت لأنهم يريدون ان يعيشوا لانهم خلقوا من اجل الحياة .. و لهذا كانوا يهربون من هذه الحروب والفقر و رداءة النخب الذين قادوهم إلى الموت في هذا البلد الذي صيرهم أن يكونوا طاعنين في السن وهم لم يُكملوا العشر سنين من اعمارهم

لم يعد هناك وسيلة للخروج من حالتنا الراهنة إلا عن طريق صياغة الطريق نحو هدفنا بكذبة مثل هذه التي إدعت فيها الحكومة بأنها قد حققت السلام وما زالت 13 حركة مسلحة وجيشين عرمرمين لم يوقعوا علي هذه الوثيقة ولو بالأحرف الأولى كما يقولون ، وذلك يعني ان بحر الدم ما زال جارياً و ما زلنا نعيش تحت جناح الخوف من آلة الحرب في أفق مشتعل بالنار .. فمرحب بالسلام اذا كان ما سعوا إليه حقيقة و يمثل سلاماً و فرحتنا به كفرحة الأبوين بميلاد إبنهم المعاق ، فحمدوا الله على سلامة امه التي أنجبت بالسلامة وإستعوضوا الله في إعاقة إبنهم .. و كما يجب أن يعي الجميع ان (السلام حرب) كالحرب الأولى تماماً ويعتبر معركة أشد فتكاً منها فيجب ان يكون لها جيوشها وحشودها وخططها و أهدافها و ثقة جنودها بالنفس لأن السلام يعتبر معركة ضخمة ضد كل مضاعفات الهزيمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *