تنظيف مدني من دنس المرتزقة.. مناطق سيطرة المليشيا تتحسس تحريرها
القيادة:نهنئ شعبنا بدخول قواتنا مدني وتعمل الآن على نظافة جيوب المتمردين
مصادر ميدانية: الجيش اقتحم مصفاة الجيلي بعد حصار طويل فرضه على الموقع
الحزب الشيوعي:استعادة الجزيرة لن تشكل بوابة تقدم لدارفور والحرب ستنتهي بالتفاوض
خبير عسكري:تحرير الجزيرة يعني فقدان المليشيا للقيادة والسيطرة
محلل: معالم نهاية الحرب بدأت تتضح والانتصار في الجزيرة ينهي قدرة المليشيا على المناورة
تقرير-خديجة الرحيمة
موجة احتفالات عارمة تجتاح المدن السودانية أمس ابتهاجا بتحرير عاصمة ولاية الجزيرة مدينة ود مدني وسط السودان
وأثارت مشاهد الفرحة والاحتفالات التي عمت شوارع وميادين البلاد ومخيمات النازحين
تفاعلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي بعد دخول القوات المسلحة والقوات المساندة لها إلى مدني وإستعادة السيطرة عليها بعد مرور عام
فقد خرج الشعب السوداني بجميع أطيافه داخل وخارج السودان ليعبر عن فرحته بهذا الحدث الأهم في البلاد منذ إندلاع الحرب وأظهرت مقاطع فيديو امتلاء الشوارع والساحات بالآلاف الذين احتشدوا للاحتفال بإستعادة مدني الى “حضن” الوطن فيما شهدت ولاية الجزيرة احتفالات مماثلة رافقها إطلاق كثيف للرصاص في الهواء فرحا بهذه اللحظة التاريخية
ولم يقتصر التعبير عن الفرحة على الاحتفالات الشعبية فحسب بل امتد ليشمل المساجد حيث صدحت مآذن الجوامع بالتكبير والتهليل والهتافات المعبرة بإستعادة ود مدني.
ووسط هذه الأجواء الاحتفالية عبر السودانيون عن مشاعرهم الجياشة وفرحتهم العارمة بهذا الحدث الفارق في تاريخ البلاد
حيث يمثل تحرير ولاية الجزيرة نقطة مفصلية في تاريخ حرب أبريل كما أن تحرير الخرطوم أصبح مسألة وقت
والنهاية الحتمية للعدو باتت وشيكة واصبح ظاهر للعيان إقتراب نهاية الحرب بعد الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش مؤخرا خاصة في ولاية الجزيرة وسنار والفاشر.
وفي نهاية العام 2023 دخلت مليشيا الدعم السريع ولاية الجزيرة ذات الثقل الاقتصادي والزراعي وموقع إستراتيجي يربط بين الشرق والشمال والجنوب.
وهي ثاني أكبر ولاية تضم مواطنين في السودان
وبعد انتقال المعارك الى وسط البلاد اتسعت رقعة الحرب
ويخوض الجيش والدعم السريع معارك ضارية منذ أبريل من العام 2023
وقد نزح حوالي 11.3 مليون شخص جراء الحرب بينهم نحو 3 ملايين شخص فروا من السودان وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
سيطرة وتهنئة….
وبعد تحرير حاضرة ولاية الجزيرة أمس السبت وصل عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام الفريق اول شمس الدين كباشي الى مقر رئاسة الفرقة الأولى مشاة بحاضر بود مدني.
وبشر كباشي بتحرير مزيد من المناطق في البلاد.
وأعلن الجيش السوداني امس استعادة السيطرة على مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة
وتقدمت هيئة قيادة القوات المسلحة بالتهنئة للشعب السوداني والجيش والقوات المساندة له.
واكدت القوات المسلحة عبر بيان صحفي تقدم القوات بعزيمة وإصرار في كل المحاور
متمنية الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى.
وهنأ رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل مولانا محمد عثمان الميرغني الشعب السوداني عامة ومواطني الجزيرة بشكل خاص بالنصر العظيم الذي حققته القوات المسلحة وشركاؤها في معركة الكرامة والاستقرار بدخول مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة، سائلين المولى عز وجل أن يتم نصره بتحرير كل المدن والقرى وفي كل الجبهات من دنس تمرد مليشيات الدعم السريع، وعبر عن تعازيه لشهداء معارك الكرامة، سائلاً الله الشفاء العاجل للجرحى.
وفي ذات السياق هنأ القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الشريف حسين الهندى القوات المسلحة والشعب السوداني بتحرير مدينة ودمدني وقال إن مدني ملهمة التاريخ وايقونة الحضارة الإنسانية لذلك كان الانتصار مختلف وافرح كل الشعب السوداني بعد أن دنسها مرتزقة مليشيا الدعم السريع المتمردة في حقبتهم السوداء التي عاثوا فيها كل أنواع الانتهاكات والجرائم غير المسبوقة في تأريخ البشرية.
بينما تقدمت الهيئة العامة لمشائخ الطرق الصوفية بالتهنئة للشعب السوداني وقالت في بيان لها.
بقلوب تفيض بالفرح والسرور و الشكر (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ )سورة الروم، نتوجه نحن مشائخ الطرق الصوفية في السودان، بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أبناء الشعب السوداني العظيم، بمناسبة دخول القوات المسلحة السودانية المظفرة إلى مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة. هذا الانتصار الباهر يجسد أسمى معاني البسالة والتفاني التي تميز قواتنا المسلحة الأبية، التي ما فتئت تدافع عن تراب الوطن العزيز بروح من التضحية والفداء.
وتقدمت أيضا حركة العدل والمساواة السودانية بالتهاني للشعب السوداني وللقوات المسلحة الباسلة، وللقوة المشتركة، بمناسبة تحرير مدينة ودمدني وما حولها من مدن وقرى، والتقدم الحاسم في محور الجيلي ومحاور دارفور وجبهات القتال المختلفة، و التي تحققت بفضل الله ثم بفضل تضحيات رجالات القوات المسلحة وفرسان القوة المشتركة والمستنفرين وكل التشكيلات المساندة.
حصار وإنتصار….
واستبق التحرير حصارا كاملا للولاية من عدة اتجاهات وكشفت مصادر ميدانية الجمعة عن محاصرة الجيش لمدينة ود مدني من ست محاور بشكل محكم و تمدد عمل القوات الخاصة والفدائيين داخل مناطق بأطراف المدينة.
واشارت المصادر الى أكثر من 7 متحركات تحاصر المدينة بفواصل مكانية مدروسة مما يضع قوات التمرد والمتعاونين بمدني في كماشة محكمة من الصعب الخروج منها .
المعلومات الواردة منذ فجر أمس الاول ظلت تؤكد بأن القوات المسلحة باتت على تخوم مدينة ود مدني وتحكم قبضتها على المدينة من ثلاثة اتجاهات فمن الجنوب يُحكمُ جيش سنار قبضته على قرى “الشُّكَّابات” ويقوم بتمشطيها ويتقدم منها بثبات نحو مدني ومن المحور الغربي جيش المناقل يسيطر الآن على كبري بيكة سيطرة تامة ويتقدم في منطقة بيكة باتجاه المدينة التي لم تفصله منها إلا بضع كيلومترات وأما جيش الشرقية يسيطر على منطقة الشبارقة منها يحكم الحصار على مدني ويتقدم نحوها، وأما قوات درع السودان فقد أحكمت قبضتها على محلية أم القري تماماً وبذلك فقد وضع الجيش المدينة تحت الحصار المحكم في ظل تراجع المليشيا
وبعد سيطرة الجيش على كبري “بيكة ” غرب مدني بمسافة 15 كيلو تأكد انسحاب الميليشيا الى كبري البوليس
وأكدت المعلومات أيضا أن الجيش بات على مرمى حجر من مدني التي طوقها من ثلاث اتجاهات وكل المعطيات تشير الى أن تحرير مدني أصبح مسألة وقت ولم ننتظر كثيرا حتى أعلنت القوات المسلحة أمس السبت سيطرتها الكاملة على ود مدني وتحريرها من دنس المليشيا المتمردة.
إنتصارات متزامنة….
وفي منحى أخر قالت مصادر عسكرية ميدانية إن الجيش بمشاركة القوة المشتركة اقتحم مصفاة الجيلي شمال العاصمة الخرطوم، بعد حصار طويل فرضه على الموقع.
وتاتي الخطوة الحاسمة بالتزامن مع تحرير مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة.
ويُعد اقتحام مصفاة الجيلي جزءًا من خطة الجيش السوداني لتحرير العاصمة الخرطوم بالكامل من سيطرة قوات الدعم السريع.
كما شهدت مدينة بحري تحركات عسكرية مكثفة للجيش ضمن عملياته لتحرير المناطق الاستراتيجية واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد.
وقال مصدر عسكري «للجزيرة» إن الجيش استعاد سلسلة جبال البكاش (70 كيلو مترا جنوب مدينة شندي) شمال الخرطوم بحري المحيطة بمصفاة الجيلي للبترول والخاضع لسيطرة مليشيا الدعم السريع.
وأكد المصدر حدوث معركة عنيفة بين الجيش والدعم السريع حول محيط مصفاة الجيلي استخدم فيها الطيران المسير والمدفعية الثقيلة.
فقدان وإنقطاع…
ترقب الشارع السوداني طويلا تحرير مدني وبعد حصار لم يستمر طويلا استطاع الجيش والقوات المساندة له السيطرة على ود مدني فتحرير الجزيرة يعني النهاية الحتمية للمليشيا ومفتاح للنصر في الخرطوم ودارفور.
الخبير الاستراتيجي والعسكري أمين اسماعيل مجذوب يقول لـ(النورس نيوز) أن تحركات القوات المسلحة الأخير في مدينة ود مدني وشرق النيل والمناطق المختلفة هي حصاد لخطة إستراتيجية بعيدة المدى في حرب المدن بدأت بتدمير تكتلات العدو الرئيسية
مشيرا الى ان ولاية الجزيرة تعتبر أهم منطقة في السودان وبتحريرها تنقطع كل خطوط الامداد التي كان تأتي من الغربي والشرقي وتدخل الى الخرطوم.
واضاف تحرير الجزيرة يعني تحرير الخرطوم فعليا وتشتت المليشيا وفقدانها القيادة والسيطرة
واوضح حتى القيادة الموجودة في دارفور لا تستطيع الحضور الى وسط الخرطوم ووسط الجزيرة والى قيادة المعارك بصورة مباشرة
وصرح القوات المسلحة تعمل الان بقوة وفقا لخطط واستعانت بخبرات متراكمة واسلحة جديدة لتحرير الجزيرة
ونوه الى ان ولاية الجزيرة اصبحت (قاب قوسين او ادنى) بحسب تعبيره
وتابع تم تحرير عدد كبير من القرى المتاخمة لمدني لذلك يبدأ النصر والإكتساح وتبدأ المعالجة لأزمة السودان من تحرير ود مدني،مؤكدا انه وبعد تحرير مدني سيتم تحرير الخرطوم وستعود الاوضاع على ما كانت عليه قبل ١٥ ابريل وستحل جميع المشاكل على حد قوله.
معالم نهاية…
ويرى المحلل السياسي الفاتح محجوب ان تحرير ولاية الجزيرة يعني ان الجيش يستطيع تحويل عدد كبير جدا من قواته نحو العاصمة لحسم معركتها.
واوضح محجوب خلال حديثه لـ(النورس) ان هذا الأمر قد يجبر مليشيا الدعم السريع على الانسحاب من الخرطوم نحو دارفور او الاستسلام.
وأضاف معالم نهاية الحرب بدأت تتضح لأن الانتصار في الجزيرة ينهي قدرة مليشيا الدعم السريع على المناورة ويفتح الباب واسعا أمام قبول شروط الجيش السوداني لانهاء الحرب.
تفاوض وحواجز عسكرية….
لكن القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار فيختلف حديثه لـ(النورس) عن المحللين والخبراء السابقين ويقول هذه الحرب المستمرة منذ ٢٠ شهرا لن تحقق نصرا حاسما لأي طرف قياسا على التدخلات الكثيفة الخارجية فيها سواء بامدادات السلاح او الدعم السياسي واللوجستي ،مشيرا الى ان المعارك تدور بمبدا الكر والفر بعيدا عن المواجهات المباشرة او المعركة الفاصلة بحسب ما ذكر.
واستبعد بأن انتصار الجيش في الجزيرة ودخول مدني أن يشكل بوابة تقدم لدارفور ،
ونوه الى ان البعد الجغرافي والمناطق المكشوفة ووجود المليشيا بالخرطوم ونواحي النيل الابيض يشكل حواجز عسكرية وإوضح في تاريخ الحروب في السودان فإن اي حرب لم تنتهي بإنتصار طرف
واكد انه وفي نهاية الامر سيتفاوض الطرفان في هذه الحرب مهما طالت بحسب حديثه.