الخرطوم : هبة علي
على نحو مفاجئ أعلن قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل انحيازه للجيش والقتال بصفوفه، الأمر الذي أحدث ربكة في معادلات الحرب وكفتها التي رجحت مؤخراً لصالح عمليات الجيش البرية، واعتبر مراقبون انحياز كيكل ضربة عسكرية ومعنوية لقوات الدعم السريع وتحول ميداني مهم، فيما قلل آخرون من هذه الخطوة باعتبار أن الحرب لن تتوقف ما حدث محض كسب نقاط عسكرية وسياسية قد تؤثر إيجاباً في التوصل لاتفاق ينهي الحرب..
وانضم قائد قوات درع السودان للقتال في صفوف قوات الدعم السريع في أغسطس العام الماضي، ويعتبر من أبرز قادة الدعم السريع في وسط السودان، بالإضافة إلى المقدم عبد الرحمن البيشي الذي قُتل في غارة جوية في ولاية سنار، ويعود أصل أبو عاقلة كيكل إلى منطقة البطانة في ولاية الجزيرة، واستطاعت قواته السيطرة على الولاية (عدا مدينة المناقل) وعدد من المناطق الاستراتيجية مع حدوث انتهاكات واسعة وجرائم حرب ضد المواطنين.
الجيش يؤكد الانحياز ويجدد العفو
وفي بيان رسمي صدر يوم أمس أكد الجيش انحياز كيكل لصفوفه وقرر القتال جنباً إلى جنب مع قواتهم.
وأشار البيان إلى أن كيكل ومعه مجموعة كبيرة من قواته انضمت لهم بعد أن تكشف لهم زيف وباطل دعاوى مليشيا آل دقلو الإرها_بية وأعوانهم، وأنهم مجرد أدوات رخيصة لتمرير أجندة إجرامية دولية وإقليمية لتدمير البلاد أرضاً وشعباً ومقدرات.
ورحب البيان بهذه الخطوة التي وصفها بالشجاعة، مشدداً على أن أبوابه ستظل مشرعة لكل من ينحاز إلى صف الوطن وقواته المسلحة، مجدداً عفو السيد رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة لكل من ينحاز لجانب الوطن ويبلغ لأقرب قيادة عسكرية بكل مناطق السودان.
الدعم يكشف ملابسات ما حدث
من جانبها ومن خلال بيان لها كشفت قوات الدعم السريع ملابسات انحياز قائد منطقة الجزيرة أبوعاقلة كيكل، لقوات الجيش، قائلة إنها وضعت كافة التدابير العسكرية والاستخباراتية التي تحافظ على سيطرتها واستتباب الأمن وتوفير الحماية للمدنيين، ولن يغير ما وصفته بـ”الحدث العابر” من الواقع.
وأضاف البيان أن قوات الدعم السريع رصدت في الآونة الأخيرة تحركات مريبة لـ “كيكل” بعد أن أخفى نفسه رفقة أفراد من أسرته.
وقال البيان، إن قوات الدعم السريع “رصدت كافة تحركاته مع بعض قيادات حزب المؤتمر الوطني، حيث تم شراؤه – في صفقة – قادها شقيقه عبر سلسلة اجتماعات في القضارف وبورتسودان، وما انتهت إليه من مساومة قضت بتسليم نفسه لميليشيا البرهان، مقابل عمل عسكري واستخباراتي مرتجى، ولكن هيهات فقد جرت الترتيبات العسكرية بشكل جيد”.
إنتقال يخلق مزيداً من التصعيد
“لا اعتقد أنها ستخرج من إطار الإعلام وسيتم استثمارها كدعاية إعلامية كبيرة كما هو واضح” هكذا ابتدر المحلل السياسي عادل سيد أحمد حديثه لـ” النورس نيوز”، مشيراً إلى أن وجود كيكل لدى طرف الدعم السريع كان يشكل وقوداً للحرب وفظائعها.
وقال إن الحرب مستعرة ومستمرة رغم إنضمام كيكل للطرف الآخر، لافتاً إلى أن الإنتقال لن يفيد كثيراً طالما أن آلة الحرب مازالت تعمل.
وأردف: “إنتقال الرجل سيخلق مزيداً من التصعيد، ويبدو أن كل طرف يسعى لأخذ نقطة من الآخر سواءاً على المستوى العسكري اوالمستوى السياسي”.
وأضاف: “اتوقع أن تكون في ذهنية قادة الدعم السريع أن يحققوا خطاً من هذا النوع وهذا الفهم سيعقد الأمور أكثر وسيذهب للحرب في مناحي مختلفة”.
خطوة مهمة في طريق السلام
أما الخبير الأمني والعسكري د. طارق محمد عمر فيرى أن تسليم كيكل وقواته للجيش خطوة مهمة في طريق السلام.
وتوقع من خلال حديثه لـ”صدى السودان” أن يحذوا حذو كيكل عدد من القادة .
وأضاف:” سيترك انحيازه أثراً سالباً على بقية القوات المتمردة”.
تجريد من صبغة القومية
الخبير الأمني أبو بكر عبد الرحيم أوضح أن انشقاق أبو عاقلة محمد أحمد كيكل يعتبر ضربة عسكرية ومعنوية لقوات الدعم السريع، ويعطي دفعة معنوية وعسكرية للجيش في عملياته بولاية الجزيرة.
وأشار عبد الرحيم إن كيكل يملك معلومات عن قواته ونقاط ضعفها وقوتها، مما يؤدي لتحقيق تقدم سريع، كما أن قواته تنتشر من شرق النيل في شرق ولاية الخرطوم حتى منطقة شرق الجزيرة التي تنفتح على ولاية القضارف وكسلا في شرق السودان.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد الخبير الأمني أن ما حدث يُعتبر اختراقا استخباريا لقوات الدعم السريع، التي فوجئت بقائد قواتها ينضم إلى الجيش الذي يقاتلها، حيث ستجردها هذه الخطوة من الصبغة القومية بتمثيل وسط السودان، كما أن أكثر من 60% من قواتها بولاية الجزيرة هم من أبناء المنطقة.