الخرطوم – نبيل صالح
لا سبيل لآلاف السودانيين في المناطق التي تحاصرها ميليشيا الدعم السريع غير انتظار مصائرهم بالموت جوعاً أو المخاطرة بالنزوح منها إلى المناطق الآمنة بينما يواجه الملايين في أكثر من (8) ولايات خطر جائحة الكوليرا التي تسجل يومياَ أرقاما مخيفة.
وحسب المواطنين بإقليم النيل الأزرق الذي يرزح تحت حصار الميليشيا أن أغلب السكان عاجزون عن توفير الحد الأدنى من الغذاء حتى بأموالهم للارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية الأساسية مثل “دقيق القمح و الذرة”.
وتقول المواطنة نورا عبدون التي تقيم بمدينة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق أنهم احياناً يقضون ساعات طويلة بحثاً عن (الدقيق) في متاجر المدينة التي تكاد تكون فارغة من البضائع والسلع الغذائية جراء الحصار المضروب على الإقليم منذ أشهر من قبل مليشيا الدعم السريع، بينما يعيش عشرات الآلاف من النازحين في مراكز إيواء النازحين بالمدينة نفسها أوضاعاً إنسانية في غاية السوء.
ولا تتوقف معاناة المواطنين في النيل الأزرق على صعوبة الحصول على الغذاء فحسب، فإلى جانب الأمراض التي تستشري في مساحات واسعة من الإقليم يجد المواطنين صعوبات بالغة في الحصول على الدواء الأمر الذي يهدد حياة مئات الآلاف من السكان والنازحين الذين فروا إليها عقب اندلاع أعمال العنف في ولاية سنار.
وفي صورة قاتمة لمصير أكثر من (5) ملايين مواطن في ولاية الخرطوم، أطلق الناشطون نداءات عاجلة لإنقاذ الملايين من الانحدار إلى مرحلة الجوع الشديد ويلجأ اغلب سكان العاصمة إلى غرف الطوارئ والمتطوعين الذين يقومون بتمويل (التكايات) للحصول على الطعام في وضع يظهر تعمق الأزمة الإنسانية في السودان بعد (17) شهرًا من القتال بين الجيش وميليشيا الدعم السريع.
ورغم وصول قوافل الإغاثة إلى عدد من الولايات بما في ذلك العاصمة الخرطوم عقب الاتفاق الإنساني بين الجيش و مليشيا الدعم السريع، في مفاوضات جنيف إلا أن الوضع في أحياء الخرطوم وأم درمان وبحري تكاد تنزلق إلى مرحلة الجوع.
وطبقا لـ”الترا سودان” إن هناك عدة ملاحظات مؤرقة فيما يخص الوضع الإنساني في العاصمة السودانية، أبرزها تزايد طوابير طالبي الطعام في المطابخ الجماعية التي يشرف عليها المتطوعون من غرف الطوارئ والناشطون في لجان المقاومة.
ويواجه ما لايقل عن خمسة ملايين شخص في العاصمة السودانية خطر الجوع، أو هم على مسافة قريبة من مرحلة الجوع الحاد في المدن الثلاث التي تشمل أم درمان وبحري والخرطوم، وأغلب المتأثرين بنقص الغذاء يعيشون في مناطق تسيطر عليها مليشيا الدعم السريع.
وتعتقد تقارير صحفية أن النهب والقتل والتشريد وتوقف الحياة العامة في مناطق سيطرة الدعم السريع عبر عناصرها الباطشة أثرت على كيفية استئناف المدنيين لحياتهم، واضطروا للبقاء بين أربعة جدران ينتظرون مساعدات شحيحة من المتطوعين، ولا يمكن الوصول إليهم عبر المنظمات الدولية التي تستغرق وقتًا في المفاوضات والبيروقراطية.. وحذرت الوكالات الاممية من تعرض نحو (16) مليون شخص في ولايتي الجزيرة والخرطوم للجوع الشديد.
وفي ولاية كسلا أعربت مسؤولة في القطاع الصحي عن قلقها من الانتشار المخيف للكوليرا وقالت إن محلية واحدة في الولاية سجلت أكثر من(260)حالة، بينما تجاوزت عدد الوفيات جراء الجائحة الـ “18” حالة وفق آخر الإحصائيات، وتوقعت المسؤولة التي طلبت حجب اسمها في حديثها لـ”النورس نيوز” تزايد الحالات نظراً لتردي صحة البيئة وعدم توفر الأدوات الكافية للحد من انتشار الكوليرا خصوصاً في المناطق العشوائية ومراكز الإيواء التي نادرا ما توفر دورات مياه صحية للنازحين.
وتقول الناشطة في مجال حقوق الإنسان حنان ابراهيم لـ”النورس نيوز” أن الأوضاع الأنسانية المتمثلة في صعوبة الحصول على الغذاء والدواء في حاجة عاجلة لتدخل الدولة بكل آلياتها لإنقاذ مئات الآلاف الذين يواجهون خطر الفناء بالجوع أو المرض، وتمضي ” نعلم جيدا الظروف التي تواجهها الدولة السودانية من حرب شعواء لكن هذا لا يعني أن تغض الطرف عن الأوضاع في كل ولايات السودان التي تعاني من ويلات الحرب أو الظروف الطبيعية أو الأمراض” ودعت حنان مليشيا الدعم السريع بفك الحصار عن المدن والارياف من أجل المدنيين والا تتخذ الجوع والمرض أجندة لتحقيق أغراضها السياسية.