القاهرة ـــــ النورس نيوز
أثرت الحرب على كافي مناحي الحياة في السودان خاصة الإقتصادية و أفرزت واقعاً معقداً عقب الخراب الكبير الذي طال البنية التحتية في السودان، ووفقاً لخبراء في الاقتصاد كشفوا عن تضرر 70% من الخدمات الإلكترونية في القطاع المصرفي بسبب الحرب في البلاد، ودعوا إلى الإستفادة من التجربة القاسية التي أفرزتها الحرب و التوجه إلى التحول الرقمي وإطلاق منصة رقمية موحدة للمصارف السودانية للدفع الألكتروني لتحقيق الشمول المالي والتحول الرقمي أسوة بتجارب عالمية ودول في المنطقة.
التحول الرقمي
حيث ناقش منتدي “شموس ميديا” بالعاصمة المصرية مستقبل التحول الرقمي عبر ورقة أعدتها وقدمتها الخبيرة الخبيرة في التقنية المصرفية د. عسجد يحي الكاظم، أتت بعنوان “توحيد منصة الدفع الإلكتروني خطوة نحو التحول الرقمي والشمول المالي”.
و كشفت عن تضرر 70% من الخدمات الإلكترونية في القطاع المصرفي بسبب الحرب في البلاد.
وأوضحت د. عسجد إن التحديات التي تواجه التحول الرقمي في السودان تتمثل في ضعف البني التحتية وغياب التشريعات الازمة، التضخم، عدم استقرار الصرف، القيود التشريعية، نقص الثقافة المصرفية، بجانب ضعف دعم العملاء.
وأشارت إلى أن الحلول تكمن في الاستثمار في البنى التحتية للإنترنت، وضرورة استخدام التقنيات المصرفية لتعزيز الثقة.
وقالت عسجد إنه يمكن حل المشكلة بتوحيد منصة الدفع الإلكتروني عبر الموبايل، معتبرة أن هناك تشتتًا في البنوك والمنصات الرقمية، فضلًا عن انخفاض الثقة في النظام المصرفي.
وأشارت إلى أنه يمكن أن يكون هناك دعم دولي لتحسين الخدمات المصرفية عبر التطبقات البنكية عبر الإنترنت، مستشهدة بتجارب بعض الدول مثل الهند وباكستان وكينيا ومصر والسعودية.
وأكدت عسجد أن البنك المركزي سيكون هو المشرف على المنصة، مشيرة إلى أن أهمية المنصة على مستوى الأفراد تكمن في تقليل حمل النقود، أما على المستوى الحكومي فتعزز الشفافية، وتقلل من التهرب الضريبي وتزوير العملة.
واعتبرت عسجد أن إنشاء منصة رقمية موحدة يساعد في زيادة التحصيل الحكومي عبر منع التهرب الضريبي، جزب الإستثمار للقطاع التكنلوجي، تعزيز الأمن السريالي ، توفير التمويل المالي، عدم الإعتماد على النقد.
ولفتت إلى أن بنك السودان المركزي هو الذي يدير المنصة لتكون له الولاية على القطاع، بجانب وضع التشريعات الازمة، واشراك شركات الاتصالات المحلية عبر تقديم حوافز لتطوير البنية التحتية.
تطوير القطاع المصرفي
من جهتها، قالت د. مروة قباني في تعقيبها على الورقة إن تطوير القطاع المصرفي بدأ عبر شركة الخدمات المصرفية التي ربطت المصارف مع بعضها من خلال المقاصة والتحويلات الخارجية.
و أوضحت أن هناك خمسة بنوك لديها محولات و30 بنكًا كان يتبع للشركة.
كما أشارت إلى أنه في عام 2013، أدخلت الحكومة القطاع الخاص ليكوّن وكلاء، ما أدى إلى تطور في الشمول المالي وربط الشركات الخدمية بالقطاع المصرفي.
ولفتت إلى أنه عند اندلاع الحرب لم يكن هناك خطة كوارث سوى لثلاثة بنوك، لكنها أشارت إلى أن بعض البنوك استطاعت ربط خدماتها مع بعضها.
وقالت إن تغيير العملة كان قرارًا صائبًا لإنعاش البنوك، حيث ضاعف عدد فتح الحسابات عبر الإنترنت، وبدأت تسدد الخدمات الحكومية. وأضافت أن القطاع المصرفي يحتاج إلى زيادة رؤوس الأموال ودمج بعض البنوك الضعيفة.
فيما رحبت مدير مركز شموس ميديا الأستاذة سمية سيد، ورئيس تحرير شبكة أخبار السودان الإلكترونية، بضيوف المنتدى الاقتصادي، مؤكدة أن المركز عقد منذ عشر سنوات العديد من المنتديات في الشأن الاقتصادي، ناقش خلالها العديد من القضايا الاقتصادية عبر خبراء الاقتصاد.
وأشارت إلى أن المنتدى الحالي هو الأول بعد الحرب، خاصة مع اقتراب الحرب من وضع أوزارها، ولذلك، جاء المنتدى الاقتصادي لمركز شموس ميديا بعنوان: “توحيد منصة الدفع الإلكتروني للبنوك خطوة نحو التحول الرقمي والشمول المالي”.
مشاكل تقديم الخدمات
في ذات السياق، عقب الخبير الاقتصادي، د. خالد التجاني النور، على الورقة قائلاً: إن التحول الرقمي أصبح أمرًا عالميًا، وأن السودان كان من الدول الرائدة في الوطن العربي والأفريقي في التسعينات، ونوه إلى أن هناك إشكاليات في تقديم الخدمات الرقمية في السودان، وكشف عن اختلالات في البيئة التشريعية للنظام المصرفي.
وشدد على أن يكون البنك المركزي هو صاحب الولاية على البنوك، مشددًا على ضرورة وجود استراتيجية وطنية للتحول الرقمي.
نظام الرسائل النصية
من جهته، قال د. عادل عبد العزيز إن هذه الندوة مهمة ويجب نقل مخرجاتها إلى متخذي القرار في السودان.
و أوضح أن هناك أهمية كبيرة لعوائد هذه التطبيقات في تمويل المشروعات والخدمات بعد الحرب، منبهًا إلى أهمية استدامة نظام الرسائل النصية لعدم وجود الإنترنت في الأرياف.
كما أشار إلى أن الروح الوطنية أصبحت عالية جدًا، وأنه لابد لشركات الاتصالات من التحول إلى نظام الرسائل النصية.
وفي تعقيبه على الورقة قال الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز إن الورقة قدمت رؤية شاملة لكيفية إدارة التحول الرقمي عبر المنصة الموحدة لكل المصارف بالسودان، لافتاً الى عدد من النمازج التي طبقت ذات النظام وكيف حصلت على الشمول المالي.
وأشار إلى جهود لعدد من الجهات السودانية لاطلاق نظام إلكتروني موحد قبل الحرب، ولم ترى النور، بجانب فقدات كل السيرفرات في مقر المؤسسة بالقرب من بنك السودان فرع الخرطوم.
و تابع: لابد من أقامة نظام لدرء الكوارث لتفادي مثل ما حدث في البلاد منذ اول يوم من الحرب.
وقال عبد العزيز إن هناك أهمية كبيرة لعوائد التطبيقات المصرفية في تمويل المشروعات والخدمات بعد الحرب، منبهًا إلى أهمية استدامة نظام الرسائل النصية لعدم وجود الإنترنت في الأرياف.
وطالب بضرورة تشجيع شركات الاتصالات للتحويل عبر نظام الرسائل النصية وهو نظام معمول به في عدد من الدول.
كما دعا إلى أهمية وضع إستراتيجية وطنية للتحول الرقمي بواسطة بنك السودان المركزي لتحقيق الولاية على المال، خاصة في ظل توفر الروح الوطنية العالية التي توافرت عقب الحرب، ووجود إجماع لبناء سودان جديد.
من جانبه أوضح مصطفى أحمد مصطفى، الخبير المصرفي، أن هناك عقبات تشريعية، ودعا البنك المركزي للتدخل لتطوير التحول الرقمي، مضيفًا أن أي تحول لتقنية مصرفية يجب أن تدعمه الحكومة.
الشمول المالي
وقال الخبير المصرفي أحمد خليل المصري إن الشمول المالي يعزز ثقة العميل ويسرع الاستثمار في البلاد، وأضاف أنه يمكن ربط الشبكات لإدخال عدد من العملاء في غضون عامين.
فيما نبه الطاهر المعتصم، الكاتب الصحفي، إلى أن التطبيقات البنكية ساهمت في درء العديد من الأعباء على السودانيين خلال الحرب.
وأشار إلى ضرورة تعميم تجربة الرسائل النصية كما في بقية الدول التي طبقت هذا النظام.
و أكد الكاتب الصحفي أسامة عبد الماجد على أهمية تعميم الشمول المالي، خاصة أن الحرب أفرزت انتشاراً للسلاح مما قد يهدد المواطنين من حمل الأوراق النقدية.
وفي ذات السياق، قال الكاتب الصحفي الطاهر ساتي إن الاحتكار في الاقتصاد السوداني أحدث خسائر كبيرة للمواطنين، ودعا إلى أهمية احتكار المزايا، مشيرًا إلى أن أي دولة تدهورت وراءها سياسات مالية أنانية.
إلى ذلك قدم السفير العبيد مروح مقترح بأهمية دمج عدد من البنوك في بنك واحد لتقوية المركز المالي وزيادة رأس مال البنك، ووصف بعض البنوك الموجودة حالياً بأنها عبارة عن دكاكين مصرفية ذات أمكانيات محدودة.
وتساءل العبيد عن عدد المواطنين الذين لديهم حسابات في النظام المصرفي في السودان، وكذلك عن مدى تأثير العقوبات الأميركية على البنوك في السودان.