انتصارات الجيش .. رسائل جديدة من القادة بالتقيّد بالقانون
البرهان: نحنا لسنا مليشيا ويجب عدم أخذ الحقوق بالأيدي
البرهان: السودان يسع الجميع ونرحب بكل من ترك السلاح
وزير الاعلام:نرفض أي جريمة تُرتكب في حق سوداني فليس بعد النصر مكان للإنتقام
محلل:تصريحات البرهان تحتاج لإنشاء محاكم عدالة سريع لهذه الأسباب (……)
قانوني:المطلوب هو إلقاء القبض على كل الذين ارتكبوا تجاوزات وتقديمهم لمحاكمات مشهودة
تقرير إخباري – خديجة الرحيمة
في ظل الإنتصارات الكبيرة التي حققها الجيش مؤخراً عاد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إلى البلاد أمس الاول بعد جولته الأفريقية التي شملت عدد من الدول.
استقبالات حاشدة بمطار بورتسودان خرجت لتحية البرهان احتفالاً وتهنئة بإنتصارات القوات المسلحة في كل جبهات القتال.
حيث عمت موجة من الاحتفالات العارمة شوارع العاصمة الإدارية ابتهاجا بتحرير عاصمة ولاية الجزيرة مدينة ود مدني وعودة البرهان إلى البلاد، وأثارت مشاهد الفرحة والاحتفالات تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي منذ لحظة نزول البرهان من الطائرة وصولاً الى كورنيش بورتسودان حيث أقيم الحفل هناك.
وعقب استعادة الجيش السيطرة لود مدني خرج الشعب السوداني بجميع أطيافه داخل وخارج السودان ليعبر عن فرحته بهذا الحدث الأهم في البلاد منذ إندلاع الحرب وأظهرت مقاطع فيديو إمتلاء الشوارع والساحات بالآلاف الذين احتشدوا للاحتفال بتحرير عاصمة ولاية الجزيرة.
مظاهر استقبال البرهان تؤكد مدى إلتفاف الشعب حول قواته المسلحة ومساندته لها إصطفاف الآلاف من المواطنين حول المطار والطرقات الرئيسة ببورتسودان يؤكد وقوف الشعب وتلاحمه مع الجيش وقائده الفريق البرهان
ومؤخراً أعلن الجيش تحرير حاضرة ولاية الجزيرة مدينة ود مدني بعد مرور أكثر من عام وتزامنت هذه الانتصارات مع الجولة الافريقية التي قامها بها البرهان
جولة ناجحة
أختتم رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام جولته الإفريقية أمس الأول التي زار خلالها دول (مالي، وغينيا بيساو، وسيراليون، وموريتانيا)، مختتمًا الرحلة بدولة السنغال.
وأجرى الرئيس مباحثات ثنائية مع رؤساء الدول التي زارها وذلك في سبيل فتح آفاق جديدة لعلاقات استراتيجية مع دول غرب إفريقيا ويعد هذا التوجه هو الأول من نوعه في مسار العلاقات.
جولة البرهان كانت محل اهتمام إقليمي ودولي كبيرين وتزامنت مع انتصارات القوات المسلحة التى حررت ود مدني وأحرز الجيش تقدما كبيرا في كل المحاور
نظم ولوائح
وخلال مخاطبتة حشدا جماهيرا بكورنيش بورتسودان عقب عودته الى البلاد حيا رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان الشهداء الذين بذلوا النفس والنفيس ومهروا دمائهم غالية في سبيل الوطن ووحدته كما حيا الشعب السوداني وصموده في وجه هذه المليشيا الإرهابية وقال ” حديثنا معهم قدام ” بحسب تعبيره
وتقدم بالتهنئة لمواطني الجزيرة خاصة وللشعب بصورة عامة بتحرير مدينة ود مدني
مشيداً ببساله القوات المسلحة في الفاشر وصمودهم لهزيمة ودحر المليشيا الإرهابية
مثمناً وقوف وصمود الشعب السوداني في خندق واحد في وجه المؤامرات التي تحاك ضده.
مؤكداً تواصل الإنتصارات وعدم توقف الحرب إلا بالقضاء على هذا العدو.
ووجه رسالة إلى أهالي ضحايا المجازر التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة باللجوء إلى القانون، وعدم أخذ الحقوق بأيديهم، وقال “نحن لسنا ميليشيا.. نحن جيش لدينا نظم ولوائح”
وأشار إلى استمرار المعارك العسكرية فى كافة المحاور ، داعياً كل من حمل السلاح الاستجابة لنداء الوطن، وقال “كل من ترك السلاح نرحب به” مناشداً رجالات الإدارة الأهلية بدعوة أبنائهم إلى الإحتكام إلى صوت العقل والانسلاخ من هذه المليشيا الإرهابية
وأضاف السودان “يسع الجميع وجميعنا شركاء في الوطن، ولن يهدأ لنا بال إلا بحسم التمرد وعودة المواطنين إلى ديارهم”.
تورط وإدانة
تزامنا مع تقدم الجيش في ولاية الجزيرة أظهر مقطع مصور عملية ذبح مواطنين على يد أفراد يرتدون زي القوات النظامية، واستنكر المتحدث باسم الجيش ما وصفها بالتجاوزات الفردية مؤكداً التزامهم الصارم بمحاسبة كل المتورطين وتتداولت الوسائط مقاطع صادمة لعمليات تصفية طالت أشخاصاً يرتدون أزياء مدنية، عبر إطلاق النار المباشر والتعذيب أو الإلقاء في نهر النيل، كان آخرها يظهر عمليات ذبح لأفراد تحت ذريعة تعاونهم مع قوات الدعم السريع
وقالت مجموعة “محامو الطوارئ” المدافعة عن حقوق الإنسان إن 13 شخصا قتلوا في تجمع سكاني زراعي يعرف باسم “كمبو طيبة” بعد أن تقدم الجيش عبر المنطقة.
وأدانت القوات المسلحة في تعميم صحفي على صفحتها بالفيسبوك التجاوزات الفردية التي جرت مؤخراً ببعض المناطق بولاية الجزيرة عقب تحرير مدينة ود مدني وتؤكد في ذات الوقت تقيدها الصارم بالقانون الدولي وحرصها على محاسبة كل من يتورط في أي تجاوزات تطال أي شخص بكنابي وقرى الولاية طبقاً للقانون.
وأشارت عبر بيانها إلى متابعتها اللصيقة للحالة الأمنية بالمنطقة بالتنسيق مع لجنة أمن ولاية الجزيرة لتأمين كافة المناطق وتفويت الفرصة على الجهات المتربصة بالبلاد التي تحاول استغلال أي تجاوزات فردية لإلصاقها بالقوات المسلحة والقوات المساندة
وفي هذا الصدد عبر الناطق الرسمي بإسم الحكومة، وزير الثقافة والإعلام خالد الاعيسر عن رفضه أي جريمة تُرتكب في حق سوداني أو سودانية في أي مكان من أرض السودان”
مناشدا جميع المقاتلين الذين يقاتلون من أجل تحرير أرض السودان من دنس التمرد والمتعاونين والمرشدين للمرتزقة، بأن يتبعوا قيم العدالة والقانون في التعامل مع الأسرى المشتبه في تعاونهم مع التمرد طوال الفترة الماضية أو قتلهم للمدنيين العزل.
وقال الإعيسر في منشور له على منصة فيس بوك أمس “نقول لمن يتاجرون بحالات التفلت الشخصي” إنكم أصحاب ازدواجية معايير وتسعون لتصعيد نيران الفتنة التي أشعلتموها في 15 أبريل 2023 بدعمكم للتمرد والمرتزقة المغتصبين الذين عبروا حدود بلادنا وقتلوا عشرات الآلاف من شعب السودان “نساءً ورجالاً وأطفالاً وكبار سن”، وتغاضيتم -بصمتكم المخجل- عن كل جرائمهم البشعة في حق المواطنين العزل في كل بقاع السودان لمدة 21 شهراً، وهي جرائم يندى لها الجبين ولم يُشهد لها مثيل طوال تاريخ الحروب في السودان.
واضاف “فلا تتاجروا اليوم بحوادث فردية منعزلة لا تعبر عن منهج الجيش وكل القوات التي تدافع عن أرض السودان، والتي تتقيد بكل القيم الإنسانية في الحروب.
و أردف قائلا اعلموا أن الجندي السوداني بعد الانتصار في أي معركة مع المرتزقة المجرمين والمتمردين، أكثر ما يهمه هو التقيد بأسس التعامل مع الأسرى. فليس بعد النصر مكان للانتقام، وإنما تقديم كل مجرم للمحاكمة العادلة تيمّناً بمنهج درسه سابقاً وحفِظَه كل جندي سوداني بهدف ترسيخ قيم دولة العدالة والقانون والسلام”
عدالة وإعطاء فرص
جاء استقبال المواطنين للبرهان عند عودته من زيارته إلى بعض الدول الأفريقية على غير العادة إذ خرجت حشود ضخمة غصت بها شوارع بورتسودان مع تحليق طائرات حربية سودانية حول طائرة البرهان مما يعبر عن مدى فرح الشعب السوداني بتحرير مدينة ود مدني
هكذا بدأ المحلل السياسي الفاتح محجوب حديثه لـ(النورس نيوز) ليضيف قائلا دخول الجيش إلى مدني صاحبه محاولات انتقام من قبل بعض المواطنين من متعاونين بعينهم من أحدى الكنابي قرب مدني وهو فعل يخالف الطرق القانونية لتحقيق العدالة.
وأضاف “لهذا أنتهز الفريق أول البرهان أجواء الإحتفال بالنصر لتوجيه رسالة للمواطنين بالتريث وعدم اخذ القانون بيدهم وطالبهم باللجوء للإجراءات القانونية لتحقيق العدالة.
وأوضح أن تصريحات البرهان تحتاج إلى إنشاء محاكم عدالة سريعة تحقق للمواطنين الانتقام من “القتلة المغتصبين النهابين والمتعاونين معهم”.
وصرح في ذات الوقت تعطي المتهمين الحقوق القانونية كاملة في العدالة عبر اعطائهم فرصة كافية لتفنيد الاتهامات الموجهة إليهم.
وتابع بذلك فقط يمكن لتوجيهات الفريق أول البرهان أن تحول دون أخذ المواطنين للقانون إيديهم بعد الجرائم البشعة التي ارتكبتها المليشيا في حقهم من قتل ونهب واغتصاب
شرعية ودولة قانون
أما المحلل السياسي محي الدين محمد محي الدين يقول إن استقبال رئيس مجلس السيادة يعكس التلاحم والموقف الشعبي الداعم للقوات المسلحة وللقيادة وهذا فيه رد مباشر لمجموعات القوى السياسية التي تتحدث عن الشرعية
و أشار خلال حديثه لـ(النورس) إلى أن الشرعية مصدرها الشعب وليس الدستور، منوها إلى أن هناك ارتباط وثيق جدا بين الاستقبالات الحاشدة في بورتسودان وإحتفاء السودانين في مورتانيا خلال زيارة البرهان
واوضح السودانين في الداخل والخارج يقفون مع مؤسسات الدولة والخروج العفوي بالامس به رسالة في بريد القوى السياسية الداعمة للمليشيا وفي بريد المليشيا نفسها والمجتمع الدولي وهذا سيكون له أثر كبير في المواقف الدولية بحسب ما قال.
وفيما يتعلق بتصريحات البرهان حول انتهاكات الجزيرة ذكر محي الدين أن هناك من يحاول استغلال أحداث فردية وتصويرها كأنها عمل ممنهج القوات المسلحة.
مؤكداً أن القوات المسلحة ملتزمة بالقانون الإنساني ومبادئ الشريعة الإسلامية ولا يمكن القول بأن ما صدر من بعض المتفلتين جزء من مسلك هذه المؤسسة.
وصرح هذه رسالة للشعب بأن دولة القانون هي التي ستسود خلال الفترة القادمة ولا يجوز لأي شخص أن يستخدم القوة لأخذ الحقوق وهذه تصريحات مسؤولة تتحدث عن رؤية الحكومة وتوجهاتها لمعالجة اثار الحرب في ابعادها الاجتماعية
وأبان هذا الخطاب فيه توجيه للشعب ولأجهزة الدولة بالتعامل مع الاعمال الفردية بما يستوجبه الواجب الدستوري لأجهزة إنفاذ القانون منعا من حدوث انفلات امني
محاكمات مشهودة
وفيما يتعلق بخطاب البرهان الأخير يقول اللواء شرطة محمد عبد الله الصايغ إن المشكلة لم تكن انتهاكات يقوم بها المواطن لتتم مخاطبته بالكف عن أخذ القانون بيده ليضيف قائلا “ولكنها انتهاكات يقوم بها بعض الافراد الذين يتبعون للقوات النظامية”.
و أشار في حديثه لـ(النورس) إلى أنها انتهاكات جسيمة بكل المقاييس وتؤثر بشكل مباشر على وحدة البلاد وتنشر الكراهية كما أنها تؤدي إلى تمدد الحرب وخروجها عن السيطرة.
وأوضح أن المطلوب من البرهان هو مخاطبة هذه القوات النظامية بكافة منظومتها وكافة القوات التي تنضوي تحت عباءة القوات المسلحة وتوجيهها بالكف عن هذه الممارسات المرفوضة التي لا تشبه تصرفات الدولة.
وتابع “المطلوب هو إلقاء القبض على كل الأفراد الذين ارتكبوا تجاوزات وتقديمهم لمحاكمات على أن تكون كل الإجراءات مشهودة ومرئية ومعلنة لكل أفراد الشعب السوداني”
وأردف بخصوص هذه الانتهاكات لم يلمس أحد أي جدية من القيادات في وقفتها بالصورة الحازمة.