آراء و مقالات

(الصياد) … الرجال مواقف (3)

(الصياد) … الرجال مواقف (3)

كتب : إبراهيم عربي

علي كل قصدنا لتناول فكرة متحرك الشهيد الصياد والذي تطابقت فيه عزائم الرجال ، قصدنا إستدعاء ذاكرة المجتمع لحقيقة ملابسات الأوضاع بالبلاد والتي سبقت التمرد وأيضا التي تزامنت معه أو أعقبته ، وبالطبع نثمن تفاعل القراء والأصداء الواسعة مع هذه الحلقات والتي لازلنا نواصل من خلالها عمليات إستدعاء الذاكرة .

بلا شك فإن مخطط حميدتي الغادر للإستيلاء علي السلطة في البلاد لم يأت هكذا فجأة منتصف أبريل 2023 بل سبقته عدة سيناريوهات ولا نريد هنا الخوض فيها بالتفاصيل لأنها تتجاوز لمجلد كامل ، ولكن نحصرها في (أربعة) مراحل ذات تأثير كبير .

بدأ من مرحلة إعتصام القيادة العامة وما بعدها وكانت مقصود لها دخول قوات الدعم السريع وإنتشارها داخل العاصمة ، والملاحظ وقتها دخلت البلاد كمية من سيارات البكاسي الجديدة وعليها الآلاف من الجنود في ذات ليلة 12 أبريل 2019 عقب نجاح الثورة مباشرة ، شاهدناها بالجسور ومداخل ومخارج العاصمة وبعض الطرق مزودة بثنائيات ورباعيات ودوشكات ورشاشات خفيفة وهنالك مدرعات للجيش أيضا بالجسور، وهذا يؤكد أن حميدتي قد أعد عدد كبير جدا من الجنود خارج وداخل البلاد .

ومن ثم جاءت المرحلة الثانية مرحلة الشراكة وقد صاحبتها عملية تفكيك هيئة العمليات وإحتلال قوات الدعم السريع لكل المعسكرات الاستراتيجية وإحاطة العاصمة من كل الاتجاهات بالدعم السريع ، وأعقبتها عدة ملابسات بدأ من تجاذبات الشراكة والمفاوضات والتحولات التي حدثت خلالها وتقارب حميدتي مع الحرية والتغيير (قحت) علي حساب العسكريين في مجلس السيادة (حميدتي الضكران الخوف الكيزان ..!) .

المرحلة الثالثة هي سيطرة حميدتي علي كل الأوضاع ليس نائبا للبرهان فحسب بل صنو للبرهان ومناهضته العلنية للجنرالين كباشي والعطا وإتهامهم بإنهم ضد الثورة ، والعبث بمقدرات الإحتياطي المركزي ومن ثم ملابسات الإتفاق الإطاري وكان بمثابة إنقلابا أبيضا للسيطرة علي الدولة وحل الجيش السوداني لصالح قوات الدعم السريع ، والمرحلة الرابعة تكوين حكومة شراكة بين حميدتي وقحت (الإتفاق الإطاري أو الحرب ..!) .

وليس ذلك فحسب حتي الساعات التي سبقت الإنقلاب كان حميدتي يهدد ويطالب بأن يبقي جيشه (15) عاما منفصلا ، ليست للقوات المسلحة أي سيطرة عليها ووضعها تحت قيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة ويقصد به رئيس الوزراء المدني (حمدوك) وأن تكون له قاعدة للطيران بالزرق بشمال دارفور وغيرها من الشروط وجميعها تؤكد أن حميدتي يسعي لإيجاد إستقلالية لقوات الدعم السريع (دولة داخل دولة ..!) .

قطعا حميدتي كان يسعي للحكم وأن يكون الدعم السريع بديلا للقوات المسلحة ، وهذا بذاته ما جاء في دستورهم بنيروبي (ميثاق السودان التأسيسي)
حيث نص على أن تكون قوات الدعم السريع والجيش الشعبي لتحرير السودان وحركات الكفاح الُمسلَّح الموقعة (نواةً للجيش الوطني الجديدة) مع حل قوات الجيش والمليشيات التابعة للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية (حسب وصفهم) وجميع المليشيات الأخرى اعتباراً من تاريخ إجازة وسريان الدستور ، علي أن تكون الفترة الانتقالية من مرحلتين وههما الفترة ما قبل الانتقالية (التأسيسية) ، وتنتهي بإنهاء الحروب ، ومن ثم الفترة (الانتقالية التأسيسية) ، وتبدأ عقب إنهاء الحروب وتمتد لمدة (عشرة) سنوات ، وبالطبع هذه الديمقراطية التي يدعون الحرب لأجلها ويمتد حكمهم الشمولي سنوات وسنوات .

علي كل كان المخطط كان دوليا وكبيرا بحرفية ومهنية لا يملكها هؤلاء الرعاع ، وتم توفير كل الإمكانيات له ، ولكنها عناية الله ، تصدت له القوات المسلحة ببسالة وتخطيط ، مما جعل كثير من جيوش وأجهزة المخابرات العالمية تعترف وتندهش لإستراتيجية الجيش السوداني .

نواصل ..!
الرادار .. السبت الثامن من مارس 2025 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *