التعليم في السودان.. مطبات مستمرة
تقرير – ناصر بابكر
أجازت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الرابع والعشرين من يناير من كل عام، للاحتفال بالتعليم، تحت مسمى “اليوم الدولي للتعليم”، بغرض تسليط الضوء على أهميته كحق أساسي من حقوق الإنسان، ولدوره في تنمية وتطوير المجتمعات في كافة المجالات.
في السودان، يتزامن الاحتفال وللعام الثاني توالياً مع وضع مؤلم ومحزن يعيشه قطاع التعليم الذي مرت مسيرته بمطبات عديدة في السنوات الماضية، قبل أن تأتي حرب الخامس عشر من إبريل لتطلق رصاصة الرحمة على هذا القطاع المهم، وتتسبب في معاناة ملايين الطلاب وآلاف المعلمين.
مطبات متتالية
مر التعليم بالسودان خلال السنوات الأخيرة، بالعديد من المطبات المتتالية، التي تتواصل للعام السادس، وذلك انطلاقاً من خواتيم العام 2018 حينما انطلقت ثورة ديسمبر وعمت الاحتجاجات انحاء البلاد، وصولاً لمحطة التغيير في إبريل 2019، ثم قرارات أكتوبر 2021، وهي أحداث تخللتها جائحة كورونا التي ضربت العالم، وتسببت في تعطيل مستمر لمسيرة التعليم، وإيقاف متواصل للدراسة بصورة حرمت ملايين التلاميذ والطلاب السودانيين في مراحل التعليم الأولوية والثانوية وحتى التعليم العالي، من الدراسة بشكل منتظم، وأدت لتعطيلهم لسنوات.
حرب 15 إبريل
وبعد سنوات من تذبذب مسيرة التعليم، وتعثرها بسبب الأحداث السياسية والصحية، جاءت حرب 15 إبريل لتكون بمثابة قاصمة الظهر لمسيرة التعليم بالسودان، حيث تسببت في توقف الدراسة في كل انحاء السودان لأكثر من عام، قبل أن تعود لتستأنف في ظل ظروف صعبة وقاسية في بعض مناطق البلاد، وتواصل الغياب في أنحاء أخرى، مع معاناة للأسر وأولياء الأمور في توفير متطلبات الدارسة، ومعاناة للمعلمين، إلى جانب ظروف اقتصادية وأمنية وصحية معقدة..
“للأسف لم أتمكن من الجلوس لإمتحانات الشهادة السودانية، الوضع لم يكن آمنا وأسرتي تخوفت من سفري، إلى جانب أن الظرف الإقتصادي للأسرة لم يكن يسمح أساساً بالسفر” بتلك الكلمات تحدث الطالب “م .. أ” بحسرة عن عدم تمكنه من الجلوس لإمتحانات الشهادة السودانية، شأنه شأن كثيرين كانوا في مناطق يحتلها الدعم السريع والتنقل منها للولايات التي أقيمت فيها الإمتحانات يحوي مخاطرة كبيرة، غير التكلفة المالية.
خيبة أمل
تعثر مسيرة التعليم بالنسبة للسودانيين، لم تقتصر على الدراسة داخل البلاد التي تمضي حربها نحو إكمال العامين، بل شملت كذلك خيبة أمل كبيرة لملايين السودانيين الذين نزحوا لدول الجوار وكانوا يمنون النفس بإلحاق أبناءهم بمقاعد الدراسة، قبل أن يصطدموا بمطبات عديدة تشمل التكاليف الباهظة، إلى جانب ضوابط حكومية متعلقة بالدول التي استقبلت اللاجئين الفارين من جحيم الحرب..
الطالب والمعلم
“عملت في أكثر من مهنة هامشية بعد توقف المدارس بعد اندلاع الحرب لأتمكن من تلبية احتياجات أسرتي، وقبل أشهر تهيأت لي فرصة السفر إلى مصر وكنت أمني نفسي بالعمل في إحدى المدارس السودانية، لكن مع الأسف بعد وصولي برفقة الأسرة بأيام، صدر قرار إغلاق المدارس السودانية وهو الوضع الذي ما زال قائماً، وهو ما دفعني للعمل كـ”عامل” في إحدى المصانع في ظل عدم توفر فرص عمل عديدة وحاجتي الماسة لإيجاد مصدر دخل لتلبية متطلبات العيش بالقاهرة” هذا الحديث أدلى به الأستاذ” أبوبكر آدم” معلم اللغة العربية الذي أرغمته الظروف على العمل في مهن أخرى ثم اللجوء للقاهرة على أمل العودة لمهنته التي أمضي فيها قرابة العقدين، وهو حديث يؤشر لأن معاناة التعليم بعد الحرب لم تقتصر على الطلاب فحسب، وان شملت الطالب والمعلم على حد سواء.