بلا حدود _ شفَاتة الأسافير _ هنادي الصديق

تبقت 11 يوما من المهلة التي أعلنها رئيس الوزراء د/ عبدالله حمدوك للإيفاء بإلتزامه تجاه مطالب ثوار 30 يونيو لإجراء إصلاحات عاجلة في حكومته بعد إقراره بأن هنالك أخطاء صاحبت الآداء طيلة الفترة الماضية.

فالجميع الآن يبحث عن وطن حر يحفه السلام وتتسيده العدالة ويستنشق الحرية، ولا مجال لأي مزايدات من أطراف أخرى. وأعني بذلك نوايا المكون العسكري الذي يتعامل بذات الأنِفة والتعالي الذي ظهر به منذ اليوم الأول.

فالمجلس العسكري ومنذ اليوم الأول له، ظهرت نواياه السيئة وتحدثنا عن ذلك كثيرا واثبتنا ذلك مرارا من خلال بياناته العدائية إبان وقبل وبعد إعتصام القيادة تجاه الثوار الذين يمثلون السواد الاعظم من الشعب السوداني.

فبعد أن فشلت كافة حيله العسكرية وإستنفذ فرصه في إستعادة ثقة الشعب. ووضح ذلك في مطالب الثوار في مليونية 30 يونيو بإعادة هيكلة القوات النظامية، كان لزاما على المكون العسكري الإنصياع لصوت العقل والشارع، و التعاون وبشكل كامل مع الحكومة الإنتقالية وحاضنتها السياسية قوي الحرية والتغيير، وسندها الجماهيري الممثل في لجان المقاومة بالأحياء حتى تقوم بدورها كاملا بعيدا عن الإستقطاب وبذر بذرة الكراهية فيما بينها كما يحدث الآن.

ودعمها بكافة الإحتياجات التي تمكنها من القيام بدورها كاملا في إسناد الحكومة من خلال وقوفها بصلابة لحماية المواطن وتوعيته بالمطلوب منه خلال عمر الفترة الإنتقالية حتى لا يكون رهينة للفلول من عضوية اللجان الشعبية سيئة الذكر، أو أصحاب الأجندة بالداخل والخارج. فالعسكر والمدنيين الآن في مركب واحدة بأمر الوثيقة الدستورية رضينا أم أبينا.

كذلك لابد من العمل على توحيد كلمة الأجسام المطلبية لتكوين النقابات والإتحادات المهنية بعيدا عن هيمنة النقابات السابقة التي شغلت مساحات بعد إنتصار الثورة لم يكن لها ان تشغلها لو توحدَت كلمة الجميع، ولو انها بعدت عن سياسة الإحتكار الحزبية التي وضح سعي بعض الأحزاب لها دون وجه حق وبحثا عن (تكبير الكوم). وضرورة العمل على لمَ شمل القاعدة المهنية لكل جسم او كيان نقابي على حدة، ودعوتها لعقد جمعية عمومية لانتخاب نقابة شرعية تعيد الروح للعمل من جديد، والقيام بواجباتها في نظافة بقايا النظام السابق، فالكترة بتغلب القلة.

ولابد من قفل الباب نهائيا أمام فلول النظام السابق وكتائب ظله، والجماعات التكفيرية وجماعات الهوس الديني لاجهاض الثورة وضياع ما تحقق، وهذا دور المكون العسكري في حسم تفلتات هذه الفئات إن كان جادا في هذه الشراكة، ويأت دور المدنيين بقفل أبواب الشائعات التي باتت مصدر رزق للكثير من (شفاتة) الاسافير ممن إستقطبتهم أموال بعض القوات النظامية ودول المحاور، ومن وجد نفسه فجأة عاطلا عن تقديم ما يفيد الوطن، فبدأ في سنَ قلمه بمداد من رصاص حارق ليوجهه لزملائه في النضال، فبتنا نرى التسابق المحموم في بث الشائعات الضارة بالثورة والجالبة لسخط المواطنين على الحكومة، والإتهام بالعمالة والخيانة للرفقاء دون تقديم ما يعضد الإتهامات، وغيرها من مواقف تضعف موقف الحكومة في هذا الظرف الحرج.

ويتطلب الوضع عمل كتيبة إلكترونية موازية من شباب الثورة المتخصص في مجال البرمجيات والسوشيال ميديا وبرامج الحاسوب بشكل عام، فصد هذه الهجمات ضرورة ملحة.

البطء مشكلة حقيقية ناتجة عن قلة الخبرة ونقص التجربة للمسئولين بالحكومة ممن أتوا بشهادات أكاديمية وبلا خبرات سياسية، ولكنها بأي حال ليست نهاية لعمر الحكومة ولا إعلان لموتها إلا إذا سعت لذلك بنفسها، والفشل يمكن أن نقيسه بعد عام او عامين، ولكن ذلك لا يعني أن يستمر الخراب، فإجراء إصلاحات عاجلة لهذه الأخطاء، حتما سيقود لنجاح الحكومة طالما إلتفت الأيادي حولها بحب وروح ثورية، وتضاعفت فيها الثقة بالعبور لبرَ الأمان.

مضى نصف الزمن أو أوشك، وليس أمام الجميع سوى الإنصياع لصوت العقل والشارع، وإلا فالطوفان قادم.

الجريدة

Exit mobile version