
تقرير أممي سري يضع الإمارات في ورطة
متابعات _ النورس نيوز _ في تطور خطير يعيد فتح ملفات الاتهام الموجهة إلى أطراف إقليمية في النزاع السوداني، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن مضمون تقرير سري للغاية صادر عن الأمم المتحدة، يسلّط الضوء على دور محتمل لدولة الإمارات العربية المتحدة في دعم ميليشيا الدعم السريع في السودان، من خلال عمليات تهريب سلاح عبر دولة تشاد المجاورة.
التقرير الذي أعدته لجنة من خمسة خبراء في الأمم المتحدة، وقدّم إلى لجنة العقوبات الخاصة بالسودان في مجلس الأمن الدولي، وثّق ما وصفه بـ”نمط منتظم ومثير للريبة” لرحلات جوية بطائرات شحن عسكرية من طراز “إليوشن إيل-76” تنطلق من مطارات إماراتية، وعلى رأسها رأس الخيمة والعين، باتجاه مطار “أمجراس” في تشاد، وهي منطقة مشهورة بارتباطها بخطوط تهريب السلاح إلى دارفوردارفور.
رحلات مريبة وتكتم متعمد
أشار التقرير إلى أن الطائرات التي أقلعت من الإمارات كانت تختفي من الرادار في مراحل حاسمة من رحلاتها، ثم تظهر مجددًا في الأراضي التشادية قبل عودتها إلى أبوظبي، وهو ما وصفه الخبراء بأنه “سلوك يوحي بوجود عمليات سرية لتفادي التعقب”. ورغم أن التقرير لم يثبت بشكل قاطع وجود شحنات أسلحة على متن تلك الرحلات، إلا أن الخبراء أشاروا إلى وجود مؤشرات قوية على استخدام هذه الجسور الجوية لأغراض لوجستية غير مشروعة.
وتزامنت تلك الرحلات مع تصعيد كبير في الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع، خاصة في مدينة الفاشرالفاشر ومخيمات النازحين حولها، حيث سقط أكثر من 200 مدني في أحداث وُصفت بأنها ترقى إلى مستوى “الإبادة الجماعية”، وفق توصيف سابق للحكومة الأمريكية.
الإمارات تنفي والأمم المتحدة تتحفظ
رغم قوة الإشارات الواردة في التقرير، إلا أن لجنة الخبراء شددت على أن الأدلة لم تصل إلى الحد المطلوب لتوجيه اتهام مباشر للإمارات. وعلّق مصدر إماراتي رسمي على التقرير بقوله: “الوثيقة لا تقدم أي دليل مادي على تورط الإمارات في دعم أي من أطراف النزاع، والادعاءات ضدنا لا تتجاوز التكهنات”.
ورغم ذلك، أعرب دبلوماسيون غربيون عن قلقهم إزاء استمرار الدعوات للإمارات لحضور المؤتمرات الدولية حول السودان، رغم الاتهامات المستمرة بضلوعها في تأجيج الصراع، خصوصًا مع مشاركتها اليوم في مؤتمر “لانكستر هاوس” بلندن، الذي تنظمه الخارجية البريطانية لمناقشة سبل إيقاف الحرب في السودان بمشاركة 20 دولة.
اتهامات بالإبادة وتدخل قضائي
وتتزامن هذه التطورات مع جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بلاهاي، حيث قدمت الحكومة السودانية دعوى قضائية تتهم الإمارات بـ”التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية”، مستندة إلى شهادات ووثائق تؤكد ضلوع الدعم السريع في مجازر واسعة النطاق، يُعتقد أن بعضها تم بتمويل وتسليح خارجي.
مطالب بالمساءلة
على ضوء هذا التقرير، طالب مراقبون بفتح تحقيق دولي مستقل يهدف إلى التحقق من مزاعم تهريب السلاح، ومحاسبة المتورطين في تغذية الصراع السوداني الذي أودى بحياة آلاف المدنيين وشرّد أكثر من 12 مليون شخص.
وفي ظل هذا التصعيد، تبدو الجهود الدبلوماسية أمام اختبار حقيقي، ما إذا كانت ستؤدي إلى وقف نزيف الدم السوداني، أم ستكتفي بإدارة الأزمة عبر مؤتمرات بلا قرارات حاسمة.