أزمة الكاش في السودان: تحديات اقتصادية ومصاعب يومية للمواطن
☘️🌹☘️
همس الحروف
أزمة الكاش في السودان: تحديات اقتصادية ومصاعب يومية للمواطن
✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي*
تمر البلاد بفترة عصيبة على كل الأصعدة ، حيث يعاني المواطن السوداني من أزمة شح النقد المحلي التي أصبحت هاجساً يومياً ، و يرتبط ذلك بعدة عوامل معقدة جداً ، بما في ذلك عدم جاهزية الأنظمة الرقمية في البلاد ، و ضعف شبكات الإتصالات و غياب الرقابة المصرفية ، و تدهور الوضع الاقتصادي العام ، مما جعل الحصول على (الكاش) أمراً شبه مستحيل بالنسبة للكثيرين ، فلذلك يقع المواطن فريسة بين مطرقة التضخم و سندان ارتفاع الأسعار ، و هذا ما جعل المواطنون يعيشون في حالة من الضغوط المستمرة ، و من الصعوبة بمكان التكيف مع هذه الأزمة التي لا تبدو لها حلول سريعة .
فإن أحد أبرز ملامح هذه الأزمة هو السياسات الإقتصادية الإرتجالية ، و التي لا تخضع للدراسة و أحياناً يتحكم في ذلك الحالة المزاجية ، و الشيء الذي يفاقم هذه المشكلة هو ضعف شبكات الإتصالات ، و هذا الامر جعل التجار و اصحاب الخدمات في حاجة ماسة للكاش كبديل سريع ، و لهذا إعتمد المواطن على السوق السوداء و السماسرة كمنافذ للحصول على السيولة ، في ظل الشح الكبير في النقد ، فيلجأ المواطنون إلى طرق غير رسمية للحصول على الأموال، حيث تصل عمولات السماسرة إلى نسب عالية، ما يزيد من معاناة الأفراد في عمليات التورق ، في هذه الأوقات العصيبة لا يجد المواطن سوى التضحية والموافقة على الشروط المجحفة للحصول على المبالغ التي يحتاجها.
تدهور الوضع الاقتصادي ، يزيد العبء على المواطن السوداني ، فقد أصبحت تكاليف المعيشة لا تطاق في ظل ارتفاع أسعار السلع و الخدمات ، حيث تفاقمت المشاكل المعيشية بشكل ملموس في هذه الايام الأخيرة، مما جعل الحياة اليومية أكثر صعوبة للعديد من الأسر السودانية.
القطاع المصرفي في السودان يعاني من مشكلات بنيوية عديدة ، تشمل عدم توفر فروع مصرفية في المناطق الريفية ، و لذلك يلجأ الناس للتعامل النقدي . و هذا الضعف في البنية التحتية المصرفية و الأنظمة الرقمية يزيد من الاعتماد على السماسرة وأسواق العملة السوداء ، مما يعزز من معاناة المواطنين. علاوة على ذلك، تعاني المصارف من محدودية قدرتها على توفير السيولة، و كما تفرض قيوداً صارمة على السحب اليومي ، مما يزيد من صعوبة الوصول إلى الكاش .
من جهة أخرى ، لا يمكن إغفال تأثير الأوضاع الأمنية غير المستقرة على الاقتصاد ، حيث تعاني الدولة من تدمير البنية التحتية المصرفية ، و لذلك تقل جودة الخدمات المالية التي تقدمها المصارف ، وهذا الوضع يزيد من صعوبة الوصول إلى النقد و يزيد من اللجوء إلى الاقتصاد الموازي كحل بديل ، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية بشكل عام.
رغم تفاقم الأوضاع ، هناك بعض الحلول المقترحة التي يمكن أن تساهم في التخفيف من هذه الأزمة ، أولًا : ينبغي على السلطات المختصة إصلاح النظام المصرفي ، و تعزيز البنية التحتية المالية ، ثانياً : من المهم نشر ثقافة الدفع الإلكتروني ، و ثالثاً إصلاح شبكات الإتصالات و تقليل الاعتماد على المعاملات النقدية التقليدية ، و رابعاً ، يجب مكافحة السوق السوداء عبر سياسات رقابية صارمة ، و تعزيز الشفافية في عملية توزيع السيولة ، و أخيراً ، قد يساعد التحفيز على التحويلات البنكية الرسمية في تقليص الفجوة التي يشكلها الاقتصاد الموازي.
من الجوانب المهمة التي يجب التركيز عليها في هذه الأزمة هو دور التوعية بالحكم الشرعي في ما يتعلق بالربا واحتكار السيولة ، في هذا السياق ، يُعتبر الإعلام الرسمي جزءاً أساسياً في نشر الوعي حول ضرورة اتباع الأسس الشرعية في المعاملات المالية ، خاصة في الأوقات التي تزداد فيها معاناة المواطن بسبب الأزمة الاقتصادية.
إن أزمة شح السيولة في السودان ليست مجرد مشكلة اقتصادية، بل هي أزمة متشابكة تتطلب معالجة شاملة على مختلف الأصعدة ، من الضروري تحسين النظام المصرفي ، تعزيز الشفافية، وتوسيع نطاق الدفع الإلكتروني لتخفيف العبء عن المواطنين. وفي ذات الوقت، يجب مكافحة الممارسات غير الشرعية مثل الربا، وتعزيز دور الإعلام في نشر التوعية والتثقيف حول الحلول الممكنة .