آراء و مقالات

الأبيض: البعد الإستراتيجي..

د. ابراهيم الصديق على يكتب:
الأبيض: البعد الإستراتيجي..
فك الحصار عن مدينة الأبيض من أكبر المكاسب الاستراتيجية فى هذه المعركة ، واكبر نقلة فى مسار الحرب ، وكل ما سبق هو تجفيف لمظاهر إنتشار المليشيا وتمددها ، وجاءت معركة الأبيض للانفتاح على مسرح عمليات أكبر واحداث تغيير جذري بتدمير خطوط إمداد العدو ، وتهديد مراكز قوته..
لقد هاجمت المليشيا مدينة الأبيض فى ذات يوم الهجوم على القيادة العامة فى 15 ابريل 2019م ، وكانت حريصة على السيطرة على مطار الأبيض ، (وهذا يؤكد أن خطة الحرب لدى المليشيا معدة سلفاً ، ومحددة مسبقاً ) ، ثم نفذت هجوماً شاملاً صبيحة 4 مايو 2023م من الجهة الشرقية والغربية ، وتدخل الطيران مع قوات الهجانة وتم خلال ساعات صد الهجوم ، وعاودت المليشيا هجماتها مرات عديدة ، واصبحت الأبيض تحت الحصار..
وخلال 23 شهراً صمدت المدينة فى وجه موجات هجمات المليشيا ، وامام التدوين العشوائي وامام القصف ومحاولات التسلل ، واليوم 23 فبراير 2025م ، دخلت قوات متحرك الشهيد الصياد إلى الأبيض واستعادت الأبيض أنفاسها..
وللعودة دلالات كثيرة:
أولها: انها تمثل 50% من المسافة ما بين الخرطوم وبين دارفور مركز وحواضن المليشيا ، وبلغة العسكريين ، هذا تحول ضخم ، لأن 50% تعتبر المرحلة الأصعب ، كان المليشيا فى عنفوانها وكامل قدراتها وكل قادتها وحواضن اجتماعية ، بينما اليوم تم تشتيت قدراتها وشل فاعليتها واستنزاف طاقاتها وهلاك قادتها وسحب الغطاء المجتمعي..
وثانياً: سهولة المدد العسكري واللوجستي ، وستكون الأبيض – دون شك – مركز قتالي متقدم ، تتوفر فيه كل الشروط ، طرق معبدة ، ومطار مكتمل ، وقوة عسكرية ذات خبرة طويلة..
وثالثاً: قطع طرق إمداد العدو إلى الخرطوم ، مع الانفتاح ناحية جبرة الشيخ وبارا ، ورصد أى إمداد من خلال المطارات الترابية..
ورابعاً: إفشال محاولة التقارب بين مليشيا آل دقلو الارهابية ومجموعة الحلو ، لتنفيذ أى عمل عسكري مشترك ، فمن الضروري التقدم جنوباً إلى مناطق الدبيبات والحمادي وأبو زبد ، ووصولاً إلى الدلنج وفتح الطريق إلى كادوقلي..
وخامساً: فإن الوصول إلى الأبيض تطلب معارك طاحنة ، استنزفت فيها قدرات العدو الاساسية ، بينما تعاظمت قوة الجيش وتوسعت خطوط إمداده وقدرته على المناورة ، وتم تدمير قدرات مليشيا آل دقلو فى المعارك الاساسية فى ود عشانا وفى ام روابة والسميح والرهد وسدرة ، دون ان يكون هناك إسناد ، وما تفازع من قوات تم اصطيادهم وردهم ، وتشتيتهم ، وعليه فإن مقبل المواجهات العسكرية أكثر صعوبة على بقايا المليشيا وهى تفقد حواضنها الإجتماعية واسنادها المعنوي..
وسادساً : سقوط وهم دعاية المليشيا وحلفاءها ، وهى تتحدث عن اعداد صالح القوني مئات الالاف من العربات القتالية ومن المستنفرين لمعارك الفاشر ، ولم يكن الأمر سوى أراجيف يائس ، وترهات خاسر ، إن الرهانات الكبيرة يكسبها أهل العزائم..
الآن الطريق إلى دارفور أسهل وأقصر بإذن الله..
حيا الله جيشنا وشعبنا وكل مستنفرينا وتقبل الله الشهداء..
والحمدلله رب العالمين.. عادت الأبيض عروس المدائن ، شامخة كالعهد بها ، ذات الارث الذي هزم جيش هكس كان حاضراً طيلة 23 شهراً من الصبر والاحتساب..
لم يكن (مشروع النهضة) مجرد بنية مادية ، وانما تأسس على منظور كلي من التدافع للخير والتماسك فى المحن والتآخي حين تضيق..
مبارك لقواتنا المسلحة ، وللمستنفرين ، ولمواطني الأبيض كافة الذين صمدوا بالداخل والذين أعانوهم من الخارج..
هيا بنا ننطلق بذات العزم لتحرير كل شبر من وطننا..
حفظ الله البلاد والعباد..
د.ابراهيم الصديق على
24 فبراير 2025م..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *