آراء و مقالات

حسن اسماعيل يكتب- (الثورة) من سرقها !!

ـ تقول الطرفة أن بدويين جمعتهما الصداقة والتجارة ، ولكنهما دائما ما يعاقران الخمر فتجر عليهما كثيرا من الخسائر ..  اشتركا ذات مرة في شراء ثور ونسيا أن يربطاه جيدا  ثم جلسا يعبان من الخمر وفي الأثناء تخلص الثور من وثاقه ورحل بعيدا .. وبعد أن انتبه الرجلان افتقدا ثورهما ..  وبأثر الخمر ظن كل واحد منهما ان شريكه سرق الثور فتبادلا الإتهام بلسانين اثقلهما السكر.. قال الأول للثانى وهو يترنح :- (إنتا سرقتا التور) فيتعجب الثانى ويتساءل انا.. سرقو ؟ فيرد الأول ومين سرقو فيجيب الثانى مترنحا:- إنتا سرقو فيرد الأول :- أنا سرقو؟ ..ّ ومن سرقو؟ انتا سرقو وهكذا مضي الوقت بين هاتين العبارتين السمجتين .. في ذات الوقت كان ( الثور ) يمضي بعيدا ، يأكل من خشاش الأرض ويطرد (الذباب) بذيله من علي ظهره!!

ـ بعد أيام قليلة من إنقلاب ابن عوف بدأنا نسمع أن هنالك دولة عميقة تهدد ( الثورة) ثم خف الإدعاء وأصبح أن الذي يهدد (الثورة ) هو دولة موازية ونحن نعلم أن ( الثورات الحقيقية) عندما تندلع تأخذ في طريقها كل شئ … دولة عميقة ودولة موازية ودوله ( بالجمبة) ولكن أكثر الناس لايعلمون !!

ٕـ المظاهرات المنظمة بالجداول والمواقيت في الغالب هي حركة فئات مجتمعيه تمتلك أدوات التحريض والترويج والحشد وفي الغالب يكونون محامين أو أطباء أو مهندسين ، أما  الاحتجاجات فتأخذ الطابع العفوى لشرائح ضعيفة ومنهكة في المجتمع فيقوم سماسرة السياسة بتركيب هاتين الحالتين لإنتاج  وضع ( سياسي محدد) تنتهى بتغيير رئيس أو تبديل حكومة، وفي الغالب يقف التغيير عند هذا الحد فلاتتبدل حياة الناس إلي أحسن، هذا إن لم تسوء. ..يكتشف البسطاء بعدها أنهم استخدموا كرصيد (مستلف) لإتمام عملية حسابية لن ينالهم من ريعها شئ

ــ أما الثورات فهي حركة التاريخ نحو المستقبل .. حركة اليوم نحو الغد .. غد غير منسوخ ولامكرور  ، شهقة ميلاد بعد توافر شروط الإكتمال .. اكتمال رحلة النطفة والعلقة وخلق العظام وكسوة اللحم ..

.

ـ الثورات لاتشتكى ولاتتوجع ولا تمسك رأسها وتقول آخ … لماذا؟ لأنها حركة مجتمع .. لأنها لحظات ميلاد ولحظات الميلاد الحقيقية لاتنهزم ولاتهتز .. متى اعتذر الصباح عن ميقاته لأن الظلام رفض أن يفسح له الطريق ولأن (دولة الظلام العميقة) رمت الدقيق في قارعة الطريق لتخلق شحا في العجين؟؟!!

ـ الأهم من كل ذلك أن الثورات لاتعيد إنتاج القشور ولاتعيد عرض القديم  بعد أن (ترشه) بمنظفات الزجاج   وتعيد عرضه كبضاعة جديدة؟

ـ ليست ثورة تلك التى تضع مثل الحزب الشيوعي وأحزاب البعث علي الواجهة .. أحزاب ضاعت بذرة فكرتها في التراب وفسدت واصبح من العسير إجراء الفحص الجيني عليها لمعرفة نسبها .. الثورات الحقيقيه لاتعيد وضع أحزاب فشلت في سباق التاريخ لتراهن بها علي المستقبل .. مالكم كيف تحكمون؟

ـ تخيل معي إذا  قيل لجمال عبدالناصر وميشيل عفلق ولينين إن احفادكم يدعون تفجير ثورة في السودان ويهمون بالتخطيط لمستقبله …لاشك عندى أنهم سينهضون من نومتهم تلك ليمتطوا كبسولة الزمن وليجمعوا هؤلاء الأحفاد ( البعاعيت ) ليدسوهم معهم في قبور النسيان

ـ ثم ماذا؟

ـ ثم أصبحنا نسمع طنينا آخر للتبرير    وهو أن الثورة قد سرقت وأنها انحرفت عن مسارها ..

ـ من قال لهؤلاء المساكين ان الثورات  عبارة عن كيس خضار يغفل عنه صاحبه فيسرقه أحد السابله ..؟ من قال لهم أن الثورات عبارة عن قطار سرقت من تحته بعض الفلنكات فخرج عن مساره ؟ الثورات الحقيقية لاتسرق ، إنما يسرق هتاف الجماهير وعرقها ، تسرق أحلامها وتطلعاتها عندما تحشد في الهجير ويتم تهييجها بقضايا حقيقيه ثم فجأة تكتشف أنه يتم سرقة عرقها ليعجن به طين أصنام الشموليين الجدد ثم كلما هم البسطاء بكشف السرقة أوحي الخبثاء لهتيفتهم بالصياح علي أطراف الحشود ( الثورة خيار الشعب)

ــ تعالوا لنتأمل بهدوء أكذوبة ( ثورة الشلليات وأحزاب الأقليات) ونرمي الاسئلة علي وجوهها ..

ـ بعد مرور عام ونصف نتلفت لنبحث عن أثر واحد للثورة فلانجد .. أين أثرها في معاش الناس ؟ في سلوكهم؟ في معاملاتهم؟ أين الثورة واثرها في أداء الخدمة المدنيه؟ أين مبادئ الثورة في تشكيل الحكومة واختيار منسوبيها؟ أين هي في التخطيط للإقتصاد ورفاه الناس؟ وأمنهم وطمأنينتهم ؟

ـ ماهي مكارم الأخلاق السياسية التى تممتها ( الثورة) ونحن نسمع ضباط الجيش يشتمون بأمهاتهم وقبائلهم ؟

ـ أين مطهر الشفاه والألسن الذي عليه ختم الثورة والبذاءات أصبحت هي لغة المساجلات والتحاور

ـ أين كنف الثورة الرحيم ومساحات الدم تتمدد في بقية الجسد المعافي .. في حلفا وكسلا وبورتسودان ؟ أين فضيلة العدل والناس يحبسون علي ذمة أرائهم؟ ويقاضون ويدانون عبر المذياع والفضائيات ؟

ـ لاتوجد ( ثورة ) لتسرق … يوجد بسطاء تسرق احلامهم وتطلعاتهم وهتافهم .. تسرق طيبتهم وعفويتهم .. ـ وفجاة ومن فوق كل هذا الركام ينهض من يشتم الشارع الذي أتى بكل هؤلاء عندما يصيح أحدهم مدافعا عن حصة حزبه الضنين في الحكومة :- (عايزننا نجيب ناس من الشارع نمسكهم الحكومة )؟

ـ ثم سؤال علي هامش الفجيعة

ـ متى سمع أحدكم مفردة ( ديموقراطية وانتخابات) من أفواه الشموليين الجدد منذ أبريل قبل الفائت ؟

ٕـ قال ليك .. طق طق طرق ( سوره)

صحي ( سوره) !!!ٕ

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *