غاندي معتصم يكتب
ماذا بعد تحرير مدنى؟
كبسولات مزدوجة .. فى السياسة والاقتصاد ( 1)
ليس هنالك معيارا لقياس فشل النخب السودانية أكثر نصاعة من خلو مناهج التعليم قبل الجامعى لأى مقررات دراسية عن الزراعة والثروة الحيوانية فهذه الموارد تمثل عماد الاقتصاد السودانى، علما بأن عشرة بالمائة فقط من مجموع الطلاب يتأهلون الى التعليم الجامعى، ويذهب التسعون إلى جحيم الحوارى وممارسة السمسمرة رغما عن النيل وخيرات الأرض! فهذه النخب عجزت عن كسر الطوق الاقتصادى المفروض على السودان، وهى لم تحدثنا بأبسط متطلبات الحلول من تدابير منهجية، بعيدا عن القرارات السلطوية.
هذا الفشل النخبوى بدوره أغرى التسعون بالمائة (الأغلبية) لتجاوز دولة الأفندية، وبسبب غياب التجارب العملية الملهة بنماذجها الاقتصادية، وجدوا ضالتهم فى أسطورة حميدتى، وهو يرتقى مراتب السلطة بالمال والسلاح، وقد كانت دهشتهم عظيمة وهم يرونه على رأس اللجنة الاقتصادية يحاضر فى حل معضلة انخفاض العملة الوطنية، والخبراء الاقتصاديون يستمعون فى خضوع، فقد كان حميدتى دونما أدنى شك أذكاهم ويتفوق عليهم فى القدرات القيادية، ويحتكم الى تجارب عملية لا يدرك خبايا مطلوباتها هؤلاء الأفندية.
أغلب المغامرون فى مضمار السياسة اليوم يرون فى أنفسهم حميدتى آخر يمكن أن يتقدم الصفوف لسد عجز وعثرات النخب، وهنا تكمن المشكلة ومن هنا يجب أن نرتقى أولى خطوات سلم الحلول .. الجزيرة بأرضها المعطاءة ونهريها الأبيض والأزرق أمامكم، فلا تدخروا جهدا لترسيم العلاقة بين المركز والولايات، وأتركوا الجزيرة لأهل الجزيرة، فالسودان بعد 15 أبريل لن يعود كما كان قبله.