آراء و مقالات

قوش وعبدالرحمن الأمين والواقعة.. محمد عبدالقادر

على كل

ردود فعل متباينة وجدها مقال الأمس (حمدوك – حتي لا تقع الواقعة)، بعضها مؤيد والآخر متطرف في الرفض، قصة العنوان هذه استوحيتها من حوار بين الفريق أول صلاح قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات، في عهد حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، وزميلنا الإعلامي الصديق، الأستاذ عبدالرحمن الأمين أثناء مؤتمر صحفي عقده قوش في اليوم الثالث لإندلاع المظاهرات التي أطاحت في ما بعد بحكومة الإنقاذ.

عبدالرحمن الأمين المعروف بخفة دمه في التعامل مع المسؤولين أثناء المؤتمرات الصحفية استهل مداخلته لقوش بعبارة (عندما وقعت الواقعة) قاطعه قوش بلغة حاسمة (يازول ما وقعت لسة)، ما إضطر عبد الرحمن لتغيير مداخلته بالقول (طيب لمن إندلعت الأحداث).
ما يهمني هنا كلمة الواقعة التي استنكرها قوش قبل أن يرتب هو شخصياً مع آخرين حسب الروايات المتواترة ويتسبب في أن (تقع رب).
لحظة إنكار قوش (إنها وقعت) كانت الإنقاذ تستخف بالحراك الشعبي في أطراف السودان وتعزو التظاهرات إلى محاولات من حركة عبدالواحد، ومجموعة شيوعيين ضمن مخطط تقف خلفه إسرائيل لتفكيك الجبهة الداخلية وإثارة العنف والقلاقل- أو هكذا أخبرنا مدير جهاز الأمن الذي لم يكن قلقاً حينها، يتعامل بهدوء وطرفة و(مساخة) حاضرة في بعض الأحيان.
المهم، مازلت أرى استخفاف حكومة حمدوك بالحراك الشعبي الذي يندلع هنا وهناك، كأن الأزمات التي تخنق المواطن ليست في السودان، ذات الاتهامات الجاهزة لـ(عدو حاضر) معبأة الآن وتصرف عند اللزوم لأغراض التخدير، في ديسمبر كان الشيوعيون وأنصار عبد الواحد (فزّاعة) المؤتمر الوطني، الآن أصبحت المظاهرات المطلبية (حركات كيزان).
عندما كانت المظاهرات على أشدها، استمرأ المؤتمر الوطني الحديث عن إعادة انتخاب البشير، وفي قمة ضيق الشعب السوداني مازالت قحت تخرج علينا صباح مساء في مؤتمرات إعلان التفكيك وملاحقة رموز النظام السابق، والتأكيد على أنهم (سيصرخون كثيراً)، أخبروني عن الفرق بين محمد الفكي عضو المجلس السيادي، والفاتح عزالدين، كلاهما من المغردين خارج سرب الأزمة..
ذات الذين ثاروا على الحكومة لأسباب مطلبية وأزمات خدمية اليوم يأخذون علينا مجرد الإشارة لوجود أزمة هنا أو صف هناك بزعم أننا نرفع شعارات الفلول للإجهاز على حكومة التغيير.
ما نود توضيحه أنه ليس من المنطق الوقوف في وجه التغيير والإرادة الشعبية التي أطاحت بنظام الإنقاذ، ذهبت الحكومة البائدة بثورة تكاملت في تفاصيلها أشواق المواطنين لعهد جديد، ولكن هذا لن يمنح من جاءت بهم الحصانة المطلقة لفعل أي شيء دون انتقاد أو حساب، بصراحة وبلا أدنى مبالغة لم يتغير شيء حتى الآن، ذهب أحمد وجاء حاج أحمد.
المهم، نكتب وننصح حرصاً على التغيير و(قبل أن تقع الواقعة)، من يهاجموننا الآن يتحدثون بذات اللغة الحاسمة التي أوقف بها قوش استطراد عبدالرحمن الأمين في المؤتمر الصحفي (لسة ما وقعت)، لكنها وقعت بعد ذلك فعلاً..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *