تقارير

المناهج السودانية.. جدل (الجرح ) و(التعديل )

الخرطوم : نجاة إسماعيل

جدل واسع شهدته الساحة السودانية في الأيام الفائتة حول قضية المناهج السودانية وذلك بعد الأنباء التي وردت من المدير العام للمركز القومي للمناهج والبحث التربوي د. عمر أحمد القراي والذي قال إن المنهج الحالي الذي يدرس للطلبة
مسيّس، ويخدم أغراض النظام البائد واوضح أن المنهج به كثافة شديدة للقرآن الكريم والحديث على حساب مواد ثانية كالرياضيات والعلوم وأكد بأن الشعب السوداني هو من يحدد ماذا يريد من مناهج عبر طرح آرائه، وأنه سيتم تكوين لجان للمنهج يشارك فيها كل الخبراء من أبناء السودان من الداخل والخارج”- بحسب ما قاله القراي في مؤتمر صحفي بوكالة سونا- . وانتقد القراي “المنهج التقليدي” الذي يعطى للطلبة، والقائم على “التلقين والحفظ، وإذا لم يحفظ الطالب فستكون هناك عقوبة جسدية له وهو أمر غير مقبول وينفر التلاميذ من التعليم”، متابعا بأن “المنهج الحديث لا يقوم على الامتحانات بل يعتمد على الفهم والاستيعاب والتركيز والحوار وهو معمول به في كثير من دول العالم. حديث مدير المناهج لم يرض طائفة من الناس باعتبار أن – الرجل المحسوب على الجمهوريين – ربما يسعى لاستهداف القرآن الكريم والحديث ، وذلك بالتخفيف منهما في الأعوام المقبلة، حديث الرجل جعل امام وخطيب مسجد خاتم المرسلين الشيخ عبدالحي يوسف يشن هجوما عنيفا على مدير ادارة المناهج عمر القراي. وقال يوسف حين يخرج رجل كذاب اشر جعلوه مسؤلا عن المناهج والبحوث وهو غير مؤتمن على الديانة ولا على الاجيال والاخلاق واضاف هذا الرجل الذى لايؤمن بالقران المدني ولايؤمن بصلاحيته للتطبيق فى زماننا هذا ليخرج للناس ويقول ان المنهج محشوا بالايات القرانية ويجب ازالتها واضاف قائلا هذا الرجل لايؤتمن على الاجيال والعقول”.وأعلن مدير المناهج بوزارة التربية والتعليم الاتحادية الدكتور عمر القراي إلغاء مادة التربية العسكرية بالمرحلة القانوية والاستعاضة عنها بمادة التربية المدنية وأشار إلي ادخال مواد الفلسفة وعلم المنطق وقال أن مرجعية المنهج الجديد هي ثورة 19 ديسمبر وأضاف اننا لم نستبدل منهج حكومة الانقاذ بمنهج مشابه له واننا لم نقل سندخل منهج الحزب الجمهوري بل منهج يرتضيه كل الشعب ويستوعب تطلعاته وليس لصالح دين على اخر او قبيلة او جهة وسيكون وضعه مثل وضع الدستور ثم ستدخل اللجان الفنية في المرحلة الاخيرة وأكد انهم سيطلبون من الشعب تحمل اضافة فصل في كل مدرسة حتى يشعر الجميع بأن المدارس ملكهم. وقطع القراي بأن البلاد مليئة بالكفاءات لكن مهنة التعليم طاردة لكنهم سيعملوا أن يجعلوا للمعلم قيمة مادية ومكانة اجتماعية تليق به وكشف عن مبادرات خارجية كثيرة تسهم في التعليم وتطويره جاء ذلك خلال استضافته في منتدى صحيفة التيار ( كباية شاي).وأكد القراي بأن تغيير المناهج الدراسية املتها ضرورة تدهور مستوي التعليم والتحصيل الأكاديمي للطلاب وتسييس المناهج الدراسية خلال العهد البائد وقال أن كثرة المقررات الدراسيه لطلاب الأساس جاء بنتائج سلبية أثرت على مستوي فهم الطالب واوضح انهم سيشرعون في وضع خطط محكمة لوضع مناهج ومقررات تضم خبراء ومختصين في مجال العملية التريوية وستعمل علي الاستفاده من تجارب الدول المتقدمة في التعليم خاصة في أوروبا وقال أن الذين يسعون لتشويه المناهج الدراسية القادمة هدفهم صرف النظر عن الاخطاء الفادحة التي ارتكيت في حق التعليم خلال العهد البائد. وشدد القراي علي أن يفهم الطلاب القرآن نصا وفهما عميقا ينعكس علي سلوكهم وممارستهم في الحياة هذا وفد تخللت الندوة مداخلات ونقاش من الخبراء في المجال التعليمي والمعلمين المتفاعدين تركزت حول ضروره وضع مناهج ومقررات مرنه تكون سهلة الهضم للطلاب.فلاش باك وكانت المناهج التعليمية السودانية قد شهدت ترديا خطيرا في حقبة النظام البائد بعد أن تغيرت المناهج التي وضعتها “بخت الرضا ” في أزمان سابقة ، وبعد أن تم دمج مناهج المرحلة المتوسطة في مناهج مرحلة الأساس وتم حذف وتغيير واستبدال بعض المناهج بمناهج أخري “لا تسمن ولا تغني من جوع ” وتم إدراجها ضمن مناهج المرحلة الثانوية ، وعلي الرغم من وصول بعض المواد إلى زهاء الأثني عشرة مادة مقررة على طلاب مرحلتي الأساس والثانوي- في الفصل الواحد – إلا أن المحصلة التعليمية تكاد تكون صفرا كبيرا ،فبحسب المسؤول السابق بوزارة التربية والتعليم أحمد عبدالمجيد فقد وصلت نسبة النجاح للشهادة السودانية في سنة ما لنسبة 51% إلا أن وزير التربية والتعليم وقتئذاك أصر على تعديل نسبة النجاح لتصير68% واكد أن نتيجة الشهادة السودانية كانت تتعرض للتزوير والجرح والتعديل من قبل وزراء التربية المتلاحقين وذلك قبيل ساعات من اعلان النتيجة في المؤتمر الصحفي.من جانبه دعا الخبير التربوي علي السعيد – خلال حديثه في ندوة – وزارة التربية لالغاء الامتحانات بصورة نهائية في كل المراحل لجهة أن النجاح والرسوب ليس مقياسا للنجاح أو الفشل في الحياة العملية واوضح أن مناهج التعليم الحالية تناسب طلاب القرون الوسطي لبعدها عن الواقع وقضايا العصر. بينما اشار القيادي بقوي الحرية والتغيير بابكر فيصل إلى التدهور المريع الذي شهدته المناهج التعليمية منذ استيلاء جماعة الإخوان المسلمين على الحكم عبر الانقلاب العسكري في يونيو 1989 واوضح أن مشكلة المناهج التعليمية لا تقتصر على مخرجاتها الهزيلة في الفروع المختلفة للعلوم الطبيعية أو الاجتماعية فحسب ، بل في كونها تشكل خطرا كبيرا على التكوين العقلي للطلاب ونظرتهم لموضوعات هامة ذات دلالات مؤثرة على قضايا ومفاهيم أساسية مثل الوطنية والدولة المدنية وحقوق المواطنة والتعايش السلمي .ودلل فيصل على قوله بأن منهج التربية الإسلامية (العقيدة والفقه) الذي يدرس لطلاب المرحلة الأساسية ومنهج الثقافة الإسلامية المقرر بالجامعات يحتويان على دروس تتعارض مع الدستور ولا تساير روح العصر وتضعف الانتماء الوطني وتحض على الكراهية والعنف وإشار إلى ما جاء في صفحة 26 من كتاب الثقافة الإسلامية المقرر على طلاب الفرقة الأولى بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا والذي ورد فيه” أن من شروط الحاكم في الإسلام الذكورة” ويؤكد الكتاب في صفحتي 27 و28 أنه “لا يجوز أن يكون الخليفة أنثى” ومثله ما جاء في صفحة 71 من كتاب الدراسات الإسلامية” للصف الثاني الثانوي تحت عنوان: “كيفية التعامل مع الدولة القائمة على المواطنة” حيث ورد ما يلي: “ولغير المسلمين في الدولة بحكم المواطنة المشاركة في الأمور كلها التي لا تخص المسلمين فقط كالولاية العامة لأنها تفرض على المسلمين أن يلتزموا بأحكام الشرع في المسؤولية العامة، ولا شك أنه من مصلحة غير المسلمين أن يكون التعامل على عقد يقوم على الدين فإن ذلك أدعى لإنصافهم”. غير أن الناقد والمعلم بالمدارس الثانوية الأستاذ أبوعاقلة إدريس قال خلال حديثه لموقع “النورس نيوز ” ينبغي أن تشتغل إدارة المناهج في بخت الرضا عبر خبرائها واداراتها التربوية والفنية المخنصة على قومية التعليم المدرسي العام والأ تسيس مناهجنا الوطنية مضيفا بأن المناهج شان تربوي فني بحت يعبر عن هوية الوطن وخصائص القومية السودانية.واضاف إدريس لدينا تجارب ضارة في تسييس المناهج يسارا ويمينا ففي عهد مايو الاشتراكي أضيف بيت يعبر عن التعاون بمفهومه الاشتراكي في النشيد التاريخي “سبل كسب العبش في السودان والذي وضعه عبدالرحمن علي طه –أول وزير معارف بالسودان بحكومة حق نقرير المصير 1953 – وهو نشيد “في القولد التقيت بالصديق ” ولم يكن هذا البيت المقحم الامثالا واحدا لتسييس المنهج ناحية اليسار كما تم توجيه المنهج نحو اليمين عندما اعتلى السلطة أهل الإنقاذ فتم إجبار الطلاب على حفظ نص “الإسلام دين القوة ” لجميع الطلاب بما فيهم المسيحيون ،وكانوا يحفظون النص مكرهين مع العلم بأن هناكآية تقول “لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ” وأوضح أن مثل هذه التجارب هي التي عجلت بخيار الانفصال.واشار مسؤول مكتب الإعلام بلجنة المعلمين الأستاذ عمر بابكر قال خلال حديثه ل”النورس نيوز ” إلى أنهم كلجنة معلمين لديهم رؤية حول عملية إصلاح المناهج مضيفا بأنها عملية وطنية اجتماعية تتم بمشاركة كل قطاعات الشعب السوداني مؤكدا بأن أصلاح المناهج يتم بمشاركة كل أصحاب المصلحة من خبراء المناهج والمعلمين والطلاب والأسرومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والشركات ورواد الأعمال والمجتمع الأقليمي والمجتمع العالمي وأضاف بأن قضية إصلاح المناهج ليست قضية تخص الفنيين فقط بل هي قضية أساسية تخص الجميع وأشار إلي ان خبراء المناهج سيشرعوا في عمل مقاربة للمقارنة بين هذه المناهج والمناهج الأخرى المناظرة في البلاد الاخرى في الفضائين الأقليمي والعالمي واضاف العملية الإصلاحية تحتاج لوقت طويل ويحتاج الامر لورش عمل مكثفة حتي لايتم تكرار أخطاء الحقبة الماضية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *