متاحف السودان.. بيع التاريخ والآثار في مزاد تجاري
متابعات- النورس نيوز- لم يعد نهب متاحف السودان وضياع تاريخ تليد لاقدم الحضارات أمرٌ يؤرق مضاجع السودانيين فحسب بل أصبح أمرٌ يُثير القلق الدولي، فقبل يومين أعربت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” عن قلقها البالغ إزاء تقارير تحدثت عن عمليات نهب واسعة طالت المتحف القومي السوداني ومواقع أثرية أخرى في السودان.
وقال بيان أصدرته اليونسكو إن “المنظمة يساورها قلق بالغ إزاء التقارير الأخيرة بشأن احتمال تعرض العديد من المتاحف ومؤسسات التراث في السودان بما في ذلك المتحف القومي إلى النهب والتدمير على يد جماعات مسلحة”.
ويقع المتحف القومي وسط الخرطوم، وهي منطقة خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع منذ الأيام الأولى لبدء الحرب.
ودعت اليونسكو المجتمع الدولي إلى بذل قصارى جهده لحماية تراث السودان من الدمار والاتجار غير المشروع، حاثةً أطراف النزاع إلى الامتثال إلى القانون الدولي الإنساني من خلال الإحجام عن تدمير الممتلكات الثقافية أو نهبها أو استخدامها لأغراض عسكرية.
وكشفت عن ورود تقارير أفادت بسرقة العديد من المجموعات الهامة التي تشهد على تأريخ السودان البارز من متحف الخليفة عبد الله التعايشي بأم درمان ومتحف نيالا بولاية جنوب دارفور.
وأوضحت أنها تقوم بالتحقق بصورة وافية من هذه التقارير لتحديد حجم الأطراف.
محلياً قالت مديرة المتاحف في الهيئة القومية للآثار ورئيس لجنة استرداد الآثار السودانية إخلاص عبد اللطيف لوكالة فرانس برس “نعم تعرّض متحف السودان القومي لعملية نهب كبيرة”.
وأضافت أنه تمّ رصد عبر الأقمار الصناعية “خروج شاحنات كبيرة محمّلة بكل القطع الأثرية المخزّنة في المتحف عن طريق أم درمان متجهة نحو الغرب”، مشيرة إلى أن هذه المسروقات تباع في المناطق الحدودية وخصوصا على الحدود مع جنوب السودان.
ولم يتبين بعد حجم المسروقات أو قيمتها لصعوبة وصول المسؤولين إلى المتحف. وتقول عبداللطيف إن مخازن المتحف القومي “تعتبر مستودعا رئيسيا لجميع آثار السودان”.
وتم افتتاح المتحف القومي عام 1971، وهو يقع في الخرطوم ويطل مدخله على ضفة النيل الأزرق، ويضم مقتنيات وقطعا تؤرّخ لجميع فترات الحضارة السودانية بدءاً من العصور الحجرية وحتى الفترة الإسلامية مروراً بالآثار النوبية والمسيحية.
ومن بين الأسباب التي دفعت إلى إنشاء المتحف إنقاذ القطع الأثرية وبقايا بعض المعابد سواء من الحضارة النوبية أو المصرية القديمة من أن تغمر بالمياه في فترة بناء السدّ العالي في أسوان في جنوب مصر.
وفي مطلع سبتمبر الجاري، دفع نحو 200 باحث سوداني بمذكرة إلى رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت لمطالبته بالتدخل لاستعادة آثار قيمة جرى نهبها من المتحف القومي السوداني في العاصمة الخرطوم ونقلها إلى أراضي دولة جنوب السودان وعرضها للبيع.
من جانبه أوضح مدير إدارة الكشف الأثري بالهيئة العامة للآثار والمتاحف عبدالحي عبدالساوي من خلال حديثه لـ”صدى السودان” أن هنالك اتفاقيات لاسترداد القطع المسروقة، مشيراً إلى أن السودان موقع على هذه الاتفاقيات.
وأبان أن القطع المتحفية المسروقة عادة تكون موثقة وتحمل رقم متحفي مكتوب عليها.
وأردف: “عادةً تقوم الدولة بإصدار نشرة حمراء تحتوى على كشف باسماء القطع وتوزع على الانتربول فى كافة الدول، فإذا عُرضت يتم إبلاغ الهيئة بذلك وتتم عملية الاسترجاع بين الدولتين.
ولفت عبد الساوي الي أن هنالك بعض القطع التى تم إرجاعها للسودان، منوهاً إلى أن المشكلة فى القطع التى تسرق من المواقع الأثرية عن طريق الحفر غير القانونى.
أما خبير القانون الدولي د. أحمد المفتي فقد تحدث إلى “صدى السودان” عن مايكفله القانون الدولي لعودة المنهوبات الأثرية، موضحاً أن الدولة تقدم طلب الاستراد أولاً للدولة المعنية لأن القانون الدولي يكفل ذلك ، وذلك هو الحل الدبلوماسي .
وأبان أن الحل الودي الدولي هو تقديم الطلب عبر اليونسكو للقيام بمساعي حميدة .
وأضاف:” لم اسمع بالجوء إلى محاكم دولية ، على الرغم من أنه تسبيب ضرر ، لكن ليس هنالك مايمنع من اللجؤ لمحاكم دولية” .