الأخبار

حوار .. وزير الخارجية: بعد فشل المليشيا في الاستيلاء على السلطة السيناريو البديل هو تقسيم السودان

القاهرة _ النورس نيوز

في حوار مع مجلة “روزاليوسف”  أكد وزير الخارجية السوداني أن بلاده تواجه مؤامرة خارجية تهدف إلى تقسيمها وإضعافها. وأوضح أن هناك محاولات من بعض الأطراف للاستيلاء على السلطة، وعندما لم تنجح هذه المحاولات، بدأت تلك الأطراف في السعي لإعلان تشكيل حكومة موازية. وأكد الشريف أن هذه الجهود تهدف إلى تفتيت السودان وتقسيمه، مدعومة بأجندات خارجية تسعى لتحقيق مصالحها على حساب استقرار البلاد.

 

نبدأ حديثنا، بالزيارة الثانية لكم إلى القاهرة، والمباحثات مع وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطى، كيف تنظر للدور المصري الداعم والمساند للدولة السودانية فى أزمة الحرب الحالية؟

– العلاقات مع مصر طيبة جدًا، وعلاقات وثيقة، وأمن مصر من أمن السودان، والقضايا التي تربط البلدين، قضايا حياتية، ومن يتآمر على السودان، هو متآمر على مصر فى الأساس، والمواقف المصرية كلها إيجابية، ويبدو ذلك فى تصريحات المسؤولين فى مصر.

وأهم شىء تعلنه مصر، هو الوقوف مع وحدة الأراضى السودانية، وسيادة السودان، ودعم المؤسسات الوطنية السودانية وعلى رأسها القوات المسلحة السودانية، فمصر لا تقبل بتقسيم السودان، ولا تقبل باحتلال السودان، وهذا موقف ليس بغريب على مصر، ولكنه طبيعى بحكم الروابط بين البلدين.

خلال المباحثات مع وزير الخارجية المصري، تم مناقشة الأوضاع فى القرن الأفريقى وحوض النيل، كيف ترى أهمية التنسيق المشترك فى أوضاع المنطقة؟

– نحن مع ضرورة التنسيق والتعاون مع دول القرن الأفريقى، وشرق أفريقيا، خصوصًا مصر والسودان وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتى، والدول المطلة على ساحل البحر الأحمر، فمن مصلحة هذه الدول وشعوبها أن يكون بينها تعاون، وأن تكون العلاقات بينها ودية وسلمية، لان ذلك فى مصلحة هذه الدول وشعوبها، وعلى قادة هذه الدول تحقيق هذا الهدف.

فى وقت سابق، كانت هناك مزاعم من قائد «الدعم السريع»، بتدخل مصر فى الحرب الدائرة، بماذا تفسر مثل هذه الادعاءات؟

– هذا غير صحيح، لأن الجيش السودانى، هو من يقود معركة الكرامة فى السودان.

■ ما التطورات التي تم بحثها فى القاهرة، وهل ناقشتم الدعوات الأخيرة من بعض القوى السودانية لتشكيل حكومة موازية، أو حكومة منفى؟

– خلال لقاء المباحثات مع وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطى، ناقشنا مسألة دعوات بعض القوى بتشكيل حكومة موازية، واتفقنا على أن هذا التحرك يعقد المشهد الداخلى. ومصر أكدت أنها ضد هذا التوجه، ولن تعترف بمثل هذه الحكومة، وأن موقفها ثابت تجاه السودان، بدعم الشعب السودانى والدولة السودانية ومؤسسات الدولة السودانية، وعلى رأسها القوات المسلحة السودانية.

كيف يدعم هذا الموقف، وحدة واستقرار السودان؟

– هذا موقف طبيعى من مصر، التي تعد أقرب الأطراف الخارجية بالنسبة للسودان، فكل القضايا الأساسية والحياتية مشتركة بين البلدين، على مسألة الأمن القومى للبلدين مرتبطين معًا، والأمن المائى لمصر والسودان واحد، والهم الحياتى المصري والسودانى واحد، والاستهداف الخارجى واحد.

بماذا تفسر دعوات بعض القوى السودانية مثل تنسيقية «تقدم»، لتشكيل حكومة موازية حاليا؟

– كلما تقدمت القوات المسلحة السودانية على الأرض، واستعادت مزيدًا من المناطق التي سيطرت عليها قوات مليشيا الدعم السريع، كلما زادت التحركات على مستوى الداعمين للدعم السريع، مثل تنسيقة «تقدم»، وكلما تسارعت الأجندة الخارجية، ضد السودان، بل أيضًا هناك تحركات لتحريك ملف «المجاعة فى السودان».

ما المقصود بتحريك ملف المجاعة فى السودان؟

– القوى الدولية والأجندة الدولية تتحرك بسرعة، لتحريك ملف ما يسمى بالمجاعة فى السودان، ومحاولة دفع مجلس الأمن للتدخل بسبب المجاعة التي يدعون أنها تحدث فى السودان، وهناك تقارير رفعت لمجلس الأمن، وتحركات من بريطانيا للمرة الثانية، بمشاركة القوى الأخرى، لإعداد المجلس لموضوع قضية المجاعة فى السودان.

ونحن لا نستطيع أن نفصل هذا التحرك، عن مساعى تشكيل حكومة موازية، والاثنان يشكلون مؤامرة واحدة ضد السودان.

■ ما الهدف من تلك المؤامرة؟

– الهدف الاستيلاء على السلطة، ووضع حكومة تأتمر بأمر جهات أجنبية، وتعمل على تحقيق أهداف القوى الخارجية المستهدفة لإمكانيات وثروات السودان، ويستخدمون فى ذلك أطرافًا داخلية وإقليمية، ومنظمات إقليمية ودولية.

■ البعض ينظر لهذه الدعوات باعتبارها تؤدى إلى تفتيت وتقسيم السودان، كيف ترى ذلك؟

– هذا ما ترمى إليه المؤامرة التي تحاك الآن ضد السودان، لأنه طالما أن الدعم السريع لم ينجح فى الاستيلاء على السلطة فى السودان، ويحكم السودان بكامله، فالسيناريو البديل هو تقسيم السودان، وهذا هو الهدف الذي يجرى الآن.

كيف تتفاعل الحكومة السودانية مع دعوات تشكيل حكومة موازية؟

– نعول كثيرًا على مواقف الدول الداعمة للسودان، فى هذه القضية، مثل مصر، لتوضيح بصورة قاطعة بأن هذا العمل لا يمكن الاعتراف به، لأنه يؤدى إلى تفتيت السودان، ويؤدى إلى مزيد من إضعاف السودان وإضعاف الجهود المبذولة لمعالجة الأزمات السودانية، ويعقد الموقف أكثر مما يؤدى إلى حل.

هناك دول رئيسية نعوّل عليها، فى مواجهة هذه المؤامرة، منها مصر، وأيضا لدينا علاقات قوية جدًا مع السعودية، وذهبنا إلى الخطوات الأولى التي تمت فى مسار جدة، وشاركنا فيها، ولدينا علاقات طيبة مع إريتريا، وقوى دولية مثل روسيا والصين، وأيضًا إيران والكويت وقطر، وهناك دول كثيرة يعول عليها السودان، ولها علاقات طيبة مع السودان.

وهناك العديد من الدول الأفريقية، التي انساقت خلف الدعم السريع بحكم ارتباطها مع المعسكر الغربى، ولكن هناك دول أفريقية لديها موقف إيجابى مع السودان.

كيف تقيّم الموقف الدولى تجاه جرائم الدعم السريع فى السودان؟

– الموقف الدولى تجاه ما ترتكبه مليشيا الدعم السريع، ضعيف لدرجة كبيرة، خاصة موقف الدول، فهناك منظمات، وهناك فى أمريكا بعض الأصوات من دوائر مؤثرة مثل الكونجرس ومراكز الأبحاث، وهى أكدت أن الدعم السريع يقوم بجرائم كبيرة، وهى جرائم ظاهرة وموثقة ولا تحتاج إلى مجهود كبير لتوثيقها، خصوصًا وأنها ترتكب فى مناطق تجمع المدنيين التي لا يوجد فيها قوات من الجيش، مثل ما يحدث فى بعض مناطقة ولاية الجزيرة.

ورد الفعل من المنظمات والدول ضعيف للغاية، وما قامت به المليشيا، كان كافيًا لأن يكون هناك تحرك من المحكمة الجنائية الدولية، ضد قادة الدعم السريع.

هل تفكر الحكومة السودانية فى اتخاذ اجراءات قانونية دولية ضد الدعم السريع؟

– حاليًا لا توجد مفاوضات، فالطريقة الوحيدة للتعامل مع الوضع، ما يجرى الآن، بقيام القوات المسلحة السودانية، فى السير فى اتجاه الحسم العسكرى، طالما لا يوجد مسار آخر على الساحة.

لكن كانت هناك كثير من المبادرات للتفاوض، ولم تتجاوب معها الحكومة السودانية؟

– نقول: إن الذي لم ينفذ الجزء الخاص، باتفاق جدة الإنسانى، بالانسحاب من الأعيان المدنية، هل سينفذ اتفاقًا آخر بعدها، لا بد من قراءة الواقع، والآن مع انتشار المليشيا فى أنحاء مختلفة بالسودان، أصبح من الصعب تطبيق اتفاق جدة.

وحاليًا الخرطوم على وشك استردادها كاملة من قوات الدعم السريع، وأم درمان أيضًا أكثر من 90% فى يد الجيش.. والجيش يسير فى اتجاه استرداد المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع.

■ ما سبب تأخر الحسم العسكرى من قبل الجيش السودانى أمام قوات الدعم السريع؟

– التأخر ليس سببه ضعف فى الجيش، ولكن بسبب احتماء عناصر المليشيا بالمدنيين والأعيان المدنية، وهذا ما جعل الحكومة والقوات المسلحة، أنهم لجأوا إلى مفاوضات جدة، حماية للمدنيين ومنازلهم، فأمام الجيش خياران، إما قصف أماكن تمركز الدعم السريع بالطائرات، أو يقاتل يأخذ وقتًا طويلًا، فاختار الخيار الصعب حماية للمدنين.

الخبرة السودانية مع النزاعات المسلحة والحروب الداخلية، لم يحسمها الخيار العسكرى، وإنما انتهت بالتفاوض، كما حدث فى الجنوب سابقًا وفى دارفور، إلى أى مدى هذا ممكنا مع الحرب الحالية؟

– الفرق بين الحروب السابقة، والحرب الحالية مع الدعم السريع، أن الصراعات السابقة لم تصل إلى العاصمة الخرطوم، ولم تصل إلى عمق ومركز الدولة السودانية، وكانت تحدث دائمًا فى مناطق بعيدة، ولكن الحرب الحالية، بدأت من قلب العاصمة الخرطوم، لأن «الدعم السريع»، كان جزءًا مهمًا من مكونات الدولة السودانية، وكانت عناصره حاضرة فى مؤسسات الدولة السودانية، ومنها القصر الجمهورى والقيادة العامة، ومبنى التليفزيون.

والواقع أن الجيش السودانى، استطاع أن يوقف المؤامرة، رغم تواجد تلك القوات فى مراكز ومؤسسات الدولة، وبالتالى من الصعب القياس بين سيناريوهات الصراعات السابقة، وما يحدث فى الحرب الحالية.

ما فرص عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقى؟

– رفع الاتحاد الأفريقى قرار تجميد عضوية السودان، يتطلب وفقًا للائحة الاتحاد، تشكيل حكومة مدنية، يترأسها رئيس وزراء مدنى، ووفق وثيقة دستورية، واكتمال مؤسسات الدولة المدنية، وهذا يؤهل السودان لأن يعود مرة أخرى وتتواصل جهود الاتحاد الأفريقى، لمعالجة مشكلة الحرب مع الدعم السريع، وهذا يعود إلى مجلس السلم والأمن الأفريقى، وخلال رئاسة مصر للمجلس فى شهر أكتوبر الماضى، زار وفد مجلس السلم والأمن الأفريقى، بورتسودان، والتقى المسؤولين فى الحكومة السودانية، وتبينوا أن هناك اتجاهًا لاستئناف العضوية.

نقلا عن مجلة روز اليوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *