الأخبار الرئيسيةحوارحواراتحوارات

شاعر الحب والجمال والخيال خالد شقوري لـ (النورس نيوز): “حرب أبريل” لم تفاجئني

مغادرة الخرطوم كانت مخاطرة.. وصادفنا الأهوال في شريان الشمال

“مظلوم إعلاميا” مقولة غير دقيقة.. و”المبدع” يظلم نفسه بنفسه

“القصيدة” لا تصنف شعبية وغير شعبية.. و”الطيب صالح” وصل للعالمية بلغتنا العامية

“الترجمة” عكرت صفو إبداعات “حميد”..” جدتي” شاعرة.. و”قصائدي العاطفية” نسج خيال

 

حوار: محمد يوسف عبد الرحمن (ميدي)

خالد شقوري شاعر ينبض قلبه بالحب ويجول في خاطره الحلم .. يتنفس الحب والجمال والخيال .. مابين كسلا التي ولد ونشأ فيها وجذوره الممتدة للقرير بالشمالية قصة حب طويلة ورائعة مع الشعر.
حين يكتب تدرك بأن لكل حرف دلالته التي ستأتي بما لا يتوقعه خيالك من مضامين القصيدة .. فشقوري يدرك بحسه الإبداعي المرهف كيف يجب أن تصل العبارة إلى أقصي مداها من دون أن تفقد قدرتها علي الإثارة واثبات السطوع. عمل بالإعلام وقدم العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية .. منها الشوق للبلد بقناة قوون ونادي الطنبور والزول السمح بالإذاعة .. كما كتب العديد من المدائح والأغاني .. وتغني له كثير من الفنانين منهم علي سبيل المثال مجذوب أونسه واللحو وعصام محمد نور واليمني وصديق أحمد والنجار ومحمد النصري وسميه حسن وأسرار بابكر وغيرهم .. دخلنا في دهاليز روحه واكتشفنا مناطق جديدة رائعة ومثيرة .. فكان هذا اللقاء :

 

 

خالد .. المحاولات الشعرية الأولى.. عندما ترجع إليها الآن كيف تقيمها ؟

*المؤكد أن المحاولات الشعرية الأولى تعيدني إلى ايام زاهيات هذا أول مايتبادر إلى ذهني، الأمر الثاني احس فيها الصدق واحس فيها العفوية وهذا يمنح القصيدة بعدها الإبداعي الحقيقي، ربما اجد احيانا بعض الهنات فيما يتعلق بالصياغة لكنني لا اعمل على معالجتها، باعتبارها تحمل قدسية البدايات الحقيقة للشاعر استمتع بها كما يستمتع بها الآخرين، خاصة إذا كانت قد تحولت الى أغنيات وحتى إذا وجدت نقدا لاحقا من بعض النقاد، فأنني اعزيه إلى بداية التجربة لكنها على كل حال هى مرائتي الحقيقية.

 

 

اليوم الأول للحرب أين كنت؟
من حسن الحظ أو لسوءه، أن أكون متوجدا بداري في الخرطوم، والذى استأجره فى حى الدوحة، صحيح انني ارتبطت بالبلد، منذ ٢٠١٨م واستقريت ولكن الأبناء لظروف الدراسةظلوا بأم درمان وقدر الله أن أكون فى ذلك التاريخ المؤلم والموجع أن أكون موجودا فى الخرطوم، احسست بتداعيات الحرب قبل اندلاعها، قراءات سليمة للواقع ومانراه فى الشوارع من تحركات للاليات العسكرية التابعة للدعم السريع والارهاصات والبيانات المتبادلة كلها كانت بمثابة نذر حرب ضروس قادمة.

 

كيف تلقيت نبأ اندلاع الحرب؟
في ذلك الصباح، تلقيت الخبر اولا عبر صفحتي على منصة الترابط الاجتماعي فيس بووك، بعدها اخذت الاخبار تنهال على الوسائط منها خبر عبر الواتس اب، من مروى و بداية الحرب فيها حيث انطلقت شراراتها الأولى، فتوجست خيفة وتوقعت ان تنطلق فى الخرطوم وبالفعل بعد دقائق معدودة سمعنا اصوات الرصاص فكانت هذه البداية المؤلمة، بعدها لجانا إلى الله أن يحفظ هذا الوطن من كيد الكايدين.. وبالفعل أكملت بالخرطوم شهران صادف ذلك عيد الفطر ونحن على مقربة من عيد الأضحى ذهبنا إلى البلد اجليت أبنائي أولا بعربة دفار، ثم انطلقت بعدهم بعربتي المتواضعة جدا رغم ما بها من اعطال حاولت صيانتها لدى ميكانيكي بالقرب من المهندسين، كان بالأمر مخاطرة كبيرة لكن بحمد الله تمت معالجتها، وانطلقنا عبر طريق شريان الشمال الذى كان أيضا ملتهب، و لكن بحمد الله منذ أن انطلقنا من الخرطوم وحتى وصولنا للشمالية تجاوزنا كل ما اعترضنا من عقبات، والحمد لله.

 

 

هل من فوائد للحرب؟
بالطبع، انا اعتقد ان فى كل ابتلاء ومصيبه يريد بنا الله خيرا كثيرا وانا اعتقد ان ما حدث فى السودان رغم الابتلاء الشديد ورغم اوجاع النازحين والدماء والجرحى والأشلاء وضحايا الاغتصاب وكل ماحدث فى قرانا الآمنة فى مناطق متعددة من هذا الوطن الحبيب ولكن ستنقلب المعادلة بإذن الله لأن الله يريد بنا خيرا هذه قناعتي الراسخة وان ماقدم من تضحيات فداء لهذا البلد، بداية عهد نضير بإذن الله.

 

من حرب الخرطوم .. للفيضانات في الشمالية .. ماذا خسرت في الحرب؟
مافقدته لم اخسره لانه لم يكن مقدر لي ابدا ولكنني اعتقد انني خسرت ماخسره الوطن والآخرين من اهلي واحبابي فى هذا الوطن الفسيح الممتد، لذا على الصعيد الشخصي، لا أرى انتي خسرت شيئا.

 

هل ترى أن هناك شعراء مظلومين ولم يأخذوا حقهم إعلاميا ؟

انا ضد كلمة مظلوم إعلاميا أن كان شاعرا أو فنان أو صاحب موهبة لانه فى المقام الأول يكون قد ظلم نفسه بنفسه وكل من وجد فرصة للظهور، يكون قد بذل من أجلها بالتاكيد، يجب أن يكون فى نفس كل مبدع إعلامي، هنالك بعض الناس منعتهم الظروف الحياتية من الظهور ولكنهم لم يستسلموا، واستمروا في منتوجهم الإبداعي فهؤلاء أصحاب موهبة كبيرة جدا، بل ربما يفوق ابداعهم من ظهروا فى الإعلام، وهذا لا يعني ان من ظهر هو من ظلم، الذين لم يظهروا، هنالك شعراء أصحاب ملكة شعرية كبيرة جدا يتواجدون الان فى القرى البعيدة و الاصقاع النائية لايحبون الظهور، وانا لي تجارب شخصية معهم، حتى حين وصولنا إلى هؤلاء بالكاميرات كانوا يمتنعون عن الظهور، وهذا دليل واضح يتعلق بالشاعر نفسه ولايتعلق بظلمه اعلاميا.

 

 

كيف يمكن للشعر أن يحافظ علي حضوره الإبداعي ؟
بالصدق والجدية وتناول القضايا الحياتية ثم عدم التقليد بمحاولة معاني وابتكار أفكار جديدة والتواجد في انماط الإبداع المختلفة بقوة .

 

كثير من قصائدك تحمل الطابع العاطفي هل هي من واقع تجارب ومعايشة أم خيال ؟
بالعكس الكثير من قصائدي لا تحمل الطابع العاطفي فأنا أكثر شعري اجتماعي ووطني يتناول قضايا الناس، وما تخلل ذلك من قصائد عاطفية تغنى بها البعض وبعضها لم يجد طريقه للالحان والغناء، هى محاولات صادقة ومعايشة، لكن أغلبها من واقع الخيال العاطفي، باعتبار انها قضايا يمكن أن تعالج مشاكل اخرين فاحيانا يحتاج الشاعر لان يكتب دون أن يكون هنالك حدث حقيقي أمامه، لكنه يتملكه احساس عاطفي بلا حواجز فيكتب قصيدة فى العتاب فى اللوم وهو لم يكن يعاتب أو يلوم شخص معين ولكنه يتجسد المعنى فى تلك اللحظة والكثير من قصائد الشعراء كتبت بغير احداث حقيقة.

 

هناك تطور زمني نلمسه من خلال واقعنا المعاصر ، ولكن آلا تري أنه يفترض أن ينعكس هذا التطور علي القصيدة الشعبية أيضا ؟
*هذا سؤال مهم جدا انا اعتقد ان الشعر والادب فعل عفوي لايحرك كالآلة ولايحرك كالبناءات ولايهمك كالصناعات فعل عفوي نفسي وجداني يتطور أو يتقدم وفقا بمقضيات الظروف وستكون فى رحم المبدع أو وجدانه بالشكل الذى يتناسب مع لغة خطابه مع انفعالاته فبالتالي ليس هنالك قصيدة يمكن تصنف قصيدة شعبية أو غير شعبية الشاعر أينما وجد يتكلم بلغة قومه فهشا هو الإبداع ومن البلاغة أن تتحدث بالغة القوم لا أن تستلف لغة أخرى وماحدش من تحديث هو استيراد لثقافات آخرى قد أفسد الكثير من الفنون لدينا فنحن يجب أن نمسك بزمام ثقافتنا وفننا، والقصيدة التي يصنفها البعض على أنها شعبية يمكن أن تصل للعالمية كما الرواية، فما كتبه الطيب صالح كان شعبيا بحتا بلغة عربية بسيطه تتخللها اللغة الدارجة للمنطقة و لكنها بالترجمات، وجدت صدى واسع وأصبح الطيب صالح، بفضل ذلك من اساطين القصة فى العالم، ويصنف ضمن المائة الأوائل، فبالتالي لايشترط اللغة بقدر ماتشترط المعاني العميقة فإذا ما ترجمت إلى لغات أخرى تجد وضعها تماما فنحن نتمنى أن نجد مثل هذه التراجم لكثير من قصائدنا وكمثال شاعرنا محمد الحسن سالم حميد الذى لديه معاني لم يأتي بها شكسبير نفسه لكنها ظلت رهينة محبسين الوطن واللغة ولم تصل إلى الآخرين لأنها لم فقط تترجم، يتوجب على الشاعر أن يكتب بلغته لا بلغة الآخرين ولا يجب أن يترجم الشاعر شعره بلغة الآخرين حتى لايفسد ملكته الشعرية.

 

هل أنت شاعر بالفطرة ؟ أم أن هناك جينات وراثية ؟
اعتقد بانني شاعر بالفطرة، نعم يوجد فى اهلي من يكتب الشعر جدتي لوالدي تكتب الشعر واعمامي يكتبون الشعر والدي كان لديه محاولات لكتابة الشعر، المنطقة كلها شاعرة ولكن هذا لا يكون مدعاة لان تكون انت شاعرا لأنني ابن هذه المنطقة أو ابن هذا الرجل أو ابن هذه الأم فالشعر هو موهبة تجدها عند انسان ولا تأتي لاخرين، ولو كان تورث لكان كل اخواني وأبناء عمومتي شعراء لان جدتنا شاعرة فاعتقدان الفطرة هى الاحق بالتوصيف.

 

من هو أفضل من تغني لك من الفنانين ؟
لا استطيع ان احدد من هو أفضل من تغنى لي من الفنانين
لكن اقول من أجاد توصيل قصائدي إلى الناس هو أفضل من تغنى منهم، والحكم هنا للجمهور.كيف للشاعر أن يحتفظ بنفسه بعد الفراغ من النص ؟
الشاعر انسان عادي كما الآخرين يتحرك كما يتحرك الناس يعيش حياته كما بعيشها الناس، ربنا ينفصل عنهم عند كتابة القصيدة ثم يعود اليهم يجب أن يكون الشاعر كذلك حتى لايظل هو عبارة عن قصيدة ممتدة
يجب أن يعيش حياته كما بعيش الناس ويجب أن يتعامل كما يتعامل الناس وتأتي القصيدة تعبيرا عن هذه الحياة التي يعيشها بشكل كبير حتى يكون صادقا مع نفسه ومع الآخرين اي محاولة لظهور الشاعر وسط الناس أنه شاعر هى محاولة تعبر احيانا عن الغرور أو التكبر أو الجنون فبالتالي، الشاعر انسان عادي ويجب أن يحتفظ بهذه الخاصية حتى بعد كتابة النص يعود إليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *