آراء و مقالات

⭕️ في ذكرى 11 أبريل: أخطاء الرئيس البشير وحزبه ولجنته الأمنية (1)

⭕️ في ذكرى 11 أبريل: أخطاء الرئيس البشير وحزبه ولجنته الأمنية (1)

#مدخل
مر يوم أمس الذي وافق مرور ست سنواتٍ كاملاتٍ منذ أن أقدم الفريق أول عوض محمد أحمد أبنعوف بإعلان نهاية حكم الرئيس البشير فرّج الله كربته وألزمه صبراً على عاديات الزمان وغاشيات الأحزان وقد فَقدَ الوفاء والسلطان وخان من خان.. مر هذا اليوم بغير قليلٍ من الصمت (الاسفيري) الذي ذكّرني بفعالية مبتدعة قلدناها وهي الوقوف دقيقة صمت (حداداً) على من فُقد بمصيبة الموت فرادى وجماعات.. ولكأن معظم أهل السودان وبعد مرور هذه (السنوات العجاف) الست (صمتوا) يتفكّرون في حالهم ومآلهم وأين كانوا وأين وصلوا ولماذا وصلوا لما وصلوا إليه.. والصمت دوما هو مظنة التفكّر والتدبّر وإمعان البصر بعد النظر وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم في جزء من حديث شريف في وصايا ربانية (أن يكون نطقي ذكراً، وصمتي فكراً، ونظري عبراً) فهو مطلوبٌ مرغوبٌ ولا يمكنك التفكّر والتدبّر وأنت تتحدث مع الآخرين.. وفي هذه العجالة لست بصدد تقييم ما حدث وتشخيص مترتبات ما حدث وقد (حدث ما حدث) ولكني أفكر معكم سادتي بصوت عالٍ بحثاً عن (الحكمة) على الرغم من أن غالب من يتعاطون السياسة عمداً (يجيّرون) الحديث لطيف سياسي ولون حزب وميول أيدولوجي ولو كان صحيحاً مقبولاً من حيث العقل والمنطق والتحليل والتأويل وهذه من كوارثنا القاتلة.. متناسين تماماً القول في الحديث الشريف أيضاً ولو رأي فيه البعض ضعفاً (الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها) ولو جاءته إليه من عدو كافر وتحضرني هنا مقولة للفريق الركن حسن صالح له التحية ومتعه الله بالصحة والعافية وقد تدربنا على يديه أمنياً واستخباراتياً وهو برتبة المقدم الركن بالأمن الايجابي (فلان هذا لو قرأ سورة الفاتحة فسيسمعها البعض بأنها ليست الفاتحة التي يعرفون)

#توصيف
من أصدق ما قيل في تفسير ما حدث في 11 أبريل 2019م قول الصحفي عبد الماجد عبد الحميد وهو يصفه (بالثورة المصنوعة) تماماً كما حدث في مصر على يد عبد الفتاح السياسي وهو ينقلب على نظام سياسي منتخب.. صحيح أن هناك كثيراً جداً من العوامل والشواهد (المنطقية) التي قادت لانتهاء حكم الإنقاذ ولكن كان هناك (شخص) يحرّك الأحداث لتفضي للنتيجة (النهائية) المرغوبة.. لتأكيد ذلك سادتي ارجعوا بالذاكرة لتظاهرات العام 2013م عندما زيدت أسعار الوقود وقامت الدنيا ولم تقعد في أحداث عنفٍ وتظاهراتٍ قوية ضد النظام ربما فاقت في بعضها تظاهرات 2019م.. لكن النظام امتص هذه التظاهرات ولم تفض للنتيجة النهائية وهي زواله (بالثورة الشعبية) والسبب أنه كان متماسكاً وأن الأحداث وقتها كانت تتحرك بشكل (طبيعي) تلقائي دون وجود (مدرّب) يقرأ الملعب ويغيّر في تكتيك اللعب وأوراقه وبالتالي يحرّك الأحداث نحو نهاية واحدة محددة مرغوبة من قبله وقبل من يحركهم

#من_هو
قد لا تكون هذه الرواية هي التي (تروق) لكثير من الناس المنفعلين والمنتشين بانتهاء حكم الإنقاذ (المتطاول) وهذه من أخطاء النظام الذي يقرأ تاريخ الاستعمار الإنجليزي وفي إحدى صفحاته يأتي المفتش الإنجليزي لأب سن زعيم الشكرية فيسأله عن عامله (المستعمر الإنجليزي) طرفهم وكيف هو؟ فيقول له أب سن بكل ثقة (هو كويس علا طوّل).. وفي هذا الرد البسيط المرتكز على ملل السودانيين من هذا (الطول) فائدة لم يعيها الإنقاذيون ولم يتحسبوا لها ولو جلب نظامهم (المن والسلوى) وأسال للسودانيين (العسل المصفى) في أفواههم.. سبب النشوة التي ذكرت مرده عدم التصديق بأن النظام قد انتهى بهذه السهولة والسرعة (غير المتوقعة) ويتذكر الناس أفئدة من معارضي النظام تهوي للخرطوم بعد إذاعة البيان رقم واحد.. بعض الفيديوهات لمن قدموا مطار الخرطوم (مذهولين) لا تزال موجودة على السوشيال ميديا وقد أضحى ميدان الاعتصام (سوق عكاظ) الثورة فخراً وتنبراً بها وبالثوار الذي هزموا الدكتاتورية وذكراً (لمساوئ) الإنقاذ التي ماتت.. لكن دعوني لا أذهب بعيداً وأجيب على السؤال أعلاه من هو (المدرّب) الذي كان يدير المشهد وهو ضمن أجهزة النظام لصالح معارضيه ليكون آخر أعماله إدخال (حصان طروادة) للقيادة العامة كآخر عمل أفضى لانحياز اللجنة الأمنية لرغبات المتظاهرين وخلع الرئيس البشير.. كل من قرأ الاحداث يقول بأن هناك شخص واحد اتسقت مصلحته مع مصلحة المتظاهرين وقاد لأن يحدث التغيير بالكيفية التي تم بها ألا وهو الباشمهندس صلاح عبد الله قوش.. لدى صلاح قوش ألف سبب للقيام بذلك ولكني أتركها جميعاً وأسرد سببين إثنين فالأول عودته للمنصب بعد تسع سنوات وقد (أصابه ما أصابه) سجناً وتحقيقاً ورمياً بالتآمر ما أوجد (غبينة) شخصية غائرة الجراح تجاه النظام وإن حاول عدم إظهار ذلك وأسرها في نفسه.. أما الثاني فهو تغيير ما أعلنه الرئيس البشير قبل سقوط النظام بواحد وأربعين يوماً وقد أعلن رسمياً تخليه عن الحزب وتسليم رئاسته لأحمد هارون ووقوفه على (مسافة واحدة) من جميع السودانيين.. وهذا التغيير تمثّل في تعديل خطاب القصر الأخير والشهير الذي كان آخر خطابات الرئيس البشير بغير ما أعلنه قوش لوسائل الإعلام بأن الرئيس البشير لن يترشح لانتخابات 2020م. نواصل.

اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *