البدوي وعادل..(تسديد) من (خارج الملعب)..!

الخرطوم : ادم محمد أحمد

ربما هي قيود المنصب، تحول بين الكثير من الوزراء، دون البوح بما يرونه خطأً في اداء حكوماتهم او وزاراتهم، عندما كانوا على سدة الموقع؛ والتحلل من التكاليف التنفيذية يضع امامهم مساحة من الحرية للحديث، بعضهم رغم ما يتوفر له من براحات يلتزم الصمت، تأدباً او خوفاً، ففي حكومة الانقاذ كان المسؤولون أكثر التزاماً لأسباب كثيرة من بينها انهم ينحدرون من خلفية واحدة ويجمعهم تنظيم واحد، والوزراء هناك يعملون في إطار الحزب الواحد، الذي يعتبر عندهم المنصب تكليفاً وليس تشريفاً، وفقاً للمقولة السائدة وقتها، فضلاً عن ان الوزير الذي يخرج من المنصب يحمل املاً في العودة إلى موقع آخر في إطار التنظيم.

 

الوقت لم يمضي

ومع انه لم يمض، وقت طويل على حكومة الثورة بقيادة حمدوك التي استغرق وجودها عاماً كاملاً في السلطة، ومع ان اعضاء حكومة الثورة حتى وقت قريب، كانوا في كامل التماسك رغم ما تعانيه احزابهم ومجموعاتهم من صراعات، الا ان الحالة ربما لم تدم طويلاً، ففي اول اختبار للاعفاء او الاستقالة التي حدثت في الحكومة، وذهب بموجبها الكثير من الوزراء، خرج بعضهم من صمته موجهاً انتقادات لاذعة الى الحكومة، ابرزهم وزير الطاقة والتعدين عادل علي ابراهيم ووزير المالية ابراهيم البدوي، ومع ان الرجلين خرجا من الحكومة طوعاً وفقاً لما ظهر لكونهما قدما الاستقالة عندما طلب منهما ذلك لافساح المجال لآخرين، الا ان مسار الاشياء من بعدهما دفعهما الى الحديث والكشف عن ملفات وقضايا مهمة، ففي بيان طويل، انتقد عادل ما اسماه رجال حول حمدوك، وقال في البيان” كما تعلمون كنت مكلفاً من قوى الثورة بأهم الوزارات وهي وزارة الطاقة و التعدين . قضيت ثلاثمائة يوم مسؤولاً عن هذه الملفات، واجهت الكثير المثير من المشاكل و المواجهات و التنازعات و التقاطعات مع وزارات أخرى وفي مجلس الوزراء وجهات اخرى”، وكانت القضية بالنسبة لعادل واضحة؛ لكونه حدد هدفه بوضوح ورمى نحوه سهام نقده؛ عندما بعث 6 رسائل؛ حوت الكثير من المآخذ لكنه ركز بصورة أكثر على مكتب حمدوك وبصورة أخص كبير المستشارين؛ وقال عادل إن التصحيح لابد أن يبدأ مساره من مكتب رئيس الوزراء؛قبل تشكيل اي مجلس او تعيين اي وزير جديد؛ واضاف” ابدأ بالقول والنداء بصوت عال : اعزل هذا الرجل يا د. حمدوك فوراً وان شق عليك”.

وان كان إبراهيم البدوي سابقاً؛ لعادل في توجيه النقد؛ لكونه كشف عن اسباب استقالته، قال إنه كشف عن ترتيبات تجري من وراء الكواليس وبتكتم شديد للتفاهم مع شخص من داخل الوزارة وعلى دراية بمفاوضات SMP ليصبح وزيراً مكلفاً بديلاً عنه، عندما يأتي الوقت المعلوم، وأضاف”بالطبع لم يزعجني هذا الأمر لأنني كنت قد قرأت ماذا يريد الرئيس من حيثيات “عدم الفعل” الذي اتسم به موقفه وبناءً عليه حزمت أمري بأنني لابد أن أغادر وأصر على ذلك. لكن الذي أحزنني أنني كنت أقارب هذه القضايا المهمة بصراحة وشفافية ولكن للأسف تم التعامل معي بأسلوب آخر”.

ولكن الواضح ان البدوي لم يكتف بذلك ولكنه صوب سهام نقده على قضية أخرى كانت قد أثارت جدلاً كبيراً ايام وجوده على سدة الوزارة وهي قضية شركة الفاخر، التي اتهم حينها بانه من وراء الصفقات التي تمت، وكشف البدوي عن عدم تكوين لجنة للتحقيق حول تعاملات وزارة المالية مع شركة الفاخر؛ كما أكد مجلس الوزراء في النصف الاول من هذا العام حينما تم اتهام الحكومة بتمييز الشركة.

 

وقال إنه يصدر هذا البيان مكرهاً في وقت تواجه البلاد قضايا وتحديات أكثر إلحاحاً وأهمية؛ وأشار إلى انه يهدف إلى ابراء ذمته بتبيان صحة او خطأ الاجراءات التي تم اعتمادها بشأن التعامل مع شركة الفاخر خلال الفترة التي تولى فيها منصب وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الذي غادره في يوليو الماضي، واكد أن الأمر بالنسبة له يتعلق بقيم شخصية ومُثل وطنية لان مسألة شركة الفاخر باتت تتناولها وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من منصات ومنابر إخبارية مما جعلها قضية للرأي العام يستلزم البت فيها؛ وأضاف :ولايفوتكم الكيفية التي تم بها تخريج الامر من قبل المرجفين من سدنة النظام البائد على سبيل دعوة حق اريد بها باطل”.
ويعتقد البعض ان الرسائل التي حاول كل من البدوي وعادل ايصالها، تأتي عبر واقع اصبح يأخذ شكلاً مختلفاً داخل حكومة الثورة، ويؤكد اسامة محجوب الباحث والمحلل الاجتماعي ان الرسائل التي يبعث بها المسؤول لديها اهداف، او انه يريد تسديد ضربة إلى خصومه إن كان له خصوم، او تبرئة ذمته من قضية عانى منها كثيراً، الا ان التزامات المنصب تمنعه من الحديث بهذه الطريقة، ويضيف اسامة في حديثه لـ(الانتباهة) قائلاً : يجد المسؤول المعني نفسه يعيش في حالة من الضيق الشديد لكونه يشعر بعظم المهمة التي يحملها في صدره، بالتالي عندما يكشف عنها يعيش الراحة، وينوه إلى ان هناك نماذج كثيرة في العالم، لكنها ارتبطت دائماً بالصراعات السياسية القاسية بين الخصوم.

 

Exit mobile version