اعمدة الرأي…. بداية الطوفان …. امل أبوالقاسم

يبدو أن الحكومة بقصد منها أو بغيره تهدم بنيانها الذي لم يكتمل بعد بيدها وفي الأساس هو هش وغير قائم على قواعد متينة فحتى الآن كل ما بدر منها نظري لا يسنده فعل وقد تمثل في الاقالات والقرارات التي لا تمت لمعاش الناس بصلة. قال السيد رئيس الوزراء أن ثمة عراقيل تعترض حكومة السلطة الانتقالية وألمح إلى أنها بفعل فاعل ورغم أنه لم يكشف عن ماهية العراقيل ومن خلفها لكنا نقول بأنها من لدن حكومته ومن حولها وعليه أن لا يذهب بعيدا ويعلقها على مشجب الدولة العميقة (الحيطة المايلة) وربما لم تكن هذه العوائق مقصودة بالمعنى الواضح لكن كون الوزارات تخضع لرأي بعضا من مكونات قحت أو من يحومون حولها بلا مسوغ شرعي وتستجيب لضغطهم حتى لا تفقد مقاعدها هذا من أكبر وأهم العوائق والعقبات التي بدأت نذرها تطاير في المشهد. فالتوصيات التي دفع بها رئيس مجلس الوزراء لبعض الوزارات كتوجيهه لوزير العدل بتفعيل والمصادقة على (سيداو) وقد أعلن الأخير فعليا عن ذلك. وكذا توصيته بالوقوف مع وزيرة الشباب والرياضة في قضيتها ضد عبد الحي يوسف. ومن جهة أخرى يسمح بعرض كتب (محمود محمد طه) من قبل وزير الإعلام والثقافة. ثم اخيرا تتدخل وزيرة الخارجية للافراج عن شحنة خمور مستوردة تقدر بالاطنان اوقفتها شرطة الجمارك وأوصت وزارة المالية بتخليصها وقد كان. اولا فالتعلم الحكومة الانتقالية أن الدين الإسلامي لم تقره أوتفرضه أو تسهم بننشره الإنقاذ هي فقط رفعته شعارا واخلت بالكثير منه واساءت له . ولعل الشعب السوداني هو الوحيد الأكثر تدينا بين الشعوب الإسلامية فالدين ليس عبادة فقط إنما نية وبيان بالعمل ومعاملة والأخيرة والحمد لله أصبحت مفخرة بين العالمين لذلك لا تظنوا انه ومع ذهاب الإنقاذ ذهب دين أهل البلاد وتنفستم بذلك الصعداء وتريدون أن تعيثوا في المجتمع فسادا دينيا ودنيويا وتخربون المجتمع بما يرضيكم ويرضى آخرين لطالما اجتهدوا في البحث عن هذه الفرصة التي يعتقدون انها جاءتهم على طبق من ذهب ولكن هيهات. فهي بذا كأنما تصب الزيت على النار. الآن عدد من الجماعات المختلفة في التكوين والفكر المجتمعة على الإسلام الحق والسودانوية الحقة بصدد تنظيم وقفات ومسيرات ومواكب لمناهضة تلكم التوصيات والقرارات. ومنها وقفة أمام وزير العدل مناهضة لاتفاقية (سيداو) دعت إليها مجموعة أطلقت عليها (مبادرة سودانيات ضد سيداو) رافعات لشعار (ديني جعلني ملكة) تناهض الاتفاقية التي وصفنها بالمدمرة للأسر والمبدلة لشرع الله. فهل يا ترى سيستجيب لها سعادة الوزير؟ على العموم ننتظر رده. اما الطامة الكبرى التي لا تحسب لها الحكومة ولا تضع لها حسابا بل وتستخف بها فهي ردود أفعال المتشددين والمتطرفين دينيا. وبحسب منشور رائج فهناك دعوة مليونية قيل إنها لرفض التغريب والإلحاد ستنطلق بعد غدا الجمعة بجميع مساجد العاصمة الخرطوم وتتجه نحو القصر الجمهوري وقد وجهوا دعوة لكل الآباء والأمهات وثمة تهديد مجتمعي مبطن يلف الدعوة. وللحق فهو كذلك فإن كان حال كثير من الشباب وقبيل أن إتاحة الحريات هذه لا ينبي حالهم بخير فكيف سيكون حالهم الآن وكل ما هو مدمر لهم ولمعتقداتهم وقيمهم وأفكارهم بات متاحا وفي متناول اليد وآخرها السماح من قبل الحكومة نفسها بإدخال خمور مستوردة بالبلاد في تجاوز واضح لدور الشرطة وان استمر الحال على ما هو عليه فإن المخدرات ستباع في البقالات بعد السماح بدخولها على عينك يا جهات أمنية. يقيني أن السواد الأعظم من الأسر السودانية التي تربت على القيم والفضيلة المتوارثة لن تقبل بذلك ولا على أبنائها لكنا نخشى أن تجرفهم شدة التيار ويصعب السيطرة عليهم بعدها فيا أيتها الأسر عضوا على أولادكم بالنواجز حتى تهدأ هذه الثائرة. اعتقد ان موقف المتشدد قبيل يومين بمعرض الخروطوم الدولي للكتاب إنما هو محض رسالة وشرارة تنذر بحريق قادم فبالله عليكم خافوا الله في رعيتكم التي وليتم أنفسكم عليها. وثقتنا المجتمع السوداني وتمسكه بدينه وقيمه كبيرة والله المستعان على كل أمر.

Exit mobile version