آراء و مقالات

حسين خوجلي يكتب : في انتظار القيامة

(١)

إحدى السفارات الغربية بالخرطوم استدعت أحد الاعلاميين السودانيين العاملين بها وقد تبقى من انتهاء عقده أيام. قال له مسئول السفارة (كنا قد كلفناك سابقا بكتابة تقارير حول الحريات العامة وحقوق الانسان. والآن ما عدنا نحتاج لمثل هذه التقارير لأننا نعتبر أن الذين يديرون الشأن السوداني الآن من أصدقائنا. ولذلك فإننا نرغب في أن تغير الاهتمام القديم إلى كتابة تقارير اعلامية لدعم اتفاقية سيداو وتسويقها للرأي العام السوداني وكذلك دعم حركة المثليين في البلاد الذين ترى السفارة انهم يتعرضون الى لاضطهاد اجتماعي ومضايقات قانونية وعقدية، وسنقوم برفع راتبك من ٣ الف دولار الى ٩ الف دولار) وكانت دهشة الخواجة عظيمة حين رفض الاعلامي الشاب العرض السخي قائلا:

(إنني اعتذر عن قبول العرض لأنني لا احتمل تنفيذه مهنيا ولا اخلاقيا) وانسحب في هدوء تاركا ردهات السفارة تعج بالمتقدمين للوظيفة الاثمة

لم يستوقفني هذا الخبر المعتاد كثيرا لأنني اعلم علم اليقين بأن كل هذه السفارات رغم الملمس الناعم والمحيا الوضئ الزائف ماهي الا وكرٌ للشياطين والجواسيس

أما الخبر الحقيقي فهو أن هذا الشاب كان ناشطا ثائرا ومثابرا لاسقاط سلطة الانقاذ وهذا يعني أن شبابنا رغم التقاطعات الفكرية ما زال فيه بركة وخيرٌ كثير، وأن آلاف الدولارات الحرام تقف عاجزة عن شراء ذمم (اولاد القبائل) من الانقياء الاصفياء.
فما رأيكم دام فضلكم في اعلان اصطفاف شبابي جديد ما بين (مقاومة) اقصى اليمين (ومقاومة) أقصى اليسار يرفع راية حزب السودانيين الكبير العابر للاحزاب والجبهات والإثنيات تحت اللافتة الذكية (معارضون لا خصوم)

(٢)

في احدى اللقاءات الصحفية ذكر الامام الصادق بأنه طلب من دكتور حمدوك اقالة مدير المناهج وقد وعد ولكنه لم يفي
نقول للسيد الامام : ( ان اردت ان تطاع فاطلب المستطاع، حمدوك لن يستطيع ابعاد القراي لأنه معين (بالوكالة) والقراي معين (بالأصالة))
والفرق بين الوكالة والأصالة فرق نوع لا مقدار.

(٣)

بعد أن أمرت السيدة والية نهر النيل بجلاء الاستعمار المتمثل في القيادات العسكرية، اغتنم البغاة الفرصة فنهبوا الخزينة العامة ورواتب الموظفين وقاموا بنهب مسلح لمربعات التعدين واصبحت بربر الآمنة طوال تاريخها خائفة تترقب. ظرفاء نهر النيل يقولون إن الدامر تستعد لاحتفالات يوم الجلاء وقد أصبحت شندي مستيقظة ليل نهار لحماية اطرافها بنشيدها العريق

(نادوا أخواني الشادين قفايا وبطرّقوا لساني)

(٤)

يبدو أن الموت في زمان القطبية والواحدة بالصيت والسمعة وليس بالعددية. العالم كله الآن يعيش حالة صخب حول مقتل مائة لبناني، ودارفور المنسيه تقدم في كل يومٍ مائة ضحية ولا أحد يبالي

(٥)

جمهورية كاودا (والقطة بنت عم الأسد) بزعامة الحلو بعد أن طالبت ٤٣ مليون مسلم سوداني بترك شريعتهم، ترفض الآن تعيين والي جنوب كردفان وتقتل بلا هوادة الحوازمة وتغتال أفراد الجيش السوداني.

المرهقون هنا في الخرطوم مشغولون بصفوف الخبز المر ودفن المرضى وجلود الأضاحي.

(٦)

الراهن السياسي السوداني أكبر من الثورات وأخطر من الانقلابات، لقد طاحت وباخت كل الاحتمالات، فلم يتبقى لهذه الملايين الحزينة إلا انتظار القيامة..!!

(٧)

(كفاية) غضب يا دكتور عمر قمر الدين إن أمريكا لم تفعل شيئا غير أنها منعت رعاياها من زيارة السودان المضطرب. الحل هو أن تمنع الرعايا السودانيين من دخول أمريكا، المعضلة الوحيدة ستقابلك أنت يا سيادة الوزير الأمريكي الجنسية هل ستكون من الداخلين أم الخارجين أم من الثلاثة المخلفين؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *