اعمدة الرأي … بُعْد ومسافة … مصطفى ابوالعزائم …. “السنهوري” و”الشفيع” وحكومة العهد الجديد..

حديثان مهمان لسياسيين فوق العادة تم نشرهما وتداولهما في صحف الأمس، الأول مع أمين سر حزب البعث العربي الإشتراكي (قطر السودان) الأستاذ علي الريح السنهوري الذي يتمتع بإحترام واسع وسط النخب السياسية قاطبة ولدى كثير من العامة، وقد تم نشر جزء من الحوار- كتصريحات صحفية- في صحيفتكم (الأخبار)، بينما كان الحوار الثاني مع الدكتور الشفيع الخضر أحد أبرز قادة الحزب الشيوعي السوداني السابقين وأحد أبرز المفكرين السياسيين في بلادنا- على قلّتهم- وللرجلين تقدير خاص لدى الكثيرين، وتقدير خاص لرأي أيٍ منهما في الشأن العام، ولكن ساستنا ومتخذي القرار في بلادنا دائماً ما يقبعون قانعين داخل سجونهم الفكرية والذاتية دون إنفتاح على الآخرين، وهو ما يشكل معضلة حقيقية في قبول الرأي والرأي الآخر، تارة بإسم التكفير أو التسفيه أو الإستخفاف، وقد أنتج هذا الأمر فقراً في تداول الفكر، وتسبب في (أنيميا) سياسية حادة، مما يجعلنا نتحسر بالقول: (مين يقرا.. ومين يسمع؟).حديث الأستاذ علي الريح السنهوري حمل الكثير من التحذيرات للجميع، خاصة وأن كل الشعب السوداني تطلع إلى غدٍ جديد، مع تنبيهه إلى أن الآمال العريضة لأبناء السودان ستخلق نزاعاً جديداً في ظل المحاصصات في السلطة، مع تأكيد “السنهوري” على إستحالة معالجة مشاكل البلاد بسقوط النظام السابق، وتشكيل حكومة مدنية، لأن الحاجة الملحة الآن هي الديمقراطية التشاركية لا التمثيلية، مشدداً على أن رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك لا يملك عصا سحرية لحل مشاكل البلاد، بل يحتاج إلى دعم الجميع لتحقيق ذلك، وقال إننا لو أحضرنا (سوبر مان) لحل مشاكل السودان وحده لما إستطاع.أما حديث الرجل المحترم الثاني الدكتور الشفيع خضر فقد كان على صفحات صحيفة “الرأي العام” العائدة للصدور من جديد في ثوبها الجديد، بعد أن عادت لملاكها المؤسسين أسرة المرحوم إسماعيل العتباني، – وهذه فرصة لتهنئة أسرة الصحيفة بمعاودة الصدور- وقد حفل عدد الأمس بالعديد من المواد الشيقة المقروءة بل وأعاد قلماً مهاجراً حصيفاً هو قلم صديقنا الذي عاد إلى البلاد مؤخراً الأستاذ عبد الغني أحمد إدريس. حديث الدكتور الشفيع خضر حمل تحذيراً بيّناً واضحاً قال فيه: (إما نجاح الفترة الانتقالية وإما الكارثة) مؤكداً في ذات الوقت على أن حكومة الدكتور عبد الله حمدوك، تسير في الإتجاه الصحيح.. ولكن ببطء شديد، وإن مسؤولية قيادة الفترة الإنتقالية لا يتحملها “حمدوك” وحده وإن كان يتحمل كل المسؤوليات المتعلقة بأدائه كرئيس للوزراء.وحول مستقبل الإسلاميين قال الشفيع خضر: إنهم هم وحدهم من يقررون مستقبلهم وإنهم يحتاجون إلى شجاعة غير عادية لإنجاز هذا التعتيم. رسالتنا لمجلس السيادة الانتقالي ورئيسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ولرئيس مجلس الوزراء الانتقالي الدكتور عبد الله حمدوك أن ينتبها إلى أن هناك قيادات حقيقية ذات فكر ورؤى يجب الاجتماع بها بين حين وآخر لسماع وجهة نظرها حول كثير من القضايا. وهذان نموذجان طيبان غير نماذج أخرى جيدة بعيداً عن هتافات الناشطين داخل قاعة مجلس الوزراء.

Exit mobile version