الأخبار الرئيسيةحوارات

الموسيقار الفاتح حسين لـ(النورس نيوز): عملت في تركيب “الزراير” مع “ترزي” من اجل شراء آلة الأكورديون

  • “حي دردق وموسيقى البوليس ونقارة النوبة وحفلات زواج الدينكا” شكلتني موسيقيا
  • مشغوليات محمود جعلت من تجربتي معه يتيمة
  • حريق شركة حصاد قضى على تسجيلات محمد الامين

 

رحلته في عوالم الموسيقى بدأت باكرا منذ ان كان يافعا شغفه بموسيقى البوليس والثقافات المتعددة حيث نشأ، كل تلك الاشياء مجتمعة كونت شخصية  الموسيقار الفاتح حسين الذي بدأ اعجابه بالآلآت الموسيقية اولا بآلة الهارمونيكا  ثم الأوكورديون  ثم الجيتار الذي احبه كثيرا لدرجة انه صنعه من الصفيح (النورس نيوز) التقت الفاتح في حوار عن البدايات الى ان اصبح اسمعا معروفا.

 

 

حوار : رندة بخاري

 

**البدايات إلى عوالم الموسيقى كيف كانت وهل لعب محيطك الاسري دور هام في توجيه اذنك لسماع الموسيقى ؟

نشأت في حي دردق بمدينه ود مدني، ذلك الحي عبارة عن تركيبة مجتمعية تضم  كل قبائل السودان فهو كان يمثل (القومية السودانية )، سكانها استقر بهم المقام بالحي بعد الحرب العالمية الثانية التي شاركوا  فيها، بداية كان عبارة عن معسكرات ثم تحول إلى حي (دردق ) بجانب ذلك كان الناس تاتي إلى المنطقة بحكم مشروع الجزيرة الذي كان ينتج القطن فالجميع وقتها كان يعتمد على المشروع، فكنت شاهدا على الكثير من المناسبات التي تقام بالحي اليوم “نقارة للنوبة” وغدا حفل زواج للدينكا والنوير  وبحكم عمل سكان الحي (بالبوليس ) كانوا يأتون  بموسيقي الجيش فلفت نظري الآت  النفخ وعندما استمع إلى تلك الموسيقى اكن بعالم اخر وهنا لابد من الاشارة إلى ان حي دردق به مجموعة من الموسيقيين اللامعين منهم محمد ادم المنصوري جمعة جابر اسماعيل عبدالرحيم

  • يمكننا القول إن تلك الاجواء والخليط المجتمعي الذي ضم ثقافات متعددة هو الذي اسهم في تفتح اذنك موسيقيا ؟

وقتها كنت استمتع فقط باحساس  الموسيقى ولم افكر حتى فيها وفي الوقت ذاته كنت شديد الحرص على الذهاب مع والدتي إلى بيوت الافراح والجلوس في المقدمة وبالقرب من الفنان الذي يحي الحفل اضيفي إلى ذلك ان الاسرة متذوقة للفن وخالي بابكر مرحوم عازف ماهر على الة العود وكذلك رسام فكنت اجالسه واطلب منه ان امسك بالة العود خاصته خاصة وان الحي لم يكن به كهرباءٍ بالتالي لا يوجد  تلفزيون للمشاهدة تلك الاحداث كانت بالعام 1960م  فتعلمت من خالي الرسم وعندما دخلت المرحلة الابتدائية وانا بالصف الاول رسمت بحصة الفنون لوحة اشاد بها اساتذتي.

 

  • اذن ترمحلت موهبتك ما بين العزف والرسم ؟

نعم على سبيل المثال عندما انتقلت إلى المرحلة الثانوي والعام الذي تم فيها تغيير السلم التعليمي من اربعة سنوات إلى ثلاثة سنوات وقتها تعرفت على بعض الشباب الذين يكبروني سنا نلعب معا الالعاب الشعبية واحدهم كان يملك الة الهارمونيكا صوت تلك الالة اثرني كثيرا فقمت بشراء الة هارمونيكا واول لحن عزفته  كان لحن اغنية لون المنقا للبلابل وكنت استمع إلى العزف بتركيز من اجل اكتشاف النغمات الموسيقية فقلدت طريقة عزفهم إلى ان اتقنتها وكنت اذهب بالهارمونيكا إلى المدرسة ووقتها كان بين الحصة والاخرى مسافة مدتها خمسة دقائق كنت اقوم فيها بالعزف وتسببت في مرات كثيرة بان يعاقب الاستاذ الطلاب بالجلد (جلدتين ) لكل طالب خاصة وان زملائي بالفصل كانوا يشاركونني (بالدق ) على الادراج اثناء عزفي فيحدث ذلك ازعاج الا اننا بالرغم من العقاب لم نتوقف عن العزف وبتلك المرحلة كنت من المواظبين على المشاركة بالجمعية الادبية وتعرفت بالجمعية على الة الاكوردين  وقررت ان اتعلم العزف عليها ايضا ففي تلك المرحلة كان الشكل كان بمثابة عامل جزب.

 

  • قررت شرائها مثل الة الهارمونيكا ؟

نعم قررت بيد ان الظروف الاقتصادية وقتها كانت صعبة للغاية فاذا قدمت لك الاسرة (حق الفطور ما قصرت ) لذلك اتجهت نحو السوق من اجل العمل وبالفعل عملت مع احد الترزية  بالسوق حيث كنت اقوم بتركيب الزراير واقضي المشاوير في حال ان جاء زبون اذهب واحضر له عصير الليمون العمل في تلك السن الباكرة علمني كيف اعتمد على نفسي خاصة وان والدتي كانت منفصلة عن الوالد وهي المشرفة على تربيتي فاستطعت جمع مبلغ من المال واشتريت اكورديون  صغير فتعلمت العزف عليه ايضا.

  • جربت العزف على التين موسيقيتين ثم جاء الجيتار الذي ختمت به طوافك الموسيقي؟

الة الجيتار تعرفت عليها عبر الفنان شرحبيل احمد الذي كنت اشاهد صوره عبر اغلفة المجلات ومن بينها مجلة الاذاعة والتلفزيون وامعن النظر بالجيتار واتذكر جيدا انه في احدى المناسبات بحي دردق كان الحفل بفرقة جاز البوليس وكانت الفرقة بها الالات موسيقية كثيرة ويومها وبعد ان سمعت الاصوات الموسيقية خاصة لالات النفخ اصبت بحالة تشبه (الزار ) ذلك الشغف قادني إلى صناعة الة الجيتار من الصفيح والاسلاك  وكان عمري اربعة عشر عام وبعد الانتقال للمرحلة الثانوية بمدرسة مدني الثانوية التي كانت تعتبر من المدارس المميزة ولا تقبل الا المميزين كان بها جمعية الموسيقى ويديرها العم قسم الله مليجي وجدت بالفرقة التابعة للجمعية الة الجيتار وطلب من عم مليجي ان يعلمني العزف وكان كبار الفنانين مثل محمد الامين محمد وردي وغيرهم  يحيون حفلات بمدني ولم يكن يهمني من الذي يغني بقدر ما اهتم بالشخص الذي يعزف على الجيتار.

 

  • المبدعون في حقب سابقة كانوا يخرجون إلى الساحة الفنية عبر المهرجانات الخاصة بالمديريات ثم الدورات المدرسية هل شاركت بفعالية مشابهة اسهمت في اضافة خبرة ما لتجربتك الفنية ؟

نعم فانا شاركت في الدورة المدرسية الاولى بالعزف المنفرد والتي اقيمت في العام 1978م ونلت جائزة واللجنة كانت تضم كلا من الموسيقار انس العاقب والدكتور الماحي سليمان ومكي سيد احمد رحمة الله عليه واثناء الحفل شاهدت الدكتور انس العاقب يؤشر من بعيد بيده نحوي ومن ثم صعد المصور والتقط لي صور وتفاجأت بصورتي موضوعة غلاف على مجلة الاذاعة والتلفزيون (وقبضته بالمجلة والصورة الجو)

  • بعد ان تنقلت عبر عدد من الالات الموسيقية هل استقر تفكيرك بدراسة الجيتار بمعهد الموسيقى ام فكرت بالة اخرى ؟

بعد تلك الرحلة قررت دراسة الجيتار وقد كان حيث التحقت بمعهد الموسيقى، ان ذاك وكلية الموسيقي والدراما حاليا ودرست على يد استاذة من المانيا وفي تلك الفترة عزفت خلف مجموعة من المطربين ابرزهم الفنان احمد المصطفي زيدان ابراهيم  ابو عركي البخيت خوجلي عثمان واسماعيل حسب الدائم وكنت اطمح للعزف خلف الفنان محمد الامين الذي التقيته عن طريق الصدفة في مناسبة زواج بمدينه ود مدني ويومها كانت فرقته الموسيقية غائب عنها عازف الجيتار  وواصلت مشواري معه إلى ان توقفت من العزف معه وانشغلت بتكوين فرقة  السمندل في العام 1986م وكانت تعتبر الفرقة الاولى التي تضم عازفين من طلبة المعهد وكان اسمها قبل السمندل فرقة الاستاذ الفاتح حسين، وشاركنا في حفلات داخل وخارج السودان وحققت عبرها انتشار اعلامي واسع ثم غادرت إلى روسيا وبعدها بفترة ليست بالطويلة تراجع مستواها إلى ان توقفت عن العمل وتفرق شمل اعضائها بين دول العالم  وهنا لابد من الاشارة إلى ان الالبوم الذي سجله الفنان الراحل محمد وردي وهو  بامريكا صاحبه بالعزف عدد من اعضاء السمندل المقيمين هناك.

 

  • الحديث عن فرقة السمندل الموسيقية يقودنا للحديث مباشرة عن ثقافة الموسيقى البحتة التي نجدها عندنا متراجعة مقارنه بالثقافة الغنائية ؟

انتشار الثقافة الغنائية اكثر من الموسيقية نجدها منتشرة ليس في السودان فقط وانما في كل دول العالم حيث نجد الغناء هو الطاغي وبالرغم من ذلك هناك موسيقيين تركوا اثرهم في الموسيقى البحتة مثل الموسيقار برعي محمد دفع الله وابرز مقطوعاته المروج الخضراء وانا حاولت كثيرا عبر الحفلات التي كنت اقيمها من حين لاخر ان اقدم مقطوعات موسيقية بحته بيد ان الحفلات توقفت بسب ارتفاع تكلفة  اقامتها.

 

  • تجربتك مع الفنان الراحل محمود عبدالعزيز ظلت تلازمك حدثنا عنها؟

في روسيا الجو كان ملائما والتحقت باكاديمية متخصصة بمجال الموسيقى اسست في العام 1924م  والقيت هناك بالمخرج المعروف دكتور وجدي كامل الذي جاء لروسيا من اجل نيل درجة الدكتوراة وكان شاعر ايضا فهو يكتب الشعر وانا اصيغ له الالحان باحساس الفنان الراحل محمود عبدالعزيز الذي كنت ولازلت من اشد المعجبين بصوته وفي اول اجازة لي للسودان قصدت محمود وطرحت عليه الفكرة ووافق وبالفعل سافرنا لتسجيل الالبوم بدعم من شركة حصاد للانتاج الفني ونزل الالبوم إلى السوق في العام 1995م  واثناء تسجيل الالبوم استمع اليه موسيقى روسي اسمه صمويل وطلب في الاجازة القادمة ان احضر معي محمود  لانه راي فيه مشروع لفنان عالمي لكن  مشغوليات محمود الكثيرة حالت دون ان يرى المشروع النور وخططنا ايضا لعمل البوم مع الروس للفنان محمد الامين فقمنا بتسجيل الموسيقى وتوزيعها وجئت بالتسجيلات إلى الخرطوم لشركة حصاد ومن ثم سجل محمد الامين الصوت لكن شاءت الاقدار ان تتعرض الشركة لحريق قضى على تسجيلات محمد الامين وتسجيلات  الالبوم الثاني لمحمود كما حرق ايضا اكثر من سبعة عشر البوم غنائي.

 

  • الساحة الفنية الغنائية تفتقد للتوزيع الموسيقى المتعارف عليه الذي لا يغير من اللحن الاساسي للغناء هذا من جهة واخرى ابتعدت عن التعاون مع الفنانين كما كان بالسابق بالرغم من وجود اصوات جادة ؟

الساحة الفنية حقا تفتقد للموزعين الموسيقيين وبعضهم لا يعلم ان التوزيع هو توظيف  للالات الموسيقية واللحن الاساسي يكتبونه كنوتة لذلك الكثير من الالحان نجدها تضيع بعدم الخبرة وفيما يخص تعاملاتي  مع الفنانين انا اكتفيت بالتجارب التي قدمتها مع كبار الفنانين مثل حسن عطية وغيره وانصب تركيزي مع الموسيقى  البحتة التي اعتبرها مشروعي وبالرغم من ذلك قبل سنوات مضت كنت اشارك في مهرجان دار  الاوبرا مع عدد من الفنانين مثل وليد زاكي الدين عمر احساس سيف الجامعة عصام محمد نور واخرين وبعدها فضلت تكوين شخصيتي الفنية بعيدا عن العزف خلف المطربين.

  • لماذا توقف مهرجان الموسيقى الخاص بالاطفال بالرغم من النجاحات التي حققها ؟

المهرجان استمر لثلاثة دورات كانت ناجحة لكن وقف التمويل حجر عثرة امام استمراره وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة توقفت شركة  ( ام تي ان ) للاتصالات عن تمويله وفي تقديري ان مثل هذه المهرجانات يجب ان تمولها وزارة الثقافة خاصة وان لديهم مركز خاص بالثقافة كان يتوجب عليهم رعاية  المهرجان لكن هناك عدم اهتمام بثقافة الطفل من قبل الوزارة ومركزهم ذاك لا توجد لديه اية نشاط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *