اعمدة الرأي…. بعد ومسافة ….. قراءة مختلفة لواقع الحال العربي …. مصطفى ابوالعزائم

زيارة الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” للرياض في المملكة العربية السعودية، ولقائه بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وبولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وعدد من قيادات المملكة، ثم زيارته إلى دولة الأمارات العربية المتحدة بعد زيارته مباشرة، تعني الكثير خاصة بعد المستجدات التي حدثت على الحدود التركية السورية، ودخول القوات التركية إلى داخل سوريا بمزاعم حفظ الأمن القومي، ومع عدم القبول العربي العام لهذا الأمر، وإستياء طهران القريبة من منطقة الحديث، وتخوف إسرائيل التي تعتبر لاعباً مهماً وأساسياً في المنطقة، ومنها تنطلق صافرات الإنذار داخل البيت الأبيض الأمريكي بحسبان أن إسرائيل (خط أحمر) ومنها يبدأ تهديد الأمن القومي الأمريكي مع كل هذا الواقع بعد المستجدات الأخيرة تجيء زيارة “بوتين” لتعبّر عن إنزعاج “موسكو” لما يحدث، ولتؤكد الزيارة نفسها عن قناعة روسيا بالدور الإيجابي الذي لعبته السعودية في العمل على حل الأزمة السورية، ولتؤكد على أن دولة الأمارات العربية المتحدة تسهم بدور كبير وفعال في حل أزمات المنطقة.”بوتين” يرى أن روسيا يمكنها أن تلعب دوراً رئيسياً ومحورياً في الشرق الأوسط، ولها علاقات وروابط متينة مع إيران وسوريا ومع عدد كبير من الأقطار العربية، لكن الناظر لهذه الزيارة الآن، يجدها تتجاوز البعد الثنائي والإقليمي وتؤس لشراكات جديدة مع قوى إقليمية أصبح لها تأثيرها ونفوذها في المنطقة، وقد تكون صمام أمان لضمان إستقرار المنطقة وسط التحولات الناجمة الثورات الشعبية التي تعمل قوى أخرى على تحريكها في عدد من الأقطار العربية والإسلامية تحديداً.لقاءات “قصر اليمامة” في “الرياض” السعودية لا نعرف ما دار فيها لكننا يكن أن نستنتج ذلك لنظرة “موسكو” الجديدة للرياض منذ أن قام الأمير محمد بن سلمان بزيارة روسيا قبل نحو أربعة أعوام، وهي زيارة أعطت السعودية بعداً جديداً في “الكرملين” ومنحتها قوة إضافية تتناسب مع ما حدث في المنطقة العربية والشرق الأوسط من متغيّرات. وقد توطدت هذه المفاهيم بعد الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى “موسكو” التي تأسست خلالها شراكة إقتصادية قوية تم بموجبها إنشاء صندوق استثماري بعشرة ملايين مليار دولار، ومضت كل من “الرياض” و”موسكو” في طريق تمتين العلاقات في مجالات إستراتيجية عدة.
العلاقات الأماراتية الروسية، لا تقل أهمية في نظر “الكرملين” عن العلاقات مع المملكة العربية السعودية فهناك مصالح مشتركة عديدة بين “موسكو” و”أبو ظبي” وأصبحت الأمارات العربية المتحدة لاعباً أساسياً وماهراً الآن لحلحلة العديد من مشاكل المنطقة ووقف ما تسميه قوى عالمية بسيطرة الجماعات الإسلامية أو (الإسلام السياسي) على أنظمة الحكم في دول المنطقة، وهي أنظمة تقوم على فكر جماعة الأخوان المسلمين برعاية كاملة من التنظيم العالمي للأخوان المسلمين، ودعم غير محدود من “أنقرة” في تركيا و”الدوحة” في “قطر”.. وهنا تبرز أهمية التعاون المشترك لوقف أي تحولات سالبة، خاصة في كل من اليمن والعراق وليبيا وفلسطين المحتلة.. وهنا تبدو أهمية زيارة “بوتين” للمنطقة وهو ما يستوجب وقفة وإعادة قراءة للأحداث والمستجدات وفق ما هو متوقع .. ونرى مثلما يرى بعض المتابعين للشأن السياسي والجغرافي في المنطقة أن دخول القوات التركية إلى سوريا لن يتم تفسيره سوى أنه عدوان وإجتياح، ربما كان السبب فيه أن القيادة التركية إستغلت إنسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وهذا نفسه قد يكون أحد الشراك والفخاخ التي نصبتها “واشنطن” هناك حتى تدخل تركيا إلى سوريا مثلما فعل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عندما غزا الكويت لتتوحد بعد ذلك كل القوى ضده حتى تمت الإطاحة به.الآن أظهرت “واشنطن” أنيابها دون إبتسامة وأخرجت أظافرها مهددة تركيا ونظام الرئيس أردوغان وأججت نيران الاحتجاجات الإقليمية حوله ليصبح بعد قليل مواجهاً بعداءات عنيفة، خاصة من حلفاء سوريا وكثير من الأقطار العربية- فهل يا ترى زيارة “بوتين” الحالية جزءاً من كتابة السطور الأخيرة في إستئساد تركيا (؟) الأيام القادمة ستجيب.

صحيفة الأخبار الأربعاء 15 أكتوبر 2019م

Exit mobile version