النورس نيوز- هبة علي
على نحوٍ غير متوقع وفي إطار الجهود الدولية لوقف الحرب أعلن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو عن ترتيبات لإرسال قوات أفريقية لحماية المدنيين في السودان، وقد أثارت هذه الخطوة ردود أفعال إقليمية ومحلية، بين رافض لجهة أن القتال مازال مستمراً، وداعم بمبرر تصاعد التوترات في السودان الذي يزيد من معاناة المدنيين ويعرضهم للخطر، وبين هذا وذاك يرى مراقبون أن تصريح بيرييلو محض تلويح بالتصعيد.
واندلع القتال بين القوات المسلحة والدعم السريع في منتصف أبريل العام الماضي، وتسبب في أزمات إنسانية عديدة وخلف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، و مايقارب عشرة ملايين نازح ولاجئ، فضلاً عن شبح المجاعة الذي يهدد حياة “25” مليون سوداني، وإضافة إلى تدمير البنية التحتية للبلاد، ومع فشل مجهودات وقف الحرب برزت توصيات أممية تطالب بنشر قوات دولية في السودان لحماية المدنيين.
بيرييلو يكشف عن قوات التدخل
وقد أعلن المبعوث الأميركي إلى السودان، توم بيرييلو ، عن خطوات وترتيبات لوقف الحرب، تتمثل في إعداد «قوات تدخل» أفريقية لحماية المدنيين في السودان، بعد تعثر محادثات جنيف في التوصل إلى وقف إطلاق النار والعدائيات بسبب رفض الجيش السوداني المشاركة فيها.
وقال بيريللو، الأربعاء الماضي ، خلال لقاء مجموعة من الصحافيين في نيروبي، بينهم «الشرق الأوسط»، إنهم «فتحوا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي من أجل إعداد وتجهيز قوات للتدخل لحماية المدنيين في السودان، بيد أنه أحجم عن كشف الوقت المحدد لذلك».
وأشار الدبلوماسي الأميركي إلى «إجماع كبير من دول العالم» خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، على وقف الحرب في السودان، واستعادة مسار الحكم المدني.
مصر ترفض مع دول أخرى
من جهته أكد سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي محمد جاد في تصريحات نقلتها صحيفة الشروق المصرية رفض مصر بشكل قاطع إرسال قوات أفريقية للسودان.
وأكد السفير المصري رفض بلاده القاطع لهذا الطرح الذي سبق أن نوقش في اجتماع على هامش فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي، وقد رفضته مصر والدول الأفريقية الأخرى التي شاركت فيه.
وتساءل السفير المصري “كيف يمكن إرسال قوات وما زال القتال دائرا في عدة مناطق في البلاد؟”، في حين أن الأولوية يجب أن تكون لوقف إطلاق النار.
خطوة غير مدروسة
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أفريقيا العالمية د. محمد خليفة قال :”لا أعتقد أن هنالك ترتيبات هي مجرد تصريحات من المبعوث الأمريكي لبعض الجهات التي يمكن أن تساهم في هذه القوات، مشيراً إلى أن القضية مازالت في طور المشاورات الأولية.
و وصف خليفة الخطوة من خلال حديثه ل” النورس نيوز”بغير المدروسة إذا كانت على وشك أن تنفذ، لافتاً إلى أن وضع السودان لا يتلاءم مع وجود قوات لحماية المدنيين لأن المناطق في السودان تنقسم إلى مناطق آمنة تحت سيطرة الجيش أو مناطق غير آمنة وهي تحت سيطرة الدعم السريع ولا توجد قوات تأتي من الخارج للدخول في منطقة عسكرية او حربية كمناطق الإشتباكات بين الجيش والدعم السريع لتحمي المدنيين لأنها بهذه الطريقة تكون قد حكمت على نفسها بالهلاك .
وأردف: “التجربة يجب أن تدرس دراسة كفاية على ضوء التجارب السودان السابقة في مثل هذا النوع من القوات فكانت من قبل قوات حفظ السلام يوناميد وكان معظم عملها تحت حماية الشرطة السودانية ولم تستطع أن تقدم شيئاً.
وأضاف:” المبعوث الأمريكي يريد أن يدير الأمر من على البعد، وحان الوقت ليأتي إلى السودان ويرى الوضع الواقع على الأرض لأن التقارير والإفادات التي تصله من أطراف معينة تجعل الوعي مغبش وغير قادر على صناعة قرار مناسب.
وشدد خليفة على أن الخطوة قفزة في الظلام إذا تم تنفيذها ولن يكتب لها النجاح لأن الأرض غير ممهدة والواقع كذلك، ولابد من النظر كذلك لعلاقة السودان بالاتحاد الأفريقي وغيرها فالعلاقات مقطوعة.
وتابع: من أين ستأتي هذه القوات وكيف يتم التنسيق، وكان مؤخراً لقاء البرهان بمجلس السلم والأمن الأفريقي ولم تتم الإشارة إلى هذا الأمر وهذا المجلس أعلى جهة في الاتحاد الأفريقي ويمكن أن تطلع على هذه القرارات وإذا لم تتناولها يعني أنها مجرد فكرة في عقل المبعوث الأمريكي ولم تدرج على أرض الواقع ولا على الآليات الأفريقية”.
مجرد فكرة أولية
وبالاتفاق مع خليفة يمضي المحلل السياسي د. الفاتح عثمان معلقاً على الخطوة، مؤكداً انها مجرد فكرة أولية تتطلب اولا تبني مجلس السلم والأمن الأفريقي لها وتمريرها عبر مجلس الأمن الدولي، وتعهد دول بتمويل هذه القوة العسكرية وقبول الدولة السودانية بدخول هذه القوة العسكرية وممارستها لمهامها، موضحاً أن هذا يتطلب أولا وجود اتفاق سلام بين الجيش والدعم السريع والا تحولت تلك القوة الي طرف ثالث في الحرب.
ولفت الفاتح من خلال حديثه لـ”النورس نيوز” إلى تجربة قوات اليوناميد والتي كانت حماية معسكرات اللاجئين فقط داخل السودان، قاطعاً بأنها تجربة فاشلة ومكلفة وتمت بموافقة الحكومة السودانية آنذاك ومكان عملها كان اقليم دارفور فقط ومع ذلك فشلت تماما في مهمتها وتمت تصفيتها.
وتابع: “الخلاصة لا مجال لتنفيذ هذا الممقترح على الاقل في الظروف العالمية الحالية”.