العقوبات الأمريكية على “حميدتي”.. حصار مليشيا (الدعم السريع) دبلوماسياً وميدانياً
العقوبات الأمريكية على “حميدتي”.. حصار مليشيا (الدعم السريع) دبلوماسياً وميدانياً
وزارة الخارجية: نرحب بالعقوبات الامريكية على حميدتي وندعوا بقية الدول لإتخاذ مواقف مماثلة
محلل: العقوبات الأمريكية أنهت الجدل حول وفاة حميدتي وأكدت أنه لا زال هو القائد للدعم السريع
سياسي:توصيفها بأنها ترتكب جرائم إبادة له تصنيف بأنها جماعة إرهابية وستحاصر دبلوماسياً
خبير عسكري:قرارات الادارة الامريكية أشبه ما يعرف بــ (خم الرماد) وستؤثر على سير العمليات
تقرير-خديجة الرحيمة
أعلنت الإدارة الأمريكية أمس الأول فرض عقوبات على قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو ومجموعة من شركاته العاملة في بالإمارات.
وقالت وزارة الخزانة في بيان إن الإدارة الامريكية أعلنت فرض عقوبات على (حميدتي) بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098
وأشار البيان إلى فرض عقوبات على أشخاص يزعزعون استقرار السودان ويقوضون هدف الانتقال الديمقراطي”.
ولفت بيان الخزانة إلى أنه ومنذ ما يقرب من العامين انخرطت قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي في صراع مسلح وحشي مع القوات المسلحة السودانية للسيطرة على السودان، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد 12 مليون سوداني وإحداث مجاعة واسعة النطاق.
ترحيب السودان
فيما رحبت وزارة الخارجية السودانية بالعقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على حميدتي.
و قالت وزارة الخارجية في بيان لها “نرحب بالعقوبات التي فرضتها واشنطن على قائد المليشيا محمد حمدان دقلو حميدتي، و(7) شركات تجارية تملكها قوات الدعم السريع”.
ودعت وزارة الخارجية بقية الدول لإتخاذ خطوات مماثلة ضد قيادة المليشيا ورعاتها، ونادت بأن يكون هناك موقف موحد وصارم من الأسرة الدولية في مواجهة هذه الجماعة الإرهابية لإجبارها على وقف حربها ضد الشعب السوداني بحسب ما جاء في البيان.
جرائم وإبادة جماعية
الدعم السريع ارتكبت إنتهاكات وجرائم وحشية بحق المدنيين العزل ودمرت ونهبت الأعيان المدنية والحكومية ولم تمضِ على اندلاع الحرب بضع أسابيع حتى ارتكبت الدعم السريع انتهاكات وجرائم جسيمة بحق الشعب في عدد من المدن والقرى والأحياء المختلفة بالبلاد أقدمت خلالها على أفظع الانتهاكات من قتل وسحل واغتصابات وتعذيب ونهب لكل المؤسسات ومنازل المدنيين العزل ما دفعت الآلاف من الأسر إلى النزوح للمناطق الآمنة لحماية أنفسهم
انتهاكات الدعم السريع خاصة بغرب دارفور كانت أكبر وتفوق كل التوقعات إزاء قتل الآلاف من أبناء قبيلة المساليت ودفنهم أحياء لأسباب إثنية إلى جانب اغتيال والي الولاية خميس أبكر
كما ارتكبت المليشيا بقرى شرق الجزيرة مجازر جماعية بأهالي المنطقة طوال الثلاث أشهر الماضية
وقد نزح حوالي 11.3 مليون شخص جراء الحرب التي اقتربت من إكمال عامها الثاني نحو 3 ملايين شخص فروا من السودان وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي وصفت الوضع “بالكارثي” فيما يواجه نحو 26 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي بسبب الحصار الذي فرضته الدعم السريع على عدد من المناطق.
الخزانة الامريكية قالت إن قوات الدعم السريع انخرطت في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجنسي على نطاق واسع وإعدام المدنيين العزل و الجنود غير المسلحين وفق ما جاء في البيان
واشارت إلى أن قوات الدعم السريع استخدمت حرمان ومنع الشعب السوداني من الإغاثة الإنسانية كسلاح حرب منتهكة بشكل منهجي إلتزاماتها بما في ذلك القانون الإنساني الدولي وإعلان جدة لعام 2023 للالتزام بحماية المدنيين في السودان.
أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي سبق أن قرر أن أعضاء قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها تورطوا في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفي جرائم التطهير العرقي
و قال بيان قرار العقوبات الثلاثاء إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن قرر أن قوات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية في منطقة دارفور بالسودان أثناء الحرب.
وكشف نائب وزير الخزانة والي أديمو بقوله: “تواصل الولايات المتحدة دعوتها لإنهاء هذا الصراع الذي يعرض حياة المدنيين الأبرياء للخطر”.
وأضاف “تظل وزارة الخزانة ملتزمة باستخدام كل أداة متاحة لمحاسبة المسؤولين عن انتهاك حقوق الإنسان للشعب السوداني”.
إتهام وعقوبات
لم تكن هذه المرة الأولى لفرض الخزانة الأمريكية عقوبات على الدعم السريع وقادته
حيث أعلن بيان الخزانة الأخير عن فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على سبع شركات وشخص واحد مرتبطين بقوات الدعم السريع.
وقال البيان”إن قدرة قوات الدعم السريع على الحصول على المعدات العسكرية وتوليد التمويل لا تزال تغذي الصراع في السودان وان شركة كابيتال تاب القابضة، Capital Tap Holding L.L.C والتي مقرها في الإمارات العربية المتحدة، قدمت أموال وأسلحة لقوات الدعم السريع.
بجانب شركة كابيتال تاب جنرال (Capital Tap General): تابعة لكابيتال تاب القابضة.
وشركة الزمرد والياقوت للذهب والمجوهرات (Emerald and Ruby Gold and Jewelry): مقرها الإمارات
وشركة كرييتيف بايثون (Creative Python): شركة مقرها الإمارات
وشركة الجيل القادم للتجارة العامة (Next Generation General Trading): مقرها الإمارات
وشركة حلول الأفق المتقدمة (Advanced Horizon Solutions): مقرها الإمارات
وشركة إدارة كابيتال تاب (Capital Tap Management): تابعة لكابيتال تاب القابضة.
وفي مايو الماضي فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائدين بالدعم السريع وهما علي يعقوب جبريل وعثمان محمد حميد محمد، وذلك لدورهما في قيادة عمليات قوات الدعم السريع في دارفور
وقال البيان إن العملية العسكرية التي قامت بها قوات الدعم السريع لتطويق الفاشر في شمال دارفور ومحاصرتها قد عرضت حياة مئات الآلاف من المدنيين للخطر.
بينما فرضت الخزانة الأمريكية في أكتوبر الماضي عقوبات على أحد قادة الدعم السريع، القوني حمدان دقلو موسى (القوني)، لتورطه في جهود قوات الدعم السريع لشراء أسلحة وعتاد عسكري آخر والذي مكن عمليات قوات الدعم السريع المستمرة في السودان، بما في ذلك هجومها على عاصمة شمال دارفور الفاشر.
وقد غذت تصرفات القوني الحرب والفظائع الوحشية التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد المدنيين، والتي شملت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي. وإن قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها، وبدلا من الاستجابة لتحذيرات الولايات المتحدة والشركاء الأخرى، واصلت ارتكاب الفظائع، بما في ذلك تلك التي تنطوي على العنف الجنسي والهجمات العرقية على المجموعات غير العربية.
وفي نوفمبر الماضي أعلنت الخزانة الأميركية فرض عقوبات على قائد بالدعم السريع” وهو عبد الرحمن جمعة بارك الله، واتهمته بـ”التورط في انتهاكات حقوق الإنسان في غرب دارفور”.
وقالت الخزانة الأميركية في بيان، إن “عبد الرحمن جمعة بارك الله، قاد حملة قوات الدعم السريع في غرب دارفور”، معتبرة أن تقارير موثوقة “تشير إلى ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك استهداف المدنيين والعنف الجنسي المرتبط بالصراع والعنف بدوافع عرقية” في هذه المنطقة
وفي نهاية العام 2023 فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على قائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو بسبب الانتهاكات التي ارتكبتها القوات كما فرضت وزارة الخارجية الأمريكية قيوداً على تأشيرة عبد الرحمن جمعة قائد الدعم السريع في غرب دارفور بسبب الانتهاكات في الجنينة، بينما وصف قوات الدعم السريع العقوبات بالمجحفة.
أراء متباينة
قرار الخزانة الامريكية بفرض عقوبات على حميدتي وشركاته آثار جدلاً واسعا وتباين للاراء بين الترحيب والانتقاد
ويأتي القرار بعد إقتراب نهاية فترة بايدن والضغوط الدولية المتواصلة لإيجاد حلول للأزمة السودانية
ووفقا لمراقبين فإن القرار هو خطوة في الاتجاه الصحيح بينما يرى اخرون بأن هذا القرار سيعيق عملية السلام ويعقد الأزمة.
الخارجية السودانية رحبت بالقرار ودعت بقية الدول لاتخاذ خطوات مماثلة ضد قيادة الدعم السريع
واعتبر عضو مجلس السيادة الفريق أول ياسر العطا إن العقوبات المفروضة على قائد قوات الدعم السريع تعكس دعمًا لموقف السودان في ما يتعلق بمشروعية الإجراءات التي اتخذها الجيش من أجل تعزيز الأمن واستعادة سيادة حكم القانون. وأكد العطا أن هذه الخطوة تعكس التزام المجتمع الدولي بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان مشيرًا إلى أهمية هذه العقوبات في تعزيز استقرار البلاد على حد وصفه.
بينما انتقد قائد العدل والمساواة رئيس حركة العدل والمساواة سليمان صندل العقوبات واعتبرها محاولة لتقويض جهود السلام، مشيراً إلى أنها قد تؤدي إلى استمرار الحرب.
وفي ذات السياق رحب المتحدث باسم حركة تحرير السودان بقيادة مني مناوي الصادق علي النور بالقرار الأمريكي مطالباً بتصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية وملاحقة قادتها جنائياً وأشار إلى أن القرار قد يسهم في الحد من تدفق الأموال والسلاح إلى المليشيا، مما يساعد في إنقاذ الأرواح.
ولكن الصحفي عثمان ميرغني كتب عبر صفحته بالفيسبوك :”أنه واحد من أهم تأثيرات قرار العقوبات الأميركية أن الحكومة المزمع اعلانها في مناطق التمرد حصلت على شهادة وفاة قبل الميلاد”.
الاتهام بالتطهير العرقي والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب تضع من يشارك فيها تحت طائلة المحكمة الجنائية الدولية.
ألى ذلك وصف مستشار الدعم السريع أيوب نهار دور الولايات المتحدة بأنه محدود مشيراً إلى أن العقوبات الأمريكية تعكس ازدواجية في المعايير حيث لم تفرض عقوبات مماثلة على الإسلاميين الذين أشعلوا الحرب. كما شبّه مصطفى محمد إبراهيم العقوبات المفروضة على دقلو بتلك التي فرضت على نيلسون مانديلا، واعتبرها امتداداً لتحيزات دولية تمنح غطاءً لفلول النظام البائد للاستمرار في جرائمهم.
تماطل ومغادرة
ومنذ مايو من العام 2023 هناك تساؤلات عديدة حول ما إذا كان حميدتي على قيد الحياة أم أنه فارقها، البعض يؤكودن وفاته لعدم ظهوره وأن ما يظهر للعيان شخص أخر كما يقولون بينما يرى البعض الآخر أنه حي يرزق
وفي هذا الصدد يرى المحلل السياسي الفاتح محجوب أن العقوبات الامريكي على قائد قوات الدعم السريع ذات دلالات متعددة أهمها إنها أنهت الجدل حول كونه حي أم ميت وكذلك أكدت أن الرجل لا زال هو القائد العام لقوات الدعم السريع بحسب تعبيره.
وقال محجوب لـ(النورس نيوز) آن العقوبات أكدت بأن امريكا قد يئست من إمكانية اصلاح الدعم السريع وقياداتها وإعادة استيعابهم خاصة وأنها أعلنت مع العقوبات أن قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم ابادة جماعية في غرب دارفور، وأوضح أن هذا الإعلان بالذات يحول دون التعامل مع حميدتي
وصرح يبدو أن إدارة بايدين التي تماطلت زمناً طويلا في معاقبة حميدتي قد ايقنت أن فرصة الرجل في تجاوز جرائمه وتحقيق انتصار على الجيش السوداني في الحرب الدموية التي تخوضها قوات الدعم السريع ضد الشعب السوداني ضعيفة على حد ما ذكر.
وأضاف فالأفضل لأمريكا أن تسجل موقف واضح ضد جرائم الدعم السريع في آخر ما تبقى من
وقت للإدارة الأمريكية الحالية التي توشك على مغادرة البيت الأبيض.
ونوه إلى أن هذه العقوبات قد تحد من قدرة حميدتي على تسييل اصوله وأصول أقربائه عبر البنوك الأمريكية وتقلل من قدرة حليفته الإمارات العربية المتحدة على مساعدته بالمال والسلاح
محاصرة دبلوماسية
أما المحلل السياسي محي الدين محمد محي الدبن فيقول إن العقوبات على شركات الدعم السريع لها أثر اقتصادي على قدرة المليشيا المالية التي ستظهر بشكل كبير خلال الفترة القادمة إلى جانب إلتزام الإمارات بالامتناع عن مد المليشيا بالاسلحة حسب ما اخطرت الادارة الامريكية
وأضاف خلال حديثه لـ(النورس) هذا الموقف تعمل عليه لجنة مختصة بالكونغرس والنقطة المحورية في هذا الأمر هو أنه ومن الصعب جداً على القوى السياسية بمحموعة تقدم أن تذهب في اتجاه تشكيل حكومة لأن هذا سيضعهم تحت طائلة العقوبات
مؤكداً كما أن هذا القرار لديه تأثير في سير العمليات العسكرية وسيضعف انقطاع الامداد العسكري للمليشيا كما سيضعف من القدرات العسكرية والميدانية
وأشار إلى أن توصيفها بأنها ترتكب جرائم إبادة جماعية له تصنيف بأنها جماعة إرهابية وإن موقفها السياسي والدبلوماسي سيبدأ في التراجع اكثر من ذلك بحسب ما قال
وأوضح سيكون ذلك له انعكاسه سياسيا وعسكريا في ظل التقدم الكبير الذي تشهده المحاور المختلفة من قبل القوات المسلحة
وتابع العمليات التي تمت في الجزيرة أمس دليل على أن المليشيا تواجه مشكلات كبيرة جدا ميدانيا بالقدرة الواسعة للجيش على محاصرتها واخراجها من المدن التي احتلتها ومحاصرتها دبلوماسيا من خلال المواقف الدولية التي بدأت تتبلور بشكل كبير خلال الفترة الاخيرة
“خم رماد” وتعقيد أزمة
تقوم الإدارة الأمريكية في نهاية فترة حكمها بإتخاذ قرارات بحالة أشبه ما يعرف ب(خم الرماد) هذه القرارات هي بمثابة رسائل بأن هناك إهتمام من الإدارة الامريكية بالصراعات الموجودة في العالم وانها تسعى إلى حماية المدنيين ومنع الجرائم المرتكبة وهذه الخطوات هل هي سلسلة من الخطوات سيتم إتخاذ مزيد من القرارات لا سيما انها تبقت حوالي ١٠ أيام من نهاية فترة الحكم ام ستكتفي بهذه القرارات
هكذا بدأ الخبير العسكري عمر أرباب حديثه لـ(النورس) ليضيف قائلا هل هذه القرارات ستكون في ذات الاتجاه ام يمكن ان تتخذ قرارات اخرى مقابل الجيش هذا ما ستشهده الايام القليلة القادمة
مشيرا إلى أن الجانب الآخر من فرض العقوبات يمكن أن يكون محاولة لمنع قرار تشكيل الحكومة بإعتبار ان هذا سيفرض واقع سياسي جديد يعقد من الازمة وفرص الحل
واستبعد أرباب ان توقف قرارات الخزانة الامريكية إجراء تشكيل الحكومة
واضاف فالاطراف الداعية لتشكيل الحكومة ما زالت مصممة على هذا الاتجاه
معتقدا انها لن ترجي هذه المسألة لتكون أمر واقع في ظل الحكومة الامريكية القادمة وتستفيد من هذه الفترة لإتخاذ القرارات حتى لا تكون هنا ممانعة من المجتمع الدولي تجاه هذه الخطوة كما سترفع الحرج من الإدارة الامريكية الجديدة بإعتبار ان هذا واقع وجدته وستتعامل معه ولم يحدث هذا الامر في فترتها على حد إعتقاده
ونوه الى أن هذه العقوبات ستؤثر بصورة سالبة على سير العمليات خاصة فيما يتعلق بقضايا الإمداد العسكري والدعم اللوجستي