الأخبار الرئيسيةتقارير

في عام الثورة الأول.. الإسلاميون.. بين الملاحقة أو الاعتقال!!

الخرطوم : آدم محمد احمد

قبل وقت ليس ببعيد من نجاح الثورة وسقوط نظام الانقاذ، كانت التيارات الإسلامية، على رأسها (حزب المؤتمر الشعبي وحركة الاصلاح الآن ومنبر السلام العادل وحزب دولة القانون والعدالة)، تعتقد انها في مأمن من حملات الملاحقة التي كانت متوقعة ان يشنها النظام الجديد (قوى الحرية والتغيير) في إطار ما اصطلح عليه (تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 89م)، وان كان خطر على بال بعضهم بأن الساحة السياسة لن تسعهم مع القوى الجديدة ذات الخلفية اليسارية، وان الواقع بالنسبة لهم ليس كما كان قبل الثورة، انطلاقاً من التاريخ الذي يحمل الكثير من الشواهد التي أعقبت كل ثورة شعبية في السودان.

الملاحقة متوقعة

الأمر بالنسبة للمؤتمر الوطني الذي ثارت الجماهير ضده مفهوم ومتوقع، لجهة ان قياداته ستطولهم الملاحقة والاعتقالات، وهو ما حدث فعلاً لحظة السقوط، عندما زج باكثر من (20) من قيادات الصف الأول في المعتقل، وصودرت دوره في كل الولايات، وكانت البدايات بالنسبة لـ (الوطني) في اطار المقدور عليه عندما افلحت بعض من قياداته خارج المعتقل في التوصل الى اتفاق مع المجلس العسكري حينها، ان يجنح الحزب ناحية التهدئة، وتجنب الحكومة قياداته الملاحقة والمضايقة، وهو ما اشار اليه النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق اول محمد حمدان دقلو (حميدتي) عندما قال في وقت سابق: (اتفقنا مع المؤتمر الوطني على الا يخرجوا مقابل الا تستهدف الحكومة قياداتهم، لكن هذا لم يحصل وتعرضوا للملاحقة)، مما دفعهم الى محاولة الدفاع بطرق شتى.ولم تشفع عبارات (المعارضة المساندة) التي أطلقها ابراهيم غندور رئيس المؤتمر الوطني كتعبير عن موقف حزبه من الحكومة الانتقالية، وان كان من ينتمي (للوطني) أظهر اختلافاً مع العبارة لكونها تحمل بما يشبه الضعف والمهادنة، بيد أن استمرار الحال هكذا لم يدم طويلاً، لجملة أسباب أبرزها ضغط الشارع الذي كانت مطالبه تدفع في اتجاه تصفية تلك القيادات في إطار إكمال مطلوبات الثورة، والسبب الثاني الذي شكل أرضية للسبب الأول هو أن المؤتمر الوطني والتيارات الإسلامية الأخرى بدأت تنظم صفوفها وخرجت قياداتها في مخاطبات عامة تنتقد الحكومة، وكان اللافت في ذلك حديث غندور الذي كان في شكل حوارات مباشرة مع قنوات فضائية أبرزها (الجزيرة والحرة) ومنشوراته في مواقع التواصل الاجتماعي التي أثارت حفيظة قيادات الحكومة، مما كان سبباً مباشراً قاد الرجل إلى الاعتقال، وكان غندور قد سبق الاعتقال بحديث تنبأ فيه بذلك، إذ قال: (إنّ الذين يحاولون إخافتنا بالاعتقال والسجن عليهم أن يعرفوا أن مثل ذلكم التهديد لن يزيدنا إلا تصميماً، لنمضي قدماً في منع انزلاق بلادنا للفوضى أو اختطافها)، وأضاف قائلاً: (لقد مددنا أيادينا بيضاء من غير سوء لبناء وطنٍ معافىً من أمراض العصبية والإقصاء، لكن يبدو أن رسالتنا قد وصلت إلى البريد الخاطئ، وسنمضي بإذن الله لا نلتفت إلى الوراء مهما كانت التحديات والتضحيات، ولإن اُعْتُقِل قيادي فهنالك آلاف القيادات، وعلى الذين يعملون على قطع اليد التي مدت اليهم أن يعلموا أننا أحفاد جعفر الطيار رضي الله عنه)، وذات الأمر انطبق على أنس عمر رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم الذي نشط هو الآخر في بث مباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ مهاجماً ومنتقداً الحكومة، وشكلت لقاءاته مادة حية، وأعادت الأمل إلى عناصر وقواعد حزبه الذين فقد بعضهم اية بارقة يمكن أن تعيدهم إلى بعضهم البعض ناهيك عن العودة للسلطة.

دهس وجز الرقاب

وما بين اعتقال أنس وغندور دارت عجلة السلطات في دهس الكثير من القيادات الوسيطة، واستخدمت السلطات لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد ونيابتها الخاصة سيفاً لجز الرقاب التي تحاول التعبير عن رأيها أو الخروج في مظاهرة؛ وكرست لجنة التمكين أجهزتها لرصد ذلك، واعتقلت الكثير من القيادات بخلاف غندور وانس، أبرزهم الشاب النعمان عبد الحليم الذي مضى على اعتقاله ستة أشهر، وكان اعتقاله على خلفية محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بعد ان تم رصد صفحة النعمان في (الفيسبوك) التي قال فيها: (بعد (72) ساعة كل قرد يطلع شجرتو)، وهو ما اعتبرته حديثاً ينبئ بعلم كاتبه أو انه ذو صلة بالواقعة، مع ان أسرة النعمان قالت في بيان إن السلطات لم توجه له أي اتهمام، وظل في المعتقل دون تقديم اية خدمات له، وان الأسرة تتكفل باطعامه وعلاجه وهو يعاني من المرض، وفي موجة ثانية ألقت السلطات القبض على اللواء عمر نمر معتمد الخرطوم السابق وعبد القادر محمد زين القيادي بالحركة الإسلامية المعروف والكباشي أحمد وغيرهم، وكذلك اعتقلت معمر موسى رئيس الحراك الشعبي الموحد (حشد) الذي ذهب للوقوف على حالة الطيب مصطفى بالقسم عندما اعتقل، فما كان من السلطات الا ان اوقفته هو الآخر، إضافة إلى ميخائيل بطرس عضو تيار المستقبل، ورمت السلطات ايضاً رئيس دولة القانون والتنمية محمد علي الجزولي في السجن، اضافة إلى قيادات المؤتمر الشعبي الذين اتهموا بالانقلاب، وكذلك اعتقال القيادي بحركة الاصلاح الآن راشد تاج السر، وامتد الأمر الى الصادق الرزيقي رئيس اتحاد الصحافيين المحلول الذى صدر أمر قبض في مواجهته، وكذلك مدير عام قوات الشرطة ووالي الخرطوم السابق الفريق هاشم عثمان الحسين، بتهم مختلفة من قبل لجنة إزالة التمكين.

العمل السري

ولكن يبدو أن اعتقال ابراهيم محمود حامد رئيس الحزب المكلف، وضع المؤتمر الوطني في محك حقيقي، اذ ايقن ان السلطة تعمد إلى استهداف القيادات المكلفة، وهو ما دفعه ربما الى العمل السري، ووفقاً لمصادر تحدثت الى موقع (أجواد) فإن الحزب يتجه لعدم تسمية قيادة محددة، وسيكتفي بتعميمات راتبة دون تحديد مركز قيادة، مع التأمين على موقف الحزب الثابت من الدعوة لحكومة كفاءات غير حزبية والتمسك بالخيار المدني السلمي في المعارضة. ونوهت المصادر بأن الحزب اتخذ ترتيبات تنظيمية استثنائية بعد ترصد الحكومة قياداته واستهدافها بالاعتقال، ووفقاً لتلك المصادر فإن الوطني عمم توجيهات لعضويته بالتركيز على الانتشار المجتمعي خاصة في الاحياء، وشملت التوجيهات حسب المصادر ذاتها حث العضوية على دعم الأنشطة السلمية، ومساندة كل حراك جماهيري عدا الأنشطة التي تنظمها الحاضنة السياسية لقوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين، حتى إذا كانت ضد الحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *