آراء و مقالات

العين الثالثة- (الرصاصة).. لاتزال في جيبهم!- ضياء الدين بلال

-١-

سألتني مذيعة قناة “الجزيرة” في برنامج الحصاد عن اتفاق السلام مع الحركات المُسلّحة، الجدوى والمصير؟!

قلت لها: هذا ذات ما كان يحدث في زمن البشير.. السلام يعني حصولهم على المقاعد، والحرب تعني فقدانهم لها!!!

الحلو ينتظر وعبد الواحد يتمنّى.. وغدا تخرج حركات بأسماء جديدة لترث البندقية القديمة!

المُواطن المسكين في الحالتين:

هو البضاعة.. والتفاوض سوق كبير، لا يغلق (بابه الدوار) إلا ليفتح من جديد!!!

-٢-

ميْلُ كُلِّ الحكومات المتعاقبة لترضية النخب على حساب رضاء المواطنين، تسبَّبَ في تكريس الفشل واستدامة العجز.

في عهد الإنقاذ اتَّسعت مساحة الترضيات، فأصبح الكثيرون يتوسَّلون للحكم والاستوزار عبر التمرُّد المُسلَّح أو الابتزاز القبلي أو إثارة الشغب الحزبي.

نعم، كما قال بروف البوني: من يكسب رضاء الجمهور لن يحتاج لترضية النخب المُنتهزة للفُرص باسم القبائل وسلاح التمرد.

السلاح والشوكة الجهوية والقبلية، كلها تُحقِّقُ ما لا تُحقِّقه الشهادات والسير الذاتية المُرصَّعة بالإنجازات والمُؤهّلات الأكاديمية.

كنت أقول دائماً، إنّ الحرس الذي يقف خلف وزير ما قد يكون لديه طموح وتطلُّع أن يجلس في مكانه، فهو يرى في قرارة نفسه أنه لا يقلُّ شأنًا عن مَن يحرسه!

-٣-

سيُصاب الشعبُ بمزيدٍ من الإحباط، إذا واصلت الحكومة الانتقالية في نهج الترضيات، فاختارت من يرغبون في الوزارة لحل مشكلاتهم الخاصة على حساب الهَمّ العام.

تتغيَّرُ الوجوه والأسماء، ولا يتغيَّرُ المنهج المُعوجُّ والسياسات البائسة.

حتى ولو تم الاتفاق بأية صورة من الصور السابقة أو بغيرها، ذلك لا يعني انتهاء الأزمة وحلَّ المعضلة، بل قد يعني استدامتها!

خذ مثلاً لعبثية التفاوض:

أهم طرفين في محاور العمل العسكري، سيكونان خارج الترتيبات الجديدة:

الحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، تُعتَبر أكبر حركة مُسلّحة بين كُلّ الحركات، وتُسيطر على مناطق واسعة في جبال النوبة.

حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، تُعتبر أكبر حركة مُسلَّحة ذات نفوذ جماهيري في دارفور، وخاصةً في مُعسكرات النازحين.

هناك طرفٌ ثالثٌ ليس من المُستبعد أن يعود مرَّة أُخرى لساحة الحرب، ممثلاً في الحركات المسلحة في الغرب والشرق، التي كانت جزءاً من الحكومة السابقة إلى لحظة السقوط، وتم عزلها سياسيّاً من المُشاركة في ترتيبات الانتقال!

كم مرة تحتاج الحكومة الانتقالية لتمديد أجلها، مع كل توقيع جديد مع حركة حاملة للسلاح؟!

-٤-

جاء وقت السؤال المُهم: هل كانت الحركات تحمل السلاح ضدَّ الحكومة أم ضد الدولة؟!!

في كُلِّ أدبيَّاتها المعروفة والمنشورة، كانت الحركات تستهدف نظام حكم البشير.

رغم سقوط النظام السابق، وانتفاء أسباب حمل السلاح بعد انتصار الوسائل السلمية، مع ذلك ظلت أوضاع الحرب والسلام في ذات المُربّع القديم؟!!

في المُربّع القديم: يتمُّ تحقيق المكاسب السياسية والوظيفية، عبر رفع السلاح ولُغة المُحاصصة.

للأسف، كُلُّ المؤشرات تؤكد أن الوضع سيستمرُّ على ما كان عليه.

لن تُلقي الحركات السلاح، ما لم تُحقِّق مكاسب  كبيرة لشخوص قياداتها، لا مناطقها!

كان الوضع الطبيعي مع سقوط النظام الذي في مُواجهته رفعت الحركات السلاح، أن تُسرع لإنهاء طبيعتها العسكرية، والانخراط في العمل السياسي السلمي.

أهم درسٍ قدَّمته ثورة ديسمبر: في الإمكان الحصول على أغلى وأثمن الحقوق عبر العمل السياسي السلمي، وأن العمل المُسلَّح المُعارِض، كان من أهمِّ أسباب تمديد عمر النظام لثلاثين عاماً.

-أخيراً-

الحركات المُسلَّحة، وهي في كامل طبيعتها العسكرية، تضع سلاحها تحت طاولات التفاوض!

ماذا يعني ذلك؟!

ذلك يعني استدامة ثقافة العمل المُسلَّح في السياسة السودانية.

مما يجعل  الانتقال لحكم مدني كامل الأركان، حُلُماً غير قابل للتحقُّق!

*نشر لصحيفة (السوداني).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *