الأخبار الرئيسيةتقارير

احتقان الأوضاع بجوبا…. هل يفجر أزمة في الخرطوم؟

احتقان الأوضاع بجوبا….
هل يفجر أزمة في الخرطوم؟

تقرير اخباري: ابونبراس

أكد مراقبين تحدثوا لـ”النورس” أن السودان لن يكون بمنأى عن تداعيات انفجار الأوضاع في الجنوب، بل سيتأثر بشكل مباشر، مما يُفاقم أزماته ويضعه أمام تحديات أمنية وإنسانية واقتصادية غير مسبوقة.

وعقب وقف التنسيق الامني و السياسي وايقاف عمل اللجنة العسكرية لوقف اطلاق النار بين الحكومة الجنوبية والحركة الشعبية بقيادة رياك مشار، زاد الوضع سوءََ في جوبا الأمر الذي يقود الي انفجار الأوضاع في جنوب السودان، بعد اندلاع أعمال عنف في منطقة أعالي النيل في مدينة ناصر، بين “الجيش الأبيض” الموالي لـرياك مشار نائب الرئيس، وبين “الجيش الشعبي” الموالي للرئيس سلفاكير ميارديت.

تأرجح أوضاع:
تتأرجح الأوضاع في جوبا و على حافة الانهيار، والمنطقة بأكملها تترقب لحظة قد تتحول فيها شرارة صغيرة إلى حريق هائل يبتلع الاستقرار الهش، هكذا القيادي بحزب الأمة القومي، عروة الصادق لـ”النورس”، ويضيف السودان، الذي يعاني بالفعل من حرب أهلية مدمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لن يكون بمنأى عن تداعيات انفجار الأوضاع في الجنوب، بل سيتأثر بشكل مباشر، مما يُفاقم أزماته ويضعه أمام تحديات أمنية وإنسانية واقتصادية غير مسبوقة.

اثر انهيار
ويوضح عروة وهو خبير في الشأن الأفريقي، تداعيات انفجار الأوضاع في الجنوب على السودان تظهر على عدة مستويات، أولها أزمة النزوح واللاجئين، فالسودان يستضيف بالفعل أكثر من عشرة ملايين نازح داخلي، ومع انهيار الأوضاع في جوبا ستتدفق موجات جديدة من اللاجئين عبر الحدود الطويلة بين البلدين، خصوصًا نحو دارفور، جنوب كردفان، والنيل الأبيض، حيث ستشهد مناطق مثل الجبلين والرنك تداخلًا في موجات النزوح بين سكان البلدين، ما سيُنهك الموارد الشحيحة ويزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية.

واردف: ثانيها تصاعد الحرب بالوكالة، إذ إن جنوب السودان ليست مجرد دولة تتصارع داخليًا، بل ساحة تتنافس فيها قوى إقليمية ودولية على النفوذ والموارد، وانهيار الاستقرار قد يزيد نفوذ أطراف مثل الإمارات، التي تدعم قوات الدعم السريع، ومصر التي تدعم الجيش وتحاول استغلال الصراعات في جوبا وبين أديس أبابا وأسمرا؛ أو دول أخرى تسعى لتأمين مصالحها، مما سيؤدي إلى إطالة أمد الحرب في السودان، حيث قد تستغل الأطراف الفوضى في الجنوب لفتح خطوط إمداد وتهريب الأسلحة أو تجنيد مرتزقة عبر الحدود، مما يزيد المشهد تعقيدًا.

وتابع: ثالثها تهديد الأمن في المناطق الحدودية، إذ إن الحدود بين البلدين، خاصة في دارفور وجنوب كردفان، هشة وغير خاضعة لسيطرة كاملة بسبب الحرب الداخلية، وتسرب مليشيات مثل “الجيش الأبيض” من جنوب السودان قد يؤدي إلى فتح جبهات قتال جديدة في مناطق مثل كادوقلي أو الفاشر، بينما قد تتحول مناطق مثل كوستي الجبلين جودة ربك إلى نقاط تجمع للنازحين والمسلحين على حد سواء، مما يُنذر بتصاعد العنف.

علاوة على التأثير الاقتصادي الحاد، حيث يعتمد السودان على التجارة الحدودية مع الجنوب في السلع الزراعية والمواشي، وانقطاع هذه التجارة سيُفاقم أزمة الجوع التي تهدد أكثر من خمسة وعشرين مليون سوداني، فيما ستواجه مناطق مثل أم روابة في جنوب النيل الأبيض نقصًا حادًا في الإمدادات، مما قد يُشعل التوترات المحلية.
وبحسب عروة أن الأثر الأخير، يتمثل في خطر التفكك الإقليمي، حيث قد يؤدي انهيار جنوب السودان إلى تشجيع حركات التمرد في السودان، مثل الحركة الشعبية-شمال في النيل الأزرق وجنوب كردفان، مما يزيد من احتمالية التفتت والعنف المستمر
في مواجهة هذا الخطر الوشيك.

تدابير عاجلة:
ودعا السلطات السودانية إلى التحرك بحزم وحكمة، عبر عدة تدابير عاجلة، منها إنهاء حالة الحرب الداخلية بالعودة للتفاوض لمنع انزلاق البلاد في مستنقع أقلمة الصراع، واتباع الطرق الدبلوماسية مع جوبا من خلال فتح قنوات اتصال مباشرة مع حكومة سلفا كير لضمان تعاون أمني مشترك يحد من تسرب السلاح والمرتزقة عبر الحدود، وربما تقديم دعم لوجستي لمنع انهيار الدولة الجنوبية.

بجانب تأمين الحدود بمساعدة دولية، إذ يمكن، في ظل ضعف الجيش السوداني، الاستعانة بقوات حفظ سلام من الاتحاد الأفريقي أو “إيغاد” لمراقبة الحدود في نقاط حساسة مثل الناصر وكوستي لمنع التسلل والفوضى والامتناع عن التدخل الاستخباراتي وإيقاف التسليح لئلا يتم تسليح مضاد.
فضلا عن حماية المناطق الحدودية عبر تخصيص قوات إضافية للجيش في دارفور، جنوب كردفان، وجنوب النيل الأبيض، مع تفعيل دور اللجان الأهلية في مناطق مثل الجبلين والرنك للمراقبة والإنذار المبكر خاصة وأن المناطق تشهد تداخلا اجتماعيا.
علاوة على إطلاق مبادرة إنسانية مشتركة مع الأمم المتحدة وجنوب السودان لإنشاء ممرات آمنة للاجئين وشريان حياة لمناطق الاشتباكات في البلدين، على أن يتم توزيع المساعدات بعيدًا عن مناطق القتال لتخفيف الضغط على السودان.
بالإضافة إلى إنهاء الحرب الداخلية، إذ يجب أن يكون انفجار الأوضاع في الجنوب حافزًا للجيش وقوات الدعم السريع للجلوس إلى طاولة المفاوضات بوساطة دولية، لأن استمرار الصراع سيجعل السودان عاجزًا عن مواجهة التحديات الخارجية.

انزلاق وفوضى:

ويرى الخبير في الشأن الأفريقي ان ترك الأمور دون تدخل حاسم يعني أن المنطقة بأكملها معرضة للانزلاق إلى فوضى لا رجعة منها، فالسودان، الذي ينزف من جراح حربه الداخلية، لن يستطيع تحمل عبء انهيار جارته الجنوبية، مما قد يؤدي إلى تصاعد العنف بشكل يُشبه كرة الثلج التي تتدحرج بسرعة، مهددة الجميع بالغرق في مستنقع من الدمار والتشرذم، لذا فإن وقت العمل الآن قبل أن تتحول الشرارة إلى نار تبتلع المنطقة بأكملها، والمسؤولية تقع على عاتق السلطات السودانية والمجتمع الدولي لمنع هذا السيناريو المظلم، فالاستقرار في السودان وجنوب السودان مترابط، وانهيار أحدهما سيُسقط الآخر في الهاوية.

انسحاب مرتزقة:

فيما يؤكد سكرتير تنسيقية القوى الوطنية د. محمد إسماعيل زيرو تداعيات انفجار الأوضاع في جوبا على السودان ويقول انفجار الأوضاع له تأثير كبير على السودان سلبي و إيجابي.
ويشرح إسماعيل لـ”النورس” إن الأثر الإيجابي يكمن في انسحاب المرتزقة الجنوبيين الذين يقاتلون في صفوف مليشيا الدعم السريع من البلاد وينضمون إلى كياناتهم في الجنوب.
ويضيف اما الاثر السلبي على المستوى الحدود مع الجنوب وعلى الحكومة أن أكون جاهزة، لإغلاق للحدود للحد من أثر التداعيات، عبر إغلاق الحدود والرقابة عليها لمنع تدفع المرتزقة وإقامة معسكرات لتجنب فتح جبهة قتال جديدة،
ومنع تجمع الدعم السريع في تلك المناطق لا سيما وانه بدأ يتراجع وينسحب من بعض المناطق.

وقف تنسيق؛

بحسب وسائل اعلام جنوبية فقد وقف التنسيق الامني و السياسي بجانب ايقاف عمل اللجنة العسكريـة لوقف اطلاق النار بين الحكومة و الحركة الشعبية بقيادة رياك مشار، الأمر الذي أدى إلى زيادة سوء الأوضاع واقتراب انفجار الأوضاع بجوبا.
وفي فبراير الماضي، اندلعت اشتباكات عنيفة في ولايتي غرب الاستوائية وأعالي النيل -خاصة مدينة ناصر- بين الجيش “قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان” وبين الجيش الأبيض، مجموعات مسلحة تنتمي لعرقية النوير التي يتزعمها مشار، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمدافع، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا كما نزح الآلاف جراء المواجهات.
وكانت نتيجة المواجهات بين الطرفين استيلاء الجيش الأبيض على القاعدة العسكرية في الناصر، وتتميز المنطقة بوقوعها في موقع إستراتيجي قريبا من حدود الدولة.

سقوط طائرة

وما زاد الأمر حدة أن الجيش الأبيض أسقط طائرة تابعة للأمم المتحدة كانت تحاول إجلاء عدد من المسؤولين العسكريين من قاعدة الناصر أثناء الاشتباكات، مما أسفر عن مقتل 27 شخصا من بينهم اللواء ماجور داك.

في 5 مارس الجاري، شنت الاستخبارات العسكرية لحكومة سلفاكير حملة اعتقالات واسعة استهدفت قادة بارزين في الحركة الشعبية بقيادة مشار، وكان من بين المعتقلين رئيس هيئة الأركان بالجيش الشعبي غابرييل دوب لام، إلى جانب وزير النفط وبناء السلام، كما طالت الاعتقالات عائلات المعتقلين وحراسهم الشخصيين. ولم تصدر أي تصريحات رسمية توضح أسباب هذه الخطوة.

وبالتوازي مع حملة الاعتقالات، عمدت القوات الأمنية إلى محاصرة منزل نائب الريس بالعاصمة جوبا، دون تقديم أي تفسيرات من قبل الأجهزة المختصة، كما تفيد بعض التقارير بأنه قيد الإقامة الجبرية إلى حين هدوء الأحوال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *