آراء و مقالات

العين الثالثة-(عوة) البرهان وحمدوك!-ضياء الدين بلال

-١-

في أقل من أربع وعشرين ساعة، تحدّث دكتور عبد الله حمدوك مرّتين، مرة في مؤتمر إذاعي وأخرى عبر بيان رسمي من قاعة الصداقة!

في أقل من أربع وعشرين ساعة، تحدّث الفريق أول عبد الفتاح البرهان مرّتين، واحدة أمام كبار الضباط، والثانية في مخاطبة ضباط وجنود بوادي سيدنا!

الفريق ياسر العطا كذلك لم يُفوِّت فرصة استهلال مؤتمر إزالة التمكين، فقام بإرسال رسائل مُتجاوزة لطبيعة المنبر!

-٢-

القاسم المُشترك بين كل تلك الإفادات: الحديث عن شركات الجيش وتبعيتها لوزارة المالية.

قاعدة يجب الأخذ بها:

حينما يضطر أي شركاء في أي نشاط، للحوار مع بعضهم عبر منابر عامة، ذلك دليل اختلاف وتوتر عميق، ومؤشر لمُواجهة قادمة.

أكثر حمدوك، الطَرق على موضوع شركات الجيش، وأرسل اعترافاً ليس لمصلحته، حين قال إنّ وزارة المالية لها ولاية على ١٨٪؜ من المال العام، وإنّ البقية الغالبة خارج سيطرتها!

الجيش قالها بصريح المعنى على لسان البرهان: على، حمدوك أن يبحث عن أسباب فشل حكومته، بعيداً عن حياض القوات المسلحة!

-٣-

وضح من خلال المساجلات المنبرية والرسائل العابرة لآذان المستمعين، أن كل طرف يُريد تحقيق مكاسب خاصّة به.

حمدوك يريد طرح نفسه كضحية لأوضاع تأتي من فوق رأسه، تجعله عاجزاً عن إدارة الاقتصاد والإمساك باللجام، حتى يُحوِّل حالة السخط عليه لتعاطف معه.

والبرهان يريد حماية امتيازات الجيش وكسب الرأي العام داخل القوات المسلحة، وتحييد الشارع الثوري حتى لا يستثار ضده.

-٤-

كان على الطرفين طرح الموضوع بصورة تفصيلية ورقمية واضحة، بدون استخدام المؤثرات العاطفية.

هذه شركات والشركات تعني عملياً وجود أموال وأصول، ولا حديث عن الأموال والأصول بلا أرقام.

حتى نعرف الصادق من المخادع، كان عليهما مَدّ المواطنين بالمعلومات الرقمية:

عدد الشركات، دخلها السنوي، ناجحة أم خاسرة، أوجه صرفها؟!

إذا تم تحويل ملكيتها أو إدارتها لوزارة المالية، بأي نسبة يمكن أن تسهم في خفض عجز الميزانية المتجاوز الخمسة مليارات دولار؟!!

 

لماذا لم تسهم هذه الشركات، اذا كانت ذات قيمة عالية، في فك ضائقة نظام البشير، وهو المشرف عليها ،والممسك بزمام أمرها؟!

 

بتجريد كل المؤثرات التي استخدمها الرجلان، وتحويل الخلاف لنزاع رقمي، ستأخذ الحقائق حجمها الطبيعي، غير المُضخّم بكرتيزون العواطف!

-٥-

يُؤخذ على رئيس الوزراء هذا الاعتراف المتأخر – إذا صح ما قال – بأن ولاية المالية على المال العام لا تتجاوز١٨٪؜.

لماذا صمت طوال هذا الفترة عن هذه الحقيقة المنتقصة لهيبته الديوانية، والمُزرية بصورته الشخصية، والمانعة لتحقيق النجاح، والمُلزمة بالفشل الحتمي؟!

هذا أشبه بطالب ممتحن اكتشف بعد مضي نصف زمن الامتحان، أنه نسي قلمه في البيت!

دكتور عبد الله حمدوك يثبت في كل يومٍ، أنه باحث عن التعاطف معه، لا عن كسب الرضاء عنه بالعمل والإنجاز.

أما الفريق البرهان، فهو ظل مُختفياً في الغموض، ولا مُبالياً بكل ما يجري في الدولة من خراب؟!

وما إن تمّ الاقتراب من امتيازات الجيش، قرّر الخروج من خندق الصمت لمواجهة من يراهم مُعتدين؟!

-٦-

الأمر بسيطٌ جداً، ولا يحتاج لكل هذا الصراخ والصراع غير الضروري، بل المضر بالسلامة الصحية للفترة الانتقالية.

طالما أن الفترة الانتقالية قائمة على قاعدة الشراكة بين المدنيين والعسكريين، وإدارة الوطن عبر هذه الثنائية.

لماذا لا تُدار تلك الشركات وهي أقل أهمية من الوطن، بذات تلك الروح التشاركية؟!

-أخيراً-

المُؤسف والمُحزن، مع كل تلك الأزمات الطاحنة التي تسحق المُواطنين وتنتهك كرامتهم الإنسانية، تجد الكبار مشغولين بالصغائر!

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *