☘️🌹☘️
*همس الحروف*
*على (تقدم) تطهير نفسها بفك ارتباطها بالمليشيات ، قبل الحديث عن تهديد الكتائب المسلحة للدولة*
✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي*
في عالم الإعلام و الصحافة ، تعد الأمانة ، و الموضوعية في نقل الأحداث ، و المعلومات من المبادئ الأساسية التي يجب أن يتحلى بها الصحفي ، لكن في بعض الأحيان ، يقع البعض في فخ الانغماس المفرط في التفاصيل الصغيرة و الفرعية للأحداث مما يؤدي إلى تشتيت إنتباه المتلقي عن النقاط الجوهرية التي يجب التركيز عليها في المادة الصحفية التي يريد توصيلها ، وبدلاً من تقديم ما هو موضوعي ، نجده يغفل عن ذلك ، أحياناً يكون متعمداً عن الجوانب الأكثر أهمية ، و بذلك يعطي القارئ انطباعاً غير دقيق أو غير مكتمل حول الموضوع المعني ، رغم إن بعضهم يمتلك القدرات الصحفية و الحنكة المهنية ، فقد يقعون في بعض الزوايا التي ستؤثر حتماً على مصداقيتهم ومصداقية ما يكتبونه.
تتبنى مجموعة (تقدم) وأعوانها موقفاً نقدياً تجاه الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام لقوات الشعب المسلحة ، و يحاولون دائماً شيطنته و إتهامه بتأييد وجود قوات و كتائب تشارك في القتال إلى جانب القوات المسلحة ، واعتبرت مجموعة تقدم أن تشكيل هذه القوات المشتركة أمراً مرفوضاً تماماً .
في الوقت نفسه تعتبر مجموعة “تقدم” عبارة عن تكتل سياسي يترتبط بعدد من الحركات المسلحة مثل حركات الهادي إدريس ، الطاهر حجر ، عبد العزيز الحلو ، وعبد الواحد محمد نور ، و هذا فضلاً عن إرتباطها بمليشيا الدعم السريع ، و كل هذه الحركات أيضاً تمثل تيارات سياسية و عسكرية تعمل على تحقيق أهدافها الخاصة قبل كل شيء في إطار الصراع الدائر في البلاد ، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد .
تريد مجموعة تقدم و أعوانها إدعاء المثالية و هي مفقودة عندهم ، فمعظم أفراد الشعب السوداني يمؤمنون : ب(بندقية معاك أفضل من بندقية ضدك) ، و الجيش هو جزء من الشعب ، و لهذا إستفاد من كل التحالفات الداخلية المسلحة ، من أجل التخلص من العدو الأكبر الذي يتمتع بدعم خارجي ضخم ، و لذلك أتت الضرورة لتوحيد كل القوى الداخلية لمواجهة مهددات وجودية الدولة .
فبعد سنوات من الحرب والمعاناة ، و النزوح و الجوع أصبح المواطن السوداني أكثر وعياً بما يجري حوله ، و هذا الوعي التراكمي أتى نتيجة للظروف الصعبة التي مر بها ، مما جعله أكثر قدرة على التمييز بين الوعود والكلمات غير الفعالة ، فأصبحوا يقدرون الحقيقة أكثر ، و يعرفون أين تكمن مصالحهم ، و لا يمكن أن تنطلي عليهم العبارات الطنانة و الرنانة التي تقتصر على دقدقة المشاعر دون تقديم حلول حقيقية .
الشعار الذي ترفعه مجموعة تقدم هو (لا للحرب) و الشعب السوداني كله يقول كما تقول تقدم (لا للحرب) ، و لكن بأي فهم ؟ ، هذا الرفض ليس مجرد موقف عام ضد العنف ، بل هو تعبير عن رفض عميق للظلم والتعديات التي تعرض لها الناس طوال سنوات الحرب ، و لذلك الشعب لا يقبل بأي وجود لهذه المليشيا التي ارتكبت أفظع الانتهاكات في حقه ، و ما زالت تدمر البنية التحتية للبلاد ، فكيف تكون هذه المليشيا و كل من عاونها بأي حال من الأحوال كجزء أصيل او فرعي من المشهد السياسي بعد كل ما فعلته من أذى ودمار .
الشعب لن يقبل أن يتم تكريم أو تمكين من ارتكبوا الجرائم في حقه ، ولن يسمح بوجودهم في أي سلطة محتملة في المستقبل ، و كذلك من حق الشعب أن يرفض كل من عمل لهذه المليشيا غطاء سياسي . فالوعي الشعبي اليوم لا يمكن أن يتجاهل ماضي الذين تلطخت أيديهم بالدماء و الانتهاكات ، و لن يغفروا لمن كانوا داعمين لها .
الوضع في السودان معقد جداً و لذلك يصعب تبني مواقف جامدة أو مطلقة ، ففي مثل هذه الظروف العصيبة ، و المليشيا ما زالت تواجه الشعب بالقتل و النهب و الإغتصاب و التهجير القسري ، و هدم البنية التحتية ، فظهرت الضرورة إلى تشكيل مجموعات مسلحة تتخذ مواقف حاسمة للدفاع عن الوطن وحمايته ، فكتيبة البراء ، مثلها مثل أي مجموعة تحمل السلاح في وجه المليشيا التي تهدد الاستقرار ، و هذه الكتيبه قدمت تضحيات كبيرة جداً في سبيل تحرير الأراضي وحماية الشعب ، و لذلك من الطبيعي جداً أن يُعترف بتضحياتها ، حتى لو كانت ضمن سياق لا يُفضل فيه وجود القوى العسكرية خارج إطار الجيش الوطني ، فكل التقدير والاحترام لكتيبة البراء أو غيرها من المجموعات التي حملت السلاح من أجل تحرير الأرض و الحفاظ على العرض
يجب ان تعلم مجموعة تقدم بأن هناك دعماً واسعاً من قبل الشعب لهذه المجموعات التي تحمل السلاح و تضحي بأرواحها و هي تخوض المعارك ضد مليشيا الدعم السريع من أجل التحرير ، لأنهم يرون فيها جزءاً من المقاومة الشعبية ضد القوى التي شردتهم ، و نكلت بهم ، و هددت أمنهم ، واستقرارهم ، و لكن نأمل أن يكون هذا الدعم مشروطاً بحاكمية قوات الشعب المسلحة ، و كلنا ننتظر تحرير أرضنا و بناء دولة سلمية و معافاة ، و بعيدة عن العنف والمليشيات ، بعد تحقيق الهدف الذي اجتمع الشعب السوداني من أجله و هو التخلص من هذا الكابوس .
مجموعة (تقدم) وأتباعها يتحدثون و ينتقدون كثرة الكتائب و الحركات المسلحة التي تقاتل مع الجيش السوداني بإعتبارها (نواة) لمليشيات أخري تهدد للدولة في المستقبل ، فعليهم أولاً أن يعيدوا النظر في ارتباطهم بحركات الهادي إدريس ، الطاهر حجر ، و عبد الواحد محمد نور ، و عبد العزيز الحلو ، و قبل كل ذلك على تقدم أن تفك إرتباطها بعدو الوطن الاول .
فكيف يمكن لمجموعة تدعي أنها تسعى للاستقرار ، أن ترفع شعار السلام وهي مرتبطة بتلك القوى التي ساهمت في هدم الدولة ؟ ، و من غير المعقول أن يتم الحديث عن خطر المليشيات بينما هؤلاء على صلة مباشرة بمصادر الفوض ، كما يقول المثل : (غلفاء وشايله موسها) ، فيجب على مجموعة تقدم أن تطهر نفسها أولاً من هذه الروابط إذا كانت فعلاً جادة في بناء دولة خالية من العنف و المليشيات كما تدعي ، و بعد كل ذلك (للشعب كلمتة) في إختيار من يريد أن يحكمه .
و الله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل