(القاعدة الروسية بالسودان) … الصلاة سرا وجهرا ..!
بقلم : إبراهيم عربي
في الواقع تباينت الأنباء بشأن القاعدة الروسية علي شواطئ البحر الأحمر في السودان ، قالت وكالة بلومبرج الالمانية أن السودان رفض طلبا روسيا لبناء القاعدة مقابل منظومة صواريخ مضادة للطائرات من طراز (إس 400) ، وأضافت أن السودان متردد ومتخوف من ردة فعل الدول الغربية التي تقف بجانب أوكرانيا في حربها ضد روسيا ولكنها عادت وحذفت الخبر نهائيا من موقعها ويبدو إنها عملية إستخباراتية هدفت لارسال رسالة معينة ولا اعتقد إنها خافية على الطرفين .
بينما قالت مجلة (نيوزويك) الأميركية أن (السودان وليبيا) ترفضان إستضافة قوات روسية في أراضيهما، مما يهدد مواطئ أقدام حليفهما موسكو في القارة السمراء بعد انهيار نظام بشار الأسد في سوريا ، وأشارت أن روسيا وقعت مع نظام البشير في السودان إتفاقا لإنشاء قاعدة بحرية لم يكتمل الإتفاق حولها بسبب الثورة والحرب في البلاد 2023 .
علي كل يبدو أن تطور العلاقات السودانية الروسية ووقوف موسكو بقوة مع السودان لدرجة إستخدامها حق النقض (الفيتو) الذي أجهضت به مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن الدولي ، كان يهدف لخلق نوع من التدخل في الشأن السوداني بصورة تقوض سيادة الدولة ، قد سبب ذلك إزعاجا وإرتباكا لأعداء السودان الذين كانوا يريدون النيل منه أرضا وشعبا ولذلك كثر حديثهم وتباينت معلوماتهم المغلوطة بشأن القاعدة الروسية بصورة مقصودة .
ولكنها من الواضح قد سببت أيضا أزعاجا لدى سفارتي البلدين في كل من السودان وروسيا ، ولذلك صوب سفير السودان لدى موسكو محمد الغزالي التجاني سراج نحو الهدف مباشرة ، مكذبا تلكم التقارير الدولية وقال إنها كاذبة ومضللة ، ونفي السفير بشدة أن يكون السودان قد تخلى عن إتفاقه مع موسكو بشأن نقطة الدعم الروسية على ساحل البحر الأحمر، مؤكدا أن علاقات البلدين السودان وروسيا قد تطورت لأعلى مستوياتها ، وقال السودان يدرس الإتفاق ..!.
بلا شك أن هذا التطور في العلاقات بين البلدين جاء نتيجة ثمرة جهود بذلتها سفارة السودان في موسكو بقيادة السفير سراج الذي كسب ثقة روسيا وظل مكان إحترام وتقدير ، وبالطبع يعود له الفضل في تطوير هذه العلاقات بالأصالة في إطار المصالح المشتركة وليست بالوكالة كما ظلت تروج لها أمريكا ، وبالتالي نشطت حركة تبادل الوفود الرسمية والفنية في مجالات عديدة وتصب جميعها في إطار هذه العلاقات الثنائية القائمة على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة ، وهي بالطبع غير موجهه ضد أي طرف ثالث .
وليس ذلك بعيدا عن لقاء سفير روسيا المفوض بالسودان أندريا شرنوبل بالدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، بشأن الترتيبات لزيارة (ثلاثة) وفود من رجال أعمال بروسيا إلى السودان خلال الفترة المقبلة لتوقيع إتفاقيات في مجالات (الكهرباء، الطاقة، الموانئ) تمت مناقشاتها عبر زيارات متبادلة بين الطرفين .
علي كل أشاد وزير المالية الدكتور جبريل بتطور العلاقات بين البلدين داعيا إلي تطويرها إلى علاقات (تعاون استراتيجي) في المجال الاقتصادي، وبل أكد الوزير إستعداد السودان لسداد مستحقات روسيا بمجرد تحديد وزارة المالية بروسيا لآلية السداد المناسبة بشأن المشروعات .
وبالتالي يبدو أن العلاقة بين البلدين تمضي لشراكة إقتصادية لا سيما وأن للسودان ميزات تفضيلية
في ثلاثتهم (الكهرباء ، التعدين والموانئ) سال لها لعاب كثير من الدول والتي ليست بعيدة عن تداعيات الحرب التي إندلعت في البلاد ولا تزال مستمرة منذ أكثر من (20) شهرا والتي شاركت بدرجات مختلفة ، وبلا شك نتوقع نجاح هذه الشراكة المهة إقتصاديا مع روسيا وستعود بالفائدة للطرفين .
وبالتالي يبدو واضحا أن العلاقات بين البلدين في تطور ملحوظ فيما إرتفعت أصوات تطالب بتطويرها لشراكة إستراتيجية ، لا سيما وأن هنالك نقاشات تتم علي نار هادئة بشأن القاعدة الروسية وغيرها وظل الحديث عنها دبلوماسيا وبحصافة وبالطبع سيظل السر سرا والجهر جهرا ..!.
الرادار .. الخميس 26 ديسمبر 2024