☘️🌹☘️
*همس الحروف*
*حرب المسيرات و الاقتصاد ، أبعاد جديدة للصراع في السودان ، هل هي فرفرة مذبوح ، أم فجة الموت*
✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي*
في ظل الهزائم النكراء التي لحقت بمليشيا الدعم السريع ، و التي خصمت الكثير من جغرافية تمددها في العديد من المدن السودانية بولايتي سنار و الجزيرة ، و مسحت لها تاريخها المشوه لإنتصاراتها الكرتونية على شعب أعزل بهذه المناطق ، فمن الواضح أضحت هذه المليشيا في موقف دفاعي أمام التقدم الكاسح الذي يقوده الشعب السوداني ، الذي ليس له خيار غير الإنتصار ، و مسح المليشيا و زبانيتها من الخارطة المكانية و الزمانية في السودان ، و يتقدم الشعب في ذلك جيشه الهصور .
مع فشل المليشيا و خساراتها في مواجهة تقدم قوات الشعب المسلحة ، لجأت إلى تغيير استراتيجيتها العسكرية تجاه هذا الشعب الذي لا يدري عن السبب الرئيسي لإستهدافه المباشر ، و ذلك عبر تنفيذ حرب اقتصادية أخرى تهدف إلى إحداث اضطراب واسع النطاق في البنية التحتية للبلاد ، و هذا ما يدلل على وصول المليشيا الى مرحلة اليأس للإحتفاظ بما أحرزوه من تقدم عسكري خلال العامين المنصرمين ، مما يدلل على أن ما يقومون به الآن لا يتعدى تعريفه سوي (فرفرة مذبوح) ، حيث تبذل المليشيا جهوداً يائسةً للمحافظة على مواقعها في الاماكن التي تسيطر عليها ، إلا أن الهزيمة تقترب منها شيئاً فشيئاً .
هذه الأيام ، تحاول المليشيا ان تفسد على الشعب فرحته بإستعادة معظم مدنه و قراه بولايتي سنار و الجزيرة ، فغيرت من خططها و أصبحت تنفذ هجمات من خلال طائرات مسيرة إنتحارية استهدفت العديد من المنشآت الحيوية في البلاد ، وفي مقدمتها محولات الكهرباء ، فعلى سبيل المثال و ليس الحصر ، استهدفت محول كهرباء سد مروي ، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء في العديد مدن السودان ، و لم يقتصر الأمر على ذلك فحسب ، حيث استهدفت المليشيا محولاً رئيسياً في أمدرمان ، و بعدها إستهدفت محطة الشوك التحويلية بالقضارف ، مما أسفر عن إنقطاع التيار عن بعض المدن .
لا شك أنها فجة الموت ، و هي تعرف بأنها : ذلك النشاط الغير عادي الذي يسبق الموت بقليل ، حيث يظهر المرء بعافية جيدة لا تتجانس و حجم مرضه العضال ، فنجد أن المليشيا قد بلغت نقطة اللا عودة ، و أصبحت نهايتها أمراً حتمياً بعد أن فقدت الكثير من وسائل المقاومة في ميدان المعركة ، و اللافت في هذه الهجمات ضد البنية التحتية هو درجة الدقة في تحقيق في استهداف المنشآت الحيوية ، وهذه الدقة لا تشبه هؤلاء الاوباش ، المتخصصون في التدوين الطائش ، الشيء الذي يؤكد أن الامر هذا هو أكبر من محط بنات أفكارهم ، حيث شاركهم في ذلك من هو هدفه المنشود أيضا المواطن السوداني في شخصه و وصفه ، و هذا الأمر يثير التساؤلات حول ما إذا كانت هذه العمليات تتم بالتنسيق مع جهات خارجية ، أو لا ، من اجل إضعاف الاقتصاد السوداني حأحد أدوات الإبتزاز الرخيصة للضغط على الحكومة السودانية لإجبارها على التفاوض و إيقاف تقدم القوات المسلحة ميدانياً .
.و ما يؤكد ذلك تقرير مستقل قام به مختبر أبحاث الشؤون الإنسانية (HRL) ، وحدة تحليل الصراعات بدعم من مؤسسة Avaaz و كان هذا التقرير بخصوص طائرات بدون طيار متقدمة مع طراز (FH-95) التي تتميز بقدرات إلكترونية متقدمة في المراقبة والحرب، كما يمكن تزويدها بذخائر جو-أرض ، و هذه الطائرة لديها مدى قتالي يصل إلى 250 كم، و قدرة على التحمل تصل إلى 24 ساعة ، ويمكنها حمل حمولة قصوى تصل إلى 250 كجم ، و تم تصنيع طائرة FH-95 بواسطة شركة Aerospace Times Feihong Technology، وهي تابعة لشركة China Aerospace Science and Technology Corporation. و قد شوهد منها عدد 3 طائرات في مطار نيالا الخاضع لسيطرة المليشيا و ذلك يوم 9 ديسمبر 2024 و 14 يناير 2025 ، مما يؤكد دخول لاعب جديد إلى ساحة المعركة
المليشيا و اذرعها الجديدة التي دخلت معها في خضم حرب إقتصادية ليست هي مجرد مواجهة داخلية ، بل هي جزء من استراتيجية خارجية تهدف إلى ضرب مفاصل الاقتصاد السوداني ، والتي تتمثل في القطاعات الحيوية مثل الكهرباء والطاقة ، هذا التوجه قد يمتد في الأيام القادمة ليشمل استهداف منشآت اقتصادية أخرى ، مما يتطلب من الشعب السوداني أخذ الحيطة والحذر .
في هذه الأوقات العصيبة، يبرز سؤال هام حول دلالات هذه الحرب الاقتصادية ، أولاً : هل يمكن أن تُعد هذه الهجمات محاولة أخيرة للمليشيا للإيحاء بأنها لا تزال قادرة على التأثير في مجريات الأمور ، رغم الهزائم العسكرية الكبيرة التي تعرضت لها ، أو أنها رسالة واضحة من القوى الدولية والمنظمات التي تدعم هذه المليشيا بهدف محاولة إضعاف اقتصاد السودان ، و إرغامه مكسوراً ، مجبوراً على قبول المفاوضات تحت الضغط .
و ثانياً : يمكن اعتبار هذه الحرب الاقتصادية بمثابة دليل على فقدان المليشيا لقضيتها التي أعلنت الحرب من اجلها كما تدعي ، حيث أصبحت تسعى إلى تدمير البلاد بدلاً من المضي قدماً في أي حل سياسي أو عسكري ، وهذه الأعمال قد تكون مدفوعة الأجر من قوى معلومة لدينا تريد تدمير السودان ، و تفسد استقراره ، ويبدو أن هذه القوى تدرك جيداً أن السودان يمتلك موارد اقتصادية ضخمة يمكن أن تجعله من الدول المتقدمة في مجال الاقتصاد والثروة ، في حال استقرار الأوضاع ، و خصوصاً بعد تصريحات القائد العام : بأن كل من يدعم و يساند المليشيا سيكون ليس له اي دور في مستقبل السودان بعد الحرب .
المليشيا و أذرعها الخبيثة أصبحوا أهدافاً مشروعة لكل الشعب السوداني ، فينبغي على كل أفراد الشعب أن يتوحدوا في هذه المرحلة الحرجة ، ويجب أن يعلموا أن لا وجود لأي اختلالات إثنية بينهم ، فلا يمكن تصنيف المليشيا على أساس أي امتدادات عرقية ، لأن القضية هي قضية وطنية ، و لا علاقة لها بالجغرافيا أو العرق ، و نحن نعرف العدو بإنتمائه المهني والفكري فقط ، وليس على أساس انتمائه الجهوي أو العرقي ، يجب أن تظل الوحدة الوطنية هي الأساس الذي يجب أن يتكاتف حوله الجميع لمواجهة التحديات الحالية، وتحقيق النصر ، لا غير ذلك .
المليشيا تسعى إلى استخدام مختلف الأساليب لزعزعة استقرار البلاد من خلال ضرب الاقتصاد الوطني ، لكنها لن تنجح ، و ستنتصر إرادة الشعب بإذن الله تعالى ، و سيظل السودان مرفوع الرأس بأبنائه رغم كل التحديات التي تهدف إلى تدميره ، و رغم كل الضغوطات الخارجية ، ستظل بلادنا قوية بفضل شعبه و سيظل السودان الموحد شامخاً عزيزاً في وجه كل المؤامرات التي تحاك ضده .
و الله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل