الفيتو الروسي.. هزيمة امبراطورية لا تغيب عنها الشمس

تقارير أخباري : هبة علي

جدل كثيف اكتنف المشهد داخلياً وخارجياً إزاء استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار البريطاني المتعلق بالسودان
والذي يطالب بوقف فوري للأعمال القتالية في السودان وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية ونقاط أخرى تتعلق بحماية المدنيين..

 

 

وفي جلسة لمجلس الأمن عُقدت أمس الإثنين فشل المجلس في اعتماد مشروع قرار قدمته بريطانيا لحماية المدنيين في السودان، وذلك بعدما استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” ضده.
وأيد أعضاء المجلس الـ14 الآخرون مشروع القرار البريطاني الذي “يدين استمرار اعتداءات قوات الدعم السريع في الفاشر، ويطالبها بالوقف الفوري لجميع هجماتها ضد المدنيين في دارفور وولايتي الجزيرة وسنار وأماكن أخرى”، بحسب موقع الأمم المتحدة.
وقد دعا مشروع القرار “أطراف النزاع إلى وقف الأعمال العدائية فوراً والدخول، بحسن نية، في حوار للاتفاق على خطوات وقف تصعيد النزاع للاتفاق بصورة عاجلة على وقف إطلاق النار على المستوى الوطني.

 

 

تدخّل في الشؤون السودانية

روسيا التي اجهضت مشروع القرار اتهمت بريطانيا بأنها تحاول “التدخّل في الشؤون السودانية”،وقال نائب السفير الروسي في مجلس الأمن، دميتري بوليانسكي، إن “الصراع في السودان يتطلّب حلاً سريعاً. ومن الواضح أيضاً أن الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي أن توافق الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار”.
وأضاف أن “على الأطراف المتحاربة الاتفاق على وقف إطلاق النار، وأن يقوم مجلس الأمن بمساعدتهم من غير فرض إرادته مدفوعاً بنكهة استعمارية جديدة”.
ولفت إلى أن “القرار لا يحدّد من لديه مسؤولية الأمن في البلاد والطلب لمجئ قوات أجنبية والتعاون مع الأمم المتحدة – وهي حكومة السودان. القرار البريطاني حاول نزع ذلك في طور التفاوض على مشروع القرار”، موضحاً أن “القرار يشجّع استمرار العدائيات”.

 

 

تقليل ازدواجية المعايير

الموقف الروسي من مشروع القرار لم يكن وليد الجلسة بل كان بتنسيق مع الحكومة السودانية منذ فترة طويلة طبقاً
لافادات مصادر رفيعة بمجلس السيادة وفقاً، وفقاً لجريدة السوداني، وما إن إستخدامت روسيا الفيتو حتى رحبت الحكومة السودانية السودانية بهذا الموقف على لسان وزارة الخارجية.
وأكدت الوزارة في بيان صحفي أن هذا الموقف يعكس التزام روسيا بمبادئ العدالة واحترام سيادة الدول، بالإضافة إلى دعم استقلال ووحدة السودان ومؤسساته الوطنية.
وأشادت الخارجية بالموقف الروسي، مشيرة إلى أنه يعبر عن دعم حقيقي لمبادئ القانون الدولي. وأكد البيان أن الحكومة السودانية تقدر هذا الدعم، الذي يأتي في وقت حساس بالنسبة للبلاد، ويعكس التزام روسيا بمساندة السودان في مواجهة التحديات التي يواجهها.
قال البيان : تأمل الحكومة السودانية أن يسهم هذا الموقف في إنهاء استخدام مجلس الأمن كمنبر لفرض الوصاية على الشعوب، ويعزز من الشفافية والديمقراطية. كما تأمل أن يساهم ذلك في تقليل ازدواجية المعايير التي تؤثر سلباً على دور المجلس في تعزيز السلم والأمن الدوليين.

 

 

ندبة على الضمير الجماعي

و وجد إستخدام روسيا الفيتو سخط بريطانيا التي اعتبرت الموقف الروسي “عار”، وقال الوزير البريطاني ديفيد لامي إن المدنيين السودانيين عانوا عنفاً لا يمكن تصوره خلال الحرب، وإن هذه المعاناة ندبة على الضمير الجماعي.
وأضاف: ” في وجه هذه الأهوال عملت المملكة المتحدة وسيراليون لجمع هذا المجلس معاً لمعالجة هذه الأزمة والكارثة الإنسانية لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، والدعوة لوقف إطلاق النار، دولة واحدة وقفت في طريق تحدث المجلس بصوت واحد، دولة واحدة هي المعرقلة وهي عدوة السلام.
وأردف: “إن الفيتو الروسي (عار)» على الرئيس فلاديمير بوتين الذي «يشن حرباً عدوانية على أوكرانيا، عار على بوتين لاستخدام مرتزقته لنشر الصراع والعنف في أنحاء القارة الأفريقية.

 

 

غطاء لاستمرار المذابح في السودان

وعلى نسق بريطانيا جاءت ردود الفعل من بعض القوى السياسية والمدنية المحلية، حيث أعربت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” عن استنكارها للموقف الروسي واعتبرته يشكل غطاءً لاستمرار المذابح في السودان ويعيق جهود التصدي لأكبر مأساة إنسانية في العالم، حسب قولها .
وقالت أن الاهتمام رفيع المستوى والإجماع العالمي الذي شهدته جلسة مجلس الأمن يمثل بارقة أمل للسودانيين .
وأشادت تقدم بالجهد الذي بذلته بريطانيا وسيراليون في صياغة مشروع قرار يدعو لوقف الحرب في السودان وشكرت كافة الدول الأعضاء التي صوتت لصالحه.

 

 

الوقوف أمام ارادة الشعوب

من جانبه يرى المحلل السياسي أحمد خليل أن استخدام روسيا للفيتو في مشروع هذا القرار بمثابة وقوف أمام ارادة الشعوب لوقف الحرب في السودان، مشيراً إلى التأييد الدولي بالتصويت لصالح القرار باجماع 14 عضو عدا روسيا العضو ال15.
ولفت خليل من خلال حديثه لـ”النورس نيوز” إلى أن الحكومة الروسية صوتت لمصالحها في السودان والتي تتأتي بأستمرار الحرب والمتمثلة في سرقة الذهب.
وأضاف: “قامت روسيا بتهريب مئات الأطنان من الذهب بشكل غير قانوني من السودان على مدى السنوات الماضية كجزء من جهود تسعى لـ”بناء حصن لروسيا” ودرء إمكانية زيادة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على موسكو منذ بداية الغزو على دولة أوكرانيا” .
وتابع؛” إن رفض روسيا والوقوف امام المجتمع الدولي ليس بغريب على روسيا التي لا تهتم بحقوق الانسان.

 

 

التباين الخارجي مرآة التباين الداخلي

إلى ذلك يرى المحلل السياسي بشير علي أن المواقف الخارجية لا تنفصل عن مواقف الداخل، مشيراً إلى أن التباين يعبر عن إمتداد الصراع الدولي على الموارد.
علي أوضح بحديثه لـ”النورس نيوز” أن إنتظار الحلول من الخارج هو اجهاض لمشروع الوطن الذي يجب أن ينبني بوحدة أبنائه عليه.
وأردف: ” التباين الخارجي مرآة التباين الداخلي “.

Exit mobile version