قمة خماسية بالتزامن مع التصعيد العسكري.. أزمة السودان في “مفترق طُرق”
الخرطوم – هبة علي
قمة مرتقبة تجمع قيادة الجيش وقيادة الدعم السريع لمناقشة التطورات الأخيرة في أزمة السودان وتعزيز الوصول لاتفاق إحلال سلام، في وقتٍ يشهد السودان تصعيداً عسكرياً أخل بموازين القوة التي كانت ترجح كفة الدعم السريع وأصبحت الآن بكفة الجيش، الأمر الذي يتوقع أن يؤثر على لقاء الجنرالين في القمة وعلى مواقفهما المسبقة تجاه الحل السلمي.
واندلع القتال بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل العام الماضي، وتسبب في أزمات إنسانية عديدة وخلف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، و ما يقارب عشرة ملايين نازح ولاجئ، فضلاً عن شبح المجاعة الذي يهدد حياة “25” مليون سوداني، وإضافة إلى تدمير البنية التحتية للبلاد.
الترتيب القمة الخماسية
مصادر رفيعة لـ”الشرق” كشفت عن عقد قمة أفريقية خماسية برئاسة الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني في الثالث والعشرين من أكتوبر الجاري. وبحسب المصادر سترتب القمة الخماسية لعقد لقاء بين رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” لمناقشة حرب السودان.
وستشارك في القمة دول إقليم شرق أفريقيا برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، وإقليم غرب أفريقيا برئاسة الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو، وإقليم وسط أفريقيا برئاسة الرئيس تيودورو أوبيانغ نغيما، وإقليم شمال أفريقيا برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى إقليم جنوب أفريقيا برئاسة الرئيس الأنغولي جواو لورينسو.
هجمات وسيطرة جديدة
ويأتي هذا متزامناً مع تغييرات في موازين القوة بين الجيش والدعم السريع، فمنذ ما يقارب الأسبوعين صعّد الجيش عملياته العسكرية بشن هجمات واسعة على مواقع قوات الدعم السريع تمكن من خلالها على بسط سيطرته على بعض المواقع في الخرطوم وبحري وسنار ، وفي غضون ذلك، أعلنت القوة المشتركة المساندة للجيش، تحقيقها انتصارات على الدعم السريع بغرب البلاد والسيطرة على قاعدة عسكرية تتبع لقوات الدعم السريع في ولاية شمال دارفور، وتكبيدها خسائر في الأرواح والآليات العسكرية، بالإضافة إلى أسر العشرات من الجنود وفق بيانات لها صدرت بالأيام القليلة الماضية.
نجاح اللقاء يواجه تحديات
وفي هذا السياق قال المحلل السياسي محمد عبد العزيز إن اللقاء الأفريقي الخماسي المرتقب، الذي يتم دعمه من مجلس الأمن، يهدف إلى إنهاء الحرب السودانية عبر خطة متكاملة تتضمن وقف إطلاق النار الدائم، نزع السلاح من المدن، ونشر قوات أفريقية لحماية المؤسسات الاستراتيجية، مشيراً إلى أن نجاح هذا اللقاء يواجه تحديات كبيرة، أبرزها الإرادة السياسية.
عبد العزيز اعتبر من خلال حديثه لـ” النورس نيوز” أن الرهان على ميزان القوى على الأرض أمر لا يمكن التعويل عليه كثيراً لاعتبارات تتعلق بكونه متغيير وغير دائم،فضلاً عن أن هذه الانتصارات لا يمكن صرفها في البورصة السياسية في ظل الموقف الدولي من طرفي الحرب.
ويرى عبد العزيز أن هذه التغييرات ستنعكس على المفاوضات، مرجحاً أن تؤدي إلى إعادة النظر في بعض البنود، خاصةً إذا تحققت مكاسب عسكرية جديدة لأي من الطرفين، وأردف: “كما أن تأثير الدعم الدولي وخاصة من مجلس الأمن قد يسرع في تنفيذ مخرجات منبر جدة، لكن هذا يعتمد على مدى قبول الأطراف الداخلية لخارطة الطريق المقدمة” .
وأوضح أن التحديات الرئيسية تكمن في تعدد المبادرات السابقة وفشل بعضها نتيجة تداخل الأجندات الدولية والإقليمية، بالإضافة إلى عدم استعداد الأطراف المتصارعة للتنازل،وأضاف:” بالتالي حتى وإن كان هناك دعم من الإتحاد الأفريقي أو مجلس الأمن، يبقى نجاح هذا اللقاء مرهونًا بمدى التزام الأطراف السودانية نفسها بتنفيذ الحلول المقترحة والتخفيف من حدة الصراع الداخلي” .
تغييرات جديدة بالتفاوض
من جانبه يرى خبير التفاوض والأزمات اللواء م / د. أمين المجذوب، الدخول الأفريقي في الأزمة السودانية لن يكلل بالنجاح إلا بتشبيك الجهود الأفريقية مع منبر جدة، مشيراً إلى أن الحكومة السودانية لديها تحفظات عديدة على التحركات الأفريقية في الاتحاد الافريقي او الإيقاد أو حتى الدول المفتاح في أفريقيا مثل جنوب أفريقيا وإثيوبيا وكينيا ويوغندا، لذلك فرص نجاح لعمل أفريقي منفرد ضعيفة جداً،منوهاً إلى أن الدول الأفريقية تسعى لإرسال قوات أفريقية للفصل بين الجانبين.
واضح المجذوب من خلال حديثه لـ” النورس نيوز” أن موازين القوة تغيرت على الأرض ومالت للقوات المسلحة التي إنتقلت من مرحلة الحصار إلى الدفاع والدفاع النشط ثم إلى مرحلة الهجوم وإلى مرحلة المطاردة الآن، وأضاف: “لذلك ستكون هنالك متغيرات في التفاوض جديدة وتتغير بنود جدة وبنود المطالب الحكومية”
وأبان أن الدعم السريع يبحث الآن عن دور مستقبلي سياسي_عسكري، لافتاً إلى حل الدعم السريع داخلياً بقرار من الدولة،وأنه لا خيار الدعم السريع اما الدمج في القوات المسلحة أو الحل والدمج.
وأردف:” القوات المسلحة تطالب الآن بالخروج من الولايات وليس الخروج من منازل المواطنين مثلما كان بجدة ولاية الخرطوم فقط، لأن الحرب تمددت إلى 6 وهذا سيكون من تغيير البنود”.