كلام صريح- سمية سيد- القراءة من دفتر الصدمة

اضطرت الحكومة إلى تعديل الموازنة بعد الانهيار الكبير الذي شهدته الستة أشهر الأولى من العام المالي الحالي.

انهيار الموازنة لم يكن مفاجئا، بل هو أمر متوقع في ظل عدم رؤية اقتصادية للحكومة الانتقالية، والتخبط في السياسات والقرارات جراء الانتقال غير المدروس ما بين اقتصاد السوق الحر والاقتصاد التحكمي حسب ما تمليه الظروف في الوقت المعين.

رغم غياب المجلس التشريعي والذي يحق له الموافقة أو رفض التعديل على قانون الموازنة المجاز، فاجأ مجلس الوزراء الأوساط الاقتصادية والسياسية والشعبية بتعديلات كبيرة في أهم بنود الموازنة، تمثلت في التعديل التدريجي لأسعار صرف العملة الوطنية مقابل الدولار، وزيادة الدولار الجمركي، تحرير سعر الوقود، ثم الزيادة الكبيرة في الفصل الأول من 131 مليار جنيه إلى 226 مليار جنيه.

ما أعلنته الحكومة من تعديلات جوهرية في الموازنة يشير إلى أن حكومة دكتور حمدوك تسير في الاتجاه نفسه الذي قاده دكتور ابراهيم البدوي، وهو ما يؤكد  القول بأن إقالة البدوي تمت لأسباب ليس من بينها الاعتراض على نهجه في إدارة الاقتصاد، أو رفض للسياسات المتماهية مع متطلبات صندوق النقد الدولي.

كما يشير أيضا أن قيادات حكومة الثورة يقرأون من دفتر الصدمة نفسه لحكومة الإنقاذ البائدة ..تخبط يقود إلى الانهيار الاقتصادي وإلى إفقار الشعب.

اللجوء إلى تعويم الجنيه سيؤدي إلى المزيد من انهيار العملة وارتفاع الدولار بشكل غير مسبوق، وإلى المزيد من التضخم وضعف القوة الشرائية وارتفاع الأسعار، والتضييق على معاش الناس بأكثر مما هو عليه الآن. مثلما يقود تحرير الوقود وزيادة الدولار الجمركي إلى الآثار الكارثية نفسها.

اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير التي رفضت الموازنة المعدلة، قدمت بدائل معقولة جدا لإنقاذ الوضع الاقتصادي المنهار. لكن في ظل التشاكس وعدم التوافق بين رئيس الوزراء وقوى الحرية والتغيير لا نتوقع أن تهتم الحكومة بالبرنامج البديل المطروح الآن.

لكن رؤية اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير تحتاج إلى إرادة سياسية قوية، لأنها تعتمد على سياسات جريئة جدا. منها تحقيق ولاية وزارة المالية على المال العام وتجريم التجنيب، والإصلاح الضريبي، وإلغاء الإعفاءات لغير الاستثمار والإنتاج، وضم الشركات الحكومية والأمنية والعسكرية التي تهيمن على الإيرادات إلى وزارة المالية.. وكلنا نعلم صعوبة تحقيق هذه الإجراءات لوجود مقاومة شديدة من المنتفعين وأصحاب المصلحة، وهي مجموعات تمسك بخناق كبار المسؤولين في الدولة، ومن الممكن أن تطيح بهم في لحظة.

اهم ما يميز برنامج اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير هو الاعتماد على دعم الإنتاج باعتباره المخرج الأساسي للبلاد.

وضوح رؤية اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، يقابله اتخاذ سياسات غير رشيدة وغموض وتخبط في إدارة الحكومة للملف الاقتصادي.. وهذا ما يجعل الحكومة بعيدة عن معاناة الناس.

somiasayed@gmail.com

Exit mobile version