موقع مراقة الاثري …اثراً بعد عين

الخرطوم : النورس نيوز

شهد شهر يوليو هو يلملم ايامه الاخيرة مودعاً ومفسحاً المجال لشهر اغسطس تعدياً سافر علي موقع مراقة الاثري وذلك عندما تعدي عليه خمسة اشخاص عمدوا الى  تجريف وتدمير ذلك الاثر حيث احدثوا حفرة بعمق 17 متر وعرض 10 امتار وطول حوالي عشرين متر في احدى اطراف الموقع الاثري، بجانب عمل حفر وتجريف اخر في نفس الموقع لكن بابعاد اقل.

وقد تم ضبط  فريق تفتيش تابع للهيئة العام والاثار والمتاحف هؤلاء الاشخاص و هم بكامل عدتهم وعتادهم  وهم ينهبون و يدمرون موقع مراقة الاثري. وقد تم القبض عليهم متليسين بالجرم المشهود ابان الزيارة الشهرية التفقدية التي يقوم بها فريق التفتيش المكلف بالقيام بزيارات تفقدية شهرية راتبة لهذا المواقع بجانب مواقع اخرى.

وتم فتح بلاغ في مواجهتهم بالرقم 201 تحت المواد 31، 32، 33 من قانون الاثار، حجزت  النيابة المعروضات المتمثلة في عدد اثنين حفار كبير (بوكلين) واحد جرافة (لودر)، وعربة بوكس بجانب كمية كبيرة من قطع الفخار الفاخر.

ولعظم ما حدث  نفذت الهيئة العامة للاثار والمتاحف عبر مكتبها الولائي بمدينة كريمة خمسة زيارات  للموقع في مدة لا تزيد عن الثلاثة اسابيع من تاريخ التعدي علي الموقع وذلك من اجل متابعة الامر مع الجهات المختصة من ارض الواقع وبغرض اتمام عملية دراسة الموقع والعمل على اصلاح الضرر الذي وقع.

واعتبر دكتور حاتم النور محمد سعيد المدير العام للهيئة العامة للاثار والمتاحف السودانية رئيس الوفد الزائر للموقع ان القانون الحالي للاثار لسنة 1999م ضعيفا وغير مواكب، ويحتاج الى تحديث، وتمنى ان يتم التشديد بصورة اكبر في العقوبات التي  يتم انزالهاعلى كل معتد علي الاثار.

كما طالب المدير العام للهيئة العامة للاثار والمتاحف السودانية بتقديم المعتدين على موقع الاثار بجبل مراقة بالولاية الشمالية الى نيابة امن الدولة وذلك لفداحة الجرم الذي ارتكبوه  معتبراً الاثار ثروة قومية يشترك في ملكيتها كل ابناء الوطن،  وان للاثار دور كبير في تشكيل وجدان الشعوب والامم.

وقال دكتور حاتم النور ان “الشباب الذي قادوا الثورة ضد نظام 30 من يونيو شباب واع وسباق لما قبله من اجيال”، ودلل على ذلك برفع هؤلاء الشباب شعار”امي كنداك وجدي تهراقا ” ابان اندلاع الثورة، و”هذا يعني لنا  ان هؤلاء الشباب مطلعون علي التاريخ السوداني ويعلمون ان كلمة “كنداك” لقب سوداني رفيع يمنح للاميرات القائدات اللائي تقلدنا الحكم في الحضارت القديمة، كما ان تهراقا ملك سوداني عظيم من الاسرة 25 طبقت شهرته الافاق بحكمة كل ارض النيل العليا والسفلى”. ووتسال كيف تجرأ هؤلاء في غفلة من الزمان والتعدي علي تلك الاثار التي تتدل علي عظمة هذا الشعب وتاريخة المجيد؟

و عزا المدير العام للهيئة العام للاثار والمتاحفوقوع التخريب لغياب الحراسة الدائمة للموقع باعتبار ان الموقع مصنف ضمن المواقع التي تقع خارج دائرة الخطر لما يتميز به من بعد عن الطريق العام، ووقعه   في منطقة ذات طبيعة قاسية (صحراء بيوضة) كفيلة بحماية هذا الموقع من اعين وايدي المتربصين والسارقين، اضاف الي ذلك يقول الدكتور ” انه في اليوم من الايام وعلي مدى سنين قبل انشاء طريق شريان الشمال كانت تمر بالقرب من الموقع البصات السفرية والمسافرين دون ان يتعرض لاي اعتداء.”

وقال بروفيسير محمود الطيب مدير الوحدة البولندية بالهيئة العامة للاثار ان “هذا الموقع الاثري يتكون من اربعة وحدات، ثلاثة منها مبنية من الحجر النوبي، فيما بنيت الرابعة من الطين اللبن، واوضح ان الموقع يعود الي الفترة النبتية بدليل الاعمدة وطريقة تصميمها والنقوش التي عليها،  كما ان اسلوب البناء المستخدم في المواقع لا يكون في العادة الا في مباني على قدر كبير من الاهمية مثل المعابد او القصور او القلاع، والمرجح عندي ان الموقع كان قلعه حربية تعمل كنقطة مراقبة متقدمة لصد غارات القبائل المعادية التي استوطنت الصحراء وكانت فى حالة عداء مع مملكة نبتة.”

واضاف بروفسير محمود الطيب انه من خلال اثار الحريق الموجودة في موقع مراقة فانه لا يستبعد حدوث ذلك بسبب غارة من غارات تلك القبائل على هذا الموقع في ذلك الزمان وهذا مبرر بسبب العداء بينهم اما ان يحدث تدمير وتجريف بهذه الصورة الشعة الان فهذا يصعب استيعابة.

ودعا مدير الوحدة البولندية الجهات المختصة بالدولة ايلاء الاثار اهمية قصوى من خلال حماية المواقع الاثرية واقامة بنى تحتية قوية بالقرب من تلك المواقع تشجع علي السياحة وتعرف المواطن بتاريخ بلادة المجيد.

فيما طالبت حباب ادريس محمد كبير المفتشين بالهيئة العامة للاثار والتي عملت موسمين في موقع مراقة الاثري الجهات المعنية بالدولة من اجل العمل علي رفع الوعي لدى المواطن السوداني باهمية الاثارة  والتعريف بكيفية حماية الاثار.

كما طالبت كبيرة المفتشين بالهيئة العامة للاثار والمتاحف بتعديل المناهج الدراسية بحيث يتم تدريس الطلاب التاريخ السوداني مفصلاً ابتداً من مرحلة الاساس وحتى الثانوي من اجل ان يعتز ويفتخر بتاريخ اجداده، بجانب تعريف الطلاب باهمية الاثارة وكيفية المحافظة عليها باعتبارها ثروة قومية.

كما دعت حباب الي نشر ثقافة سياحة مناطق الاثار سواء لابناء الوطن او من لمن هم في الخارج خاصة ان سياحة الاثار في عالم اليوم اصبحت مصدر اساسي يرفد ميزانية الدول بمبالغ مقدرة عندما تتم ادارتها بوعي

وشددت على انه في حال التقاعس وعدم الاهتمام بالاثار وحمايتها بالشكل المطلوب فسوف يشجع ذلك ضعاف النفوس على التعدي علي الاثار ونهبها كما حدث لهذا الموقع او كما احدث من تعدي وتدمير للأثر الوحيد المتبقي لدولة علوة المسيحية بالسودان لياتي يوم وتصبح فيها البلاد بلا تاريخ اثاري.

ونحن نودع موقع مراقة الاثري لم يستبعد مصدر مطلع رفض ذكر اسمه نظرية المؤامرة سواء من طرف خارجي او داخلي يمتلك الامكانات اطلع على ما تم نشره في دورية علمية عالمية اسمها (سودان اند نوبين) عن هذا الموقع الاثري ومن ثم مول هذه المجموعة التي تم القبض عليها وملكها احداثيات الموقع بغرض نبش الموقع بحثا عن التحف وليس بغرض التنقيب عن الذهب خاصة موقع مراقة بل صحراء بيوضة خالية تماماً من الذهب او اي معدن نفيس

الجدير بالذكر ان هذا الموقع تم اكتشافه وتسجيله بالهيئة العامة للاثار والمتاحف منذ العام 1996م، يقع على بعد 270 كيلومتر شمال مدينة الخرطوم، و56 كيلومتر من مدينة كورتي بالولاية الشمالية، وعلى بعد 19 كيلومتر شرق قهوة ام الحسن. وبدا العمل على دراسة هذا الموقع لاول مرة في الاعوام 1999م و2000م بشراكة ضمت الهيئة العامة للاثار والمتاحف ومتحف بوسطون للفنون الجملية بالولايات المتحدة.

يشار الى ان سر تسمية هذه المنطقة بمراقة قد يرجع بصورة او باخرى لما تشتهر به هذه المنطقة من كثبان رملية كثيفة تمتاز بالنعومة، لذلك كانت تتمرق فيها جمال القوافل التي تعبرها وهي محملة بالبضائع لهذه المنطقة.

المصدر.:”وكالة السودان للانباء”

Exit mobile version